اليمن يواجه انكماشاً اقتصادياً جديداً في 2025 وسط تدهور الأوضاع المعيشية

الاقتصاد المحلي | بقش
كشف تقرير “الآفاق الاقتصادية العالمية – يونيو 2025” الصادر عن البنك الدولي، أن الاقتصاد اليمني يواصل مساره الانحداري، مع توقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5% خلال العام الجاري. وتأتي هذه الأرقام لتؤكد على حدة التداعيات لاستمرار الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ اندلاع الحرب قبل 10 سنوات، وسط غياب أي بوادر للتعافي الاقتصادي.
بحسب بيانات البنك الدولي، لم يسجل الاقتصاد اليمني أي نمو إيجابي منذ عام 2021، حيث انكمش الناتج المحلي بنسبة 1.5% في عام 2022، تلاه انكماش أعمق بنسبة 2.0% في عام 2023، فيما تشير التقديرات إلى استمرار الانكماش بنسبة 1.5% في عامي 2024 و2025 وفق متابعة بقش. وعلى الرغم من توقعات بتحقيق نمو طفيف لا يتجاوز 0.5% في عام 2026، فإن هذه التوقعات تبقى رهينة بتحسن الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد.
يعزو التقرير استمرار التراجع الاقتصادي إلى عدد من العوامل المتشابكة، أبرزها بقاء آثار الحرب التي أدت إلى دمار واسع في البنية التحتية، وتفكك مؤسسات الدولة، وغياب الاستقرار الضروري لعودة النشاط الاقتصادي.
كما ساهم تآكل القدرة الشرائية للسكان، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إلى جانب ضعف الاستثمارين المحلي والأجنبي، في تعميق الأزمة، كما يفتقر اليمن إلى سياسة مالية موحدة، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي، خاصة في ظل الانقسام الإداري الحاصل بين مختلف مناطق السيطرة بين صنعاء وعدن منذ نقل البنك المركزي إلى الأخيرة حسب تتبع بقش للملف الاقتصادي.
آثار إقليمية ودولية مقلقة
يمثل استمرار انهيار الاقتصاد اليمني تحدياً مزدوجاً: داخلياً، حيث تتفاقم الأزمات الإنسانية وتزداد الاعتمادية على المساعدات الخارجية؛ وخارجياً، حيث يهدد غياب الاستقرار في اليمن مصالح إقليمية ودولية حيوية، كما أن استدامة الوضع الراهن قد تُضعف ثقة المستثمرين في المنطقة الأوسع، وتزيد من كلفة التأمين والمخاطر التجارية في محيط اليمن الجغرافي.
وفي الوقت الذي تتجه فيه اقتصادات مثل مصر والمغرب والسعودية نحو التعافي، يبرز اليمن كحالة استثنائية تعاني من ركود مزمن، وتشير التوقعات إلى أن مصر ستحقق نمواً بنسبة 3.8% خلال عام 2025، والمغرب بنسبة 3.6%، فيما تسجل السعودية نمواً يناهز 2.8%. هذا التباين يسلط الضوء على الفجوة التنموية العميقة التي تفصل اليمن عن بقية دول المنطقة، ويعكس حجم التحديات التي تعترض طريق إعادة إعماره.
توصيات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
في ضوء هذه المعطيات، شدد التقرير على ضرورة تبني مسار سياسي شامل يفضي إلى وقف دائم للحرب، وتوحيد المؤسسات الاقتصادية للدولة، وتهيئة بيئة آمنة للاستثمار المحلي والدولي.
كما أوصى بتحويل المساعدات الدولية من الإغاثة الطارئة إلى مشاريع تنموية، وتفعيل برامج دعم الإنتاج المحلي، لا سيما في قطاعات الزراعة والطاقة والخدمات.
تؤكد المؤشرات الاقتصادية أن اليمن يقف عند مفترق طرق حاسم، وإذا استمرت حالة الجمود السياسي والانقسام الداخلي، فإن الانكماش الاقتصادي قد يتحول إلى انهيار شامل يصعب ترميمه على المدى القريب. أما في حال تحقق استقرار نسبي وبدأت جهود إعادة الإعمار، فقد يكون بالإمكان إعادة الاقتصاد اليمني إلى مسار النمو التدريجي، رغم أن الطريق سيكون طويلاً وشاقاً.