الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

بسبب تجميد بيع وشراء العملات.. نقابة الصرافين تشن هجوماً على بنك عدن المركزي

أصدرت نقابة الصرافين بعدن بياناً حول تداعيات قرار بنك عدن المركزي الخاص بإيقاف بيع وشراء العملات الأجنبية حتى إشعار آخر، أكدت فيه أن هذا القرار يعكس في جوهره اعترافاً ضمنياً بحجم الانهيار النقدي، وبنفس الوقت يسلط الضوء على الضعف المؤسسي في إدارة السياسة النقدية.

فبدلاً من أن يسهم بنك عدن المركزي في تهدئة السوق وضبط إيقاعه، فتح الباب أمام انتشار واسع للسوق السوداء التي باتت المصدر الرئيسي لتداول العملات، مع غياب كامل للرقابة الفاعلة، وتفاقم حدة المضاربة غير المشروعة وفق البيان الذي حصل بقش على نسخة منه. وعَدَّت النقابة توقيت القرار وطريقته يعكسان مستوى من العجز في التعامل مع التحديات المتراكمة، ويفتحان المجال أمام تساؤلات جدية حول ما إذا كان البنك المركزي يتعرض لضغوطات أو تدخلات تحدُّ من استقلالية قراره.

إشكاليات القرار

من أبرز الإشكالات المرتبطة بالقرار، هو غياب الشفافية في شرح أسبابه ودوافعه، ما أدى إلى تفاقم فجوة الثقة بين البنك والمجتمع وفقاً للنقابة، فالمواطنون والمستثمرون يفتقرون إلى معلومات واضحة بشأن السياسات المعتمدة، وهو ما خلق حالة من الهلع وغياب اليقين، وأدى إلى مزيد من الانكماش في الأنشطة الاقتصادية، وتدهور الوضع المعيشي بشكل واسع.

واتضح ذلك في نتائج المزاد العلني الأخير الذي أعلنه المركزي لبيع 30 مليون دولار يوم الثلاثاء 29 أبريل الجاري، إذ لم يتم بيع سوى 6 ملايين دولار فقط، وهو فشل يعكس اختلالاً في منهجية التسعير، ويؤكد أن المزاد لم يعكس الطلب الحقيقي في السوق، بل جاء لخدمة دائرة ضيقة من كبار المضاربين الذين استحوذوا خلال الفترة الماضية على السيطرة الكاملة على السوق النقدي، وهم المعروفون بـ”الهوامير” الذين اكتنزوا ثروات ضخمة في ظل غياب الإجراءات الرادعة، وساهموا في تعميق حالة اللاعدالة والمضاربة.

وتشير مؤشرات السوق إلى أن سعر صرف الريال السعودي ارتفع من 600 إلى 675 ريالاً يمنياً خلال أقل من شهر، وسط غياب أي تدخل فعّال من قبل بنك عدن المركزي للحد من هذا التدهور، وما يفاقم الأزمة هو الخلل العميق في منظومة الرقابة، إذ تغيب الرقابة الجادة على كبار البنوك وشركات الصرافة، مقابل إجراءات شكلية تطال منشآت صغيرة لا تمثل جوهر الأزمة، في حين يُسمح لشبكات تابعة لصنعاء بالمضاربة عبر تطبيقات مغلقة دون حسيب أو رقيب كما ورد في بيان النقابة.

وصفت النقابة أيضاً عجز مركزي عدن عن تفعيل لجنة المدفوعات الرقمية بأنه من أبرز مظاهر “الإخفاق المؤسسي”، فاللجنة هذه لا تزال غائبة عن المشهد، وهي التي يُفترض أن تلعب دوراً حيوياً في ضبط حركة الأموال وتحقيق قدر من الشفافية في النظام المالي، وذلك يفتح مجالاً لمزيد من الفوضى والتلاعب في التحويلات والتسعير.

وغياب هذه اللجنة، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية والإدارية، خَلَق فراغاً هائلاً سمح لجهات غير رسمية بالعبث بالعملة المحلية، بما في ذلك عبر مجموعات “واتساب” تُستخدم للمضاربة اليومية.

وتسبب هذه التطورات في تفاقم نفوذ “مجموعات صغيرة متحكمة في عدن” تسيطر فعلياً على السوق المصرفي، وتعمل بمعزل عن القانون والمؤسسات الرسمية، دون مراعاة الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية أو الاقتصادية، مستغلين هشاشة الوضع لمراكمة ثروات طائلة على حساب معيشة الناس.

إطلاق شبكات بديلة تخدم مصالح خاصة

من جهة أخرى، وصفت النقابة قرار المركزي بإغلاق شبكات عدن ودمجها في شبكة موحدة يفترض أن يكون خطوة تنظيمية نحو تعزيز الرقابة، لكن الواقع يشي بالعكس، إذ قامت ذات الشركات المتحكمة بالالتفاف على القرار وإطلاق شبكات بديلة تخدم مصالحها، بينما تم تهميش الفاعلين الآخرين ممن لا يملكون نفوذاً أو حماية.

وعبّرت النقابة عن قلقها الشديد من التطورات، مطالبةً حكومة عدن بتحمل مسؤولياتها الوطنية والتدخل الفوري من خلال تشكيل لجنة تحقيق نزيهة وموثوقة، تتولى مراجعة أداء البنك المركزي منذ عام 2015، ومحاسبة كل من ثبت تورطه في الانهيار المالي، سواء داخل المؤسسة النقدية أو من الجهات المؤثرة فيها.

هذا ولا تقتصر التداعيات على القطاع النقدي فحسب وفقاً للنقابة، بل تمتد لتشمل الجانب الاجتماعي، فقد تفاقمت الأعباء المعيشية على المواطنين وسط تراجع الخدمات الأساسية كالكهرباء والتعليم والصحة، في حين لا يمكن الحديث عن تعافٍ اقتصادي حقيقي دون معالجة جذرية لهذه الأزمات، تبدأ باستعادة الثقة، وتفعيل الرقابة، وتحقيق العدالة في إدارة السوق.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش