انهيار أسعار شحن الحاويات يدفع الشركات لرفع التعريفات.. تفاصيل الأزمة بين آسيا و أوروبا

تشهد أسواق الشحن البحري موجة اضطرابات غير مسبوقة مع انهيار الأسعار الفورية للحاويات على المسارات التجارية الرئيسية، خاصة بين آسيا وأوروبا، ما دفع كبرى شركات النقل العالمية إلى الإعلان عن خطط عاجلة لرفع التعريفات بدءاً من أبريل المقبل، في محاولة لوقف نزيف الخسائر التي تُهدد استقرار القطاع.
كشف مؤشر الحاويات العالمي “دروري” (WCI) الذي يتتبَّعه بقش أسبوعياً، عن انخفاض بنسبة 5% في أسعار شحن الحاويات على طريق شنغهاي-روتردام خلال أسبوع واحد، ليصل سعر الحاوية القياسية (40 قدماً) إلى 2512 دولاراً، بينما تراجعت أسعار طريق شنغهاي – جنوة الإيطالية بنسبة 11% إلى 3333 دولاراً.
وتُظهر البيانات أن الأسعار الحالية أقل بنحو 28% مقارنةً بالفترة ذاتها عام 2024، متجاوزةً حتى التراجعات التاريخية التي أعقبت عطلة رأس السنة الصينية.
فجوة “عرض وطلب” تُغذي الأزمة
رغم ارتفاع حجم الشحنات من الشرق الأقصى إلى أوروبا بنسبة 18.2% في يناير 2025، وفقاً لإحصاءات تجارة الحاويات CTS، إلا أن الزيادة الكبيرة في عدد السفن العاملة فاقت نمو الطلب، ما أدى إلى تراجع معدلات استخدام السفن إلى مستويات قياسية.
“آلان مورفي”، الرئيس التنفيذي لشركة سي إنتليجانس، أوضح أن “تراجع الاستخدام بدأ مبكراً هذا العام، مما يُفسر جزئياً الانهيار السريع للأسعار الفورية قبل الموعد المعتاد”.
استجابةً للأزمة، أعلنت شركات شحن عالمية مثل “هاباغ-لويد” الألمانية و”MSC” السويسرية، عن تعريفة شحن جديدة (FAK) تُحدد سعر الحاوية بين آسيا وشمال أوروبا عند 4000 دولار بدءاً من 01 أبريل المقبل، بينما تشير توقعات مؤشر شنغهاي (SCFI) إلى مزيد من التراجع بنسب تصل إلى 15% على بعض المسارات الأسبوع المقبل.
المحيط الأطلسي.. استثناء في قلب العاصفة
سجلت تجارة المحيط الأطلسي أداءً مغايراً، مع ارتفاع حجم الشحنات بين أوروبا وأمريكا الشمالية بنسبة 10.8% في يناير، مدعومةً بثبات نسبي في الأسعار الفورية.
كما ارتفع سعر طريق روتردام – نيويورك بنسبة 1% ليصل إلى 2373 دولاراً، رغم تحذيرات من اختلالات مستقبلية بين العرض والطلب.
قد يُسهم انخفاض أسعار الشحن في تخفيف تكاليف الواردات لأوروبا و أمريكا، مما يُقلل الضغوط التضخمية. لكنه يُشكل تحدياً لشركات النقل التي قد تضطر إلى إيقاف سفن أو إلغاء رحلات، في سيناريو يشبه أزمات الركود السابقة.
حالياً، تدرس الشركات تعزيز التحالفات البحرية لخفض التكاليف، مع توقعات بموجة اندماجات أو شراكات استراتيجية. كما قد تعيد توجيه سفنها نحو مسارات أقل تأثراً بالأزمة، مثل خطوط أمريكا اللاتينية أو أفريقيا، حيث الطلب أكثر استقراراً.
ووسط الأزمة المالية، قد تؤجل الشركات خططها للاستثمار في تقنيات خفض الانبعاثات، التي تتطلب تكاليف تشغيل مرتفعة، مما يعرقل التزام القطاع بأهداف الحياد الكربوني العالمية.
في النهاية أمام شركات الشحن خياران صعبان: رفع الأسعار لإنقاذ أرباحها –مع خطر فقدان حصتها السوقية– أو خفض التكاليف عبر تقليص العمليات، في معادلة تُعيد إلى الأذهان أزمات القطاع التاريخية، وسط تساؤلات عن قدرة الخطط الجديدة على كسر دائرة الانهيار.