الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

انخفاض الصرف بعدن: قلق الأسواق بين فوضى الأسعار وتشديد الرقابة على الصرافة

الاقتصاد المحلي | بقش

تتواصل حملات الرقابة والتفتيش على المحلات التجارية وشركات الصرافة وغيرها من المنشآت للتأكد من مواكبة انخفاض الصرف، بينما لا يزال القلق يسود الأسواق في مناطق حكومة عدن، بسبب الاضطراب وتقلبات الأسعار، إذ يشهد السوق فجوة متسعة بين أسعار الشراء والبيع، كما يستمر ارتفاع أسعار المستهلكين مما دفع الكثيرين إلى الاحتجاج والمطالبة بخفض الأسعار بما يتناسب مع تحسن العملة بنسبة 43%.

ولم تدم فرحة تحسن العملة طويلاً، إذ لم تتحسن الأسعار، وشهدت أسعار بعض السلع انخفاضاً تراوح بين 15% و35%، في حين لم تسجل بضائع وخدمات أخرى أي تراجع وفق معلومات مرصد بقش، في الوقت الذي يطالب فيه الناس بخفض الأسعار بنسبة 50% على الأقل.

ويرى اقتصاديون أن الانخفاض في سعر الصرف يبدو غير مبرر، بسبب عدم وجود بوادر أو مؤشرات للانخفاض المفاجئ، معتبرين أن التحسن لم يؤثر بشكل فعلي على أسعار السلع والخدمات في السوق، فيما لا يزال تجار في حالة ترقب وحذر من ارتفاع ارتداداي مفاجئ، ويرفض تجار آخرون خفض أسعار الصرف نظراً لشرائهم مخزوناتهم من البضائع بالسعر القديم.

وتستمر ممارسات المضاربة والتلاعب بالعملة، وهو ما يحذر منه الاقتصاديون نظراً لكونه سيؤدي بشكل حتمي إلى ضياع الأموال.

وفي غضون ذلك، يُعتقد أن أسباب التدهور الاقتصادي لا تزال قائمة، مثل شح الموارد من النقد الأجنبي بسبب توقف تصدير النفط، وعدم الحصول على أية وديعة أو منحة، واستمرار السياسات المالية والنقدية التي لا تزال تشوبها الأخطاء، وهشاشة سوق النقد بشكل عام.

ملاحقة الصرافين.. محاكمات قادمة تُضاف إلى الإغلاق

شركات الصرافة، على سبيل المثال لا الحصر، نالت نصيباً كبيراً من الإغلاق وسحب التراخيص من قِبل بنك عدن المركزي الذي يقوم حالياً بحملات ميدانية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لتنفيذ عمليات الإغلاق، بتهمة مخالفة التعليمات وعدم التقيد بها، ويأتي ذلك في إطار تطبيق العقوبات بحق المخالفين.

وفي أحدث قراراته، أصدر البنك قراراً بسحب التراخيص وإغلاق مقرات منشآت “فرع شركة أبو سند الفروي للصرافة بشبوة، وفرع شركة أبو سند الفروي للصرافة في الشيخ عثمان بعدن، وفرع شركة سنان للصرافة والتحويلات بسيئون، ومنشأة القباص للصرافة، ومنشأة البدوي للصرافة، ونجم الحالمة (وكيل حوالة)”.

وإزاء حملات الإغلاق وسحب التراخيص، أعلنت شركات صرافة عن نيتها الانسحاب كلياً من مهنة الصرافة والتحويلات وفق متابعات بقش، لكن حملات الإغلاق لم تصل، حتى الآن، إلى شركات ومنشآت الصرافة البارزة، التي توصف بأن لها ثِقلاً في السوق، لكن معلومات أشارت إلى أن هذه الشركات والمنشآت البارزة ستتعرض لحملة الرقابة خلال الأيام القادمة، بغرض الإبقاء فقط على عدد محدود من شركات ومنشآت الصرافة الملتزمة بالسياسات المالية.

ويقول الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري إن الخبر الأكثر سوءاً للصرافين هو أن هناك حملات ملاحقة أمنية قد تبدأ بأي لحظة بحق أصحاب الشركات والمنشآت التي صدرت بحقهم عقوبات الإغلاق لمقراتهم، كونهم مطلوبين للنيابة العامة التي قد تُصدر بلاغات استدعاء لهم قريباً، ما لم تكن قد صدرت بالفعل.

ويضيف رئيس تحرير موقع مراقبون برس، أن قرارات محافظ البنك المركزي الخاصة بحق من قضت بإغلاق مقراتهم من منشآت وشركات الصرافة المخالفة، هي قرارات نهائية ليس فيها عودة أو تراجع، كون التهم الموثقة عليها مرتبطة بجرائم مالية خطيرة تندرج تحت جرائم غسل وتهريب أموال وتمويل الإرهاب وفق العقوبات المنصوص عليها بتشريعات مكافحة غسل الأموال بالقانون رقم (1) لسنة 2010، والقاضية بالسجن مدة تصل إلى سبع سنوات للمتورطين ومصادرة الأموال والعوائد والممتلكات.

ويرى أيضاً أن مشكلتهم أكبر من قدرة وإمكانية البنك المركزي على حمايتهم أو الدفاع عنهم من عقوبات دولية تنتظرهم، بينما عقوبات سحب وإلغاء التراخيص قد يمكن أن يتم فيها إعادة النظر ومنح الأقل تجاوزاً منها فرصة أخيرة، تحت شروط صارمة ورقابة مشددة ومباشرة، لإثبات حسن الامتثال والالتزام بكل إجراءات وضوابط العمل المصرفي، وعدم العودة بأي شكل من الأشكال إلى المضاربات أو التلاعب وبيع وشراء العملات خارج الشروط والالتزامات المحدودة من البنك المركزي.

وذلك لن تستطيع أكثر من 80% من شركات ومنشآت الصرافة الالتزام به أو تقبُّل الاستمرار بالعمل المصرفي تحت إطار قيوده، كونها قامت أساسا على التلاعب والمضاربات وغسل وتهريب الأموال أو بيع وشراء العملات للمواطنين وتحقيق فوارق صرف بملايين الدولارات، وفقاً للداعري.

ويشير الداعري إلى أن النتيجة ستكون اضطرار أغلب شركات ومنشآت الصرافة إعلان توقفها عن ممارسة نشاط الصرافة في قادم الأيام، مضيفاً: “وقد نرى أصحابها يلتحقون بمن سبق وذهبوا إلى البنك المركزي، خلال الأسبوعين الماضيين، للبحث عن أموال ضماناتهم المودعة لدى البنك مقابل حصولهم على تراخيص مزاولة النشاط المصرفي، علماً بأن البنك المركزي ليس ملزماً بإعادة ضمانات المخالفين ومن صدرت بحقهم عقوبات إيقاف وإلغاء الترخيص أو إغلاق لمقراتهم”.

إغلاق محلات قطاعات أخرى

طالت حملات النزول الميداني والإغلاق عدداً من المحلات في مختلف القطاعات، بما فيها الصيدليات التي تُتهم بالبيع بأسعار مرتفعة رغم تحسن الصرف، وهي بدورها تتهم وكالات الأدوية والهيئة العليا للأدوية بعدم إقرار أسعار مناسبة تواكب أسعار الصرف الجديدة.

المخابز والأفران أيضاً في حالة ترقب وحذر، إذ تتعرض هي الأخرى لإغلاقات متكررة. فحسب متابعة بقش لأسعار الرغيف، لم تخفض المخابز سعر رغيف الروتي إلا بشكل طفيف لا يترجم تحسن الصرف، فقد خفضت المخابز سعر الرغيف من 125 ريالاً إلى 100 ريال، وهو ما أثار استياء شعبياً واسعاً، إذ لم تقم المخابز حتى بخفض سعر الرغيف إلى ما كان عليه (عند 70 ريالاً) رغم انخفاض الصرف بشكل كبير.

وفي أحدث المستجدات بهذا الخصوص، أعلنت مجموعة هائل سعيد أنعم عن تخفيض جديد (هو التخفيض الثالث) في أسعار الدقيق يصل إلى حوالي 42% عن الأسعار السابقة، وفق اطلاع بقش على قائمة الأسعار الجديدة، وهو ما جعل المواطنين يترقبون انخفاضاً حقيقياً في أسعار الخبز والروتي. وخفضت الشركة سعر كيس دقيق سنابل الأفران (50 كجم)، مثلاً، من 64,800 ريال سابقاً إلى 37,800 ريال بموجب التخفيض الثالث. كما خفضت سعر كيس دقيق السنابل من 64,500 ريال سابقاً إلى 37,500 ريال حالياً.

وفي محافظة تعز، على سبيل الذكر، أغلقت السلطات المحلية اليوم السبت عدداً من المخابز والأفران المتهمة بمخالفة التسعيرة والوزن الجديد، ضمن حملة رقابية على الأسواق. وأصدر مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة تعميماً لمُلاك الأفران والمخابز ألزمهم فيه بالبيع بأوزان الروتي والرغيف بما يتناسب مع المتغيرات السعرية الحالية وانخفاض الصرف، محذراً من مخالفة التعليمات ومن اتخاذ الإجراءات ضد المخالفين.

بشكل عام، يعبر الوضع في عدن وباقي المحافظات اليمنية الواقعة تحت إدارة حكومة عدن، عن قلق واسع النطاق نتيجة الاختلالات الحاصلة في الأسواق وبمختلف القطاعات، وهو ما يضع أسئلة عريضة حول فاعلية التحركات التي تقوم بها الحكومة، إذ تستمر الاضطرابات في الوقت الذي تقول فيه الحكومة إنها تواصل تحركاتها وحملاتها الميدانية، بينما لا يزال المواطن مترقباً للقادم.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش