
تقارير | بقش
في يومه الرابع عشر على التوالي، يُفاقم الإغلاق الحكومي الأمريكي من شلل أكبر اقتصاد في العالم، فمع تمدد الإغلاق لأسبوعين وإيقاف تمويل عدد من الوكالات والبرامج الفيدرالية غير الإلزامية، أُغلقت مؤسسات عدة حتى إشعار آخر.
وفي أحدث المعلومات التي طالعها مرصد “بقش”، تم حتى الآن تجميد رواتب أكثر من 2.3 مليون موظف في واشنطن العاصمة، بسبب الإغلاق.
وحتى الآن لا تلوح بوادر نجاح للتوصل في الكونغرس إلى اتفاق على تمرير مشروع تمويل مؤقت، إذ يتمثل الوضع السياسي الآن في مفاوضات متعثرة بين الحزبين حول ملفات جوهرية، من ضمنها تمديد إعانات ضريبية متعلقة بالتأمين الصحي.
حتى الآن: آثار كبيرة على البرامج والخدمات العامة
تم إغلاق المتاحف والحدائق الوطنية ومرافق ثقافية، مثل الإغلاق الكامل لمتاحف مؤسسة “سميثسونيان” وحديقة الحيوان الوطنية في العاصمة واشنطن مؤقتاً بسبب توقف التمويل وفق اطلاع بقش، وهو ما يعكس تأثيراً مباشراً على نشاط السياحة المحلية والإيرادات المرتبطة بها.
وتعطّلت خدمات التغذية الأساسية (WIC)، التي تخدم ملايين الأمهات والأطفال، وأثر الإغلاق أيضاً على العاملين الفيدراليين والميزانيات البشرية، وبدأت الإشعارات بالتسريح وتخفيض قوى العمل، مع تقارير عن مئات الآلاف من العاملين المتأثرين (فصل مؤقت أو التأخر في الرواتب حسب اطلاع بقش على هذه التقارير).
وتم تعليق الرواتب والبدلات، بينما أصدر البيت الأبيض توجيهات لاستمرار بعض المدفوعات الحيوية (مثل رواتب جنود بعينات محدودة في وزارة الحرب – البنتاغون) إلى حين تأمين مصادر مؤقتة.
وبعض الوظائف الحرجة، مثل إنفاذ القانون والوظائف المرتبطة بالسلامة الوطنية، تستمر بالعمل لكن تحت ضغوط ميزانية، ومع استمرار الإغلاق تزداد الضغوط على جاهزية بعض الوحدات وعملياتها المعتادة.
الجهات والوكالات المتضررة
بناءً على خطط الطوارئ وإعلانات الوكالات، يبدو أن الجهات الأكثر تضرراً حتى الآن هي مؤسسة سميثسونيان والهيئات الثقافية الفيدرالية التي تم إغلاقها مؤقتاً، مع إغلاق متاحف وحدائق عامة مرموقة، ما أثر على السياحة والبرامج التعليمية.
وتضررت أيضاً وكالات الخدمات الاجتماعية والتغذية (مثل WIC)، ووكالات إدارية كبيرة في مجالات التعليم والصحة والطاقة، وبقي نشاط عدد منها محدوداً أو على وضع الطوارئ.
وكذلك الخدمات المرتبطة بالنقل والسفر (قطاع الطيران الأمريكي برمَّته).
ويؤثر هذا الوضع بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي المحلي، فإغلاق المتاحف والحدائق يُسقط إيرادات من السياحة والأنشطة المرتبطة “التذاكر، المجموعات السياحية، تجارة التجزئة حولها)”.
ويؤدي إلى تكاليف تشغيلية مؤجلة وخسائر ثقة، فاستمرار الإغلاق يزيد من عدم اليقين لدى الأسر والمستثمرين ويضغط على ثقة المستهلك، وهو ما يزيد احتمال تباطؤ استهلاك محلي قصير الأجل.
الصراع بين الحزبين
حتى الآن يبدو أن كفة النزاع تميل إلى الجمهوريين بسبب دعم البيت الأبيض موقف الحزب، واعتماده على استراتيجية تسمح بتسديد رواتب العسكريين وقوى الأمن عبر تجيير المبالغ من برامج فيدرالية تمت الموافقة عليها.
فعادةً ما يشكل موضوع تأخير رواتب العناصر الأمريكية، نقطة الفصل التي يتنازل فيها طرف ضد الآخر، ويخفف تحرك البيت الأبيض الضغط عن الحزب الجمهوري ويسلط الأضواء على الحزب الديمقراطي الذي يبدو أنه لا يحمل بجعبته أي استراتيجية مدروسة لاستكمال مسار العرقلة بسبب وجوده في حزب الأقلية في المجلسين، على عكس الجمهوريين وترامب.
وبانتظار نتيجة، يعتمد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، على رهان من نوع آخر، إذ رفض منذ الإغلاق عقد جلسات في مجلس النواب كنوع من الضغط على الديمقراطيين في الشيوخ لإقرار نسخة التمويل نفسها التي أقرها مجلس النواب.
ويقول جونسون إنه لا حاجة إلى عقد جلسات في المجلس، لأنه قام بعمله وأقر التمويل الفيدرالي، رامياً الكرة في ملعب الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، حيث قال زعيمهم تشاك شومر، إن حظوظ حزبه تزداد في كل يوم يمر على الإغلاق، وهو خير دليل على عدم وجود أي حلحلة في نهاية الأفق، مع غياب أي نوع من المفاوضات، ما ينذر بإغلاق طويل قد يكسر الأرقام القياسية مجدداً.