
تقارير | بقش
تشتد المواجهة غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل لتمتد تداعياتها البالغة من اقتصادي الطرفين إلى المؤشرات المالية العالمية وأسواق الطاقة وحركة الطيران الدولية، في حين هددت طهران باستهداف البنية التحتية والاقتصاد الإسرائيلي.
وانتشر الذعر في أسواق الطاقة، وسط مخاوف من إغلاق مضيق هرمز، كما هددت إيران، وسجلت أسعار النفط ارتفاعاً بنسبة 7% منذ شنت إسرائيل هجومها على إيران وفق متابعات بقش، ويُتوقع على المدى القصير ارتفاع حاد في أسعار النفط مدفوعاً بعامل الخوف، إذا ما تأثرت إمدادات النفط من دول الخليج خاصة عبر مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط عالمياً.
وقد قال وزير الطاقة الأمريكي إن واشنطن تعمل عن كثب مع مجلس الأمن القومي لمراقبة أي آثار محتملة للوضع الراهن في الشرق الأوسط على إمدادات الطاقة العالمية، وسط التصعيد الراهن.
كما أغلقت سوق الأسهم الأمريكية على خسائر أنهت سلسلة مكاسب امتدت لأسبوعين، مع اندفاع المستثمرين نحو الأصول الآمنة، في وقت يخشى فيه المتداولون من تصاعد هذا الاشتباك إلى صراع اقتصادي وعالمي أوسع. وحسب قراءة بقش فقد تراجع مؤشر ” إس أند بي 500″ بنسبة 1.1%، في أسوأ جلسة له منذ 21 مايو الماضي، بينما انخفض مؤشر “ناسداك 100” بنحو 1.3%.
وامتدت التأثيرات إلى قطاعات الطيران، إذ تسببت المواجهة في اضطرابات واسعة بالمسارات الجوية، بعدما أغلق كل من الأردن والعراق مجالهما الجوي مؤقتاً، ما أدى إلى تأجيل وإلغاء عدد من الرحلات الجوية، كما ألغت شركة “مصر للطيران” رحلات كانت متجهة إلى بغداد وعمّان وبيروت، كما ألغت قطر رحلاتها إلى إيران والعراق، وأوقفت شركة “إلعال” الإسرائيلية كافة الرحلات المغادرة من تل أبيب وحولت مسارات الرحلات العائدة، وألغت شركة “إير فرانس” رحلاتها بين باريس وتل أبيب حتى إشعار آخر.
ويمثل المجال الجوي فوق العراق وإيران ممراً حيوياً لشركات الطيران الخليجية المتجهة إلى روسيا والأمريكيتين، وكذلك للرحلات بين أوروبا وآسيا لشركات محظورة من التحليق فوق روسيا.
تأثيرات محلية
وقعت إسرائيل في حالة حرجة من الترقب الاقتصادي، واتجهت المؤشرات الاقتصادية نحو مسار مقلق عقب الهجوم الصاروخي الإيراني الذي رد على الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ فجر الجمعة، واضطر الإسرائيليون للتدافع نحو المتاجر للتزويد بالمواد الأساسية وإمدادات الطوارئ، وتم تسجيل نقص حاد في منتجات حيوية مثل الحليب والبيض والخضروات وعبوات المياه. كما تدافع الإسرائيليون لشراء معدات الطوارئ، كالبطاريات الاحتياطية والمولدات الكهربائية وأجهزة الإضاءة للطوارئ.
وتهاوت بورصة تل أبيب بسبب تراجع أسهم شركات الطيران والسياحة بعد إعلان عدد من شركات الطيران العالمية تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل، وتوقف الحركة بشكل شبه تام في مطار بن غوريون عقب إغلاق المجال الجوي.
كما تهاوت قيمة الشيكل الإسرائيلي بنسبة تتجاوز 5% خلال 24 ساعة، في تعاملات أمس الجمعة، مسجلاً 3.66 مقابل الدولار الأمريكي، مقارنة بـ3.48 شيكل صباح الخميس، وفق اطلاع بقش على بيانات بنك إسرائيل المركزي، في أكبر هبوط يومي للعملة منذ أبريل الماضي. وزادت التوترات من مخاوف المستثمرين الأجانب من اتساع رقعة المواجهة، وهروب رؤوس الأموال قصيرة الأجل نحو عملات الملاذ الآمن حسب صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية.
وتصل تكاليف صد الهجوم الإيراني إلى مليار دولار، وهي تكاليف دفاعية وليست هجومية وفقاً لصحيفة ذا ماركر الإسرائيلية، أما في ما يخص الهجوم فإن ساعة تحليق واحدة لمقاتلة “إف35” تكلف نحو 35 ألف دولار، والتقديرات تشير إلى أكثر من 140 طائرة.
أما في إيران فلم تظهر تداعيات الهجمات الإسرائيلية فوراً في الأسواق، نظراً لأن الأسواق كانت مغلقة يوم الجمعة، كما أن يوم السبت يصادف عطلة دينية أيضاً، لكن مخاوف من اندلاع حرب واسعة بدأت منذ يوم أمس بالانتشار في الشارع الإيراني، حيث توجه البعض إلى محطات الوقود والمخابز في بعض المناطق، رغم أن ذلك لم يتحول إلى ظاهرة عامة في أرجاء البلاد.
ومع بدء السوق الموازي للعملات نشاطه الجزئي، اليوم السبت، رغم العطلة، بدأت تظهر تدريجياً الآثار الاقتصادية للمواجهة العسكرية، حيث ارتفع سعر صرف الدولار، وسعر الذهب، وسط توقعات بأن استمرار التصعيد من شأنه أن يزيد من تعقيد الأوضاع المعيشية ويزعزع استقرار الأسواق أكثر.
وسجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً إلى 960 ألف ريال بزيادة قدرها 130 ألف ريال مقارنة بيوم الخميس الماضي، أي قبل الهجمات الإسرائيلية. وبدأ السعر بعد ذلك يتراجع إلى 920 ألف ريال، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب في إيران، حيث يلجأ المواطنون عادة في مثل هذه الظروف إلى شراء الذهب بوصفه ملاذاً آمناً للحفاظ على قيمة مدخراتهم.
وطمأنت الحكومة الإيرانية مواطنيها اليوم السبت بأن تأمين السلع الأساسية في البلاد مستمر بوتيرته الاعتيادية ولا توجد أي مشكلة في هذا الجانب، وأن إنتاج المحاصيل وتوفير السلع الرئيسية يسيران كما في السابق، مشيرةً إلى أنه تم تكثيف الجهود والتعاون بين المنتجين والموردين، وأن كافة الفاعلين في سوق المواد الغذائية والسلع الأساسية يعملون بكل جدية لتنظيم السوق، وأن السلع الضرورية متوافرة بكثرة في الأسواق والمتاجر ومراكز التوزيع، وأن المخزونات الاستراتيجية كافية.
تأثيرات على اقتصادات الخليج
بدورها تقف اقتصادات الخليج أمام مشهد دقيق، من جهة لديها فرصة الاستفادة من ارتفاع الأسعار لتعزيز الفوائض المالية، ومن جهة أخرى تضطر للحذر من أن تتحول المنطقة إلى فوهة بركانية مهددة لإمدادات الطاقة العالمية، ما قد ينعكس على تكلفة التأمين، والنقل، وثقة المستثمرين الدوليين.
وتعتمد دول مجلس التعاون الخليجي على صادرات النفط إلى الأسواق العالمية، في مقدمتها السعودية، ويتم التخوف حالياً من التهديدات المحدقة بممرات النفط البحرية عبر المنطقة أو المنشآت النفطية لهذه الدول.
وتشير مراجعة بقش إلى ارتفاع العقود الآجلة للنفط الأمريكي أمس الجمعة إلى 73.51 دولاراً للبرميل مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 70.27 دولاراً للبرميل. كما ارتفعت عقود خام برنت إلى 74.74 دولاراً للبرميل.
وقد تشهد دول الخليج خاصة السعودية والإمارات والكويت، ضغطاً إيجابياً على أسعار صادراتها النفطية، ما قد يعزز الإيرادات العامة، لكن قد تكون هناك بعض المخاطر من ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، إضافة إلى مخاوف من تأثيرات بيئية على الأمن المائي لدول الخليج في حال استهداف منشآت نووية إيرانية.