بعد اتفاق خفض الرسوم الجمركية.. الموانئ الأمريكية الراكدة في انتظار “اجتياح” السلع الصينية

الاقتصاد العالمي | بقش
تستعد الموانئ الأمريكية لما يشبه “الاجتياح الصيني”، بعد أن تم تخفيض الرسوم الجمركية المتبادلة بنسبة 115%، حيث من المنتظر أن تتدفق السلع الصينية إلى موانئ الولايات المتحدة التي تعاني بالفعل من تباطؤ كبير في حركة الشحن.
ذلك يعني أن تنقلب الأمور رأساً على عقب خلال أسابيع، إذ يُحتمل حدوث موجة ضخمة من تدفق البضائع، بعد أن تم فرض رسوم جمركية بنسبة 30% فقط على البضائع الصينية القادمة إلى أمريكا، وهي نسبة مخفضة من 145% كانت مفروضة قبل الاتفاق التجاري بين البلدين واستمرت لقرابة ستة أسابيع وفق متابعات بقش.
وتأتي الهدنة التجارية المؤقتة لتدفع تجار التجزئة إلى تسريع عمليات الاستيراد، وتخزين أكبر كمية ممكنة من السلع قبل انتهاء المهلة المحددة بـ90 يوماً.
وسيحاول التجار إدخال البضائع مبكراً لتفادي ارتفاع الرسوم مجدداً، خصوصاً في ذروة الفترة التي تصل فيها البضائع الخاصة بموسم العطلات، وفقاً لـ”جوناثان غولد”، نائب رئيس السياسة الجمركية وسلسلة التوريد في الاتحاد الوطني لتجار التجزئة. وذلك حدث بالفعل في مارس الماضي حسب مراجعة بقش، إذ قام التجار بتخزين كميات ضخمة من البضائع قبل بدء تطبيق الرسوم الأولى في 09 أبريل.
وتستورد الولايات المتحدة من الصين معظم الملابس والأحذية والألعاب والإلكترونيات والرقائق الدقيقة، وهو ما فسَّر حدوث عاصفة تجارية بعد فرض الرسوم المرتفعة التي جعلت التعامل مع الصين مكلفاً جداً بالنسبة للعديد من الشركات.
تدفق كبير في منتصف الصيف
يُتوقَّع أن تشهد أمريكا تدفقاً كبيراً للبضائع بحلول منتصف الصيف، وهو ما سيضطر الشركات إلى زيادة عدد العاملين والموظفين للتمكن من العمل بالطاقة القصوى.
وتقول شركة “فليكس بورت” للشحن والخدمات اللوجستية إن تحديد حجم التدفق المرتقب لا يزال مبكراً، لكنها تتوقع ارتفاعاً حاداً في حجز الشحن.
ويأتي ذلك بعد أن تراجع حجم الشحنات من الصين بنسبة وصلت إلى 40% مؤخراً حسب متابعات بقش، نتيجة لحالة عدم اليقين الاقتصادي. وحول ذلك يقول رئيس شركة “ميرسك” في أمريكا الشمالية، تشارلز فان دير ستين، إنه “ببساطة توقف العديد من التجار عن تحريك سلاسل الإمداد”، لكن ستين توقع عودة البضائع المحتجزة إلى السوق بعد خفض الرسوم وتحديد المهلة الواضحة.
وسيستغل بعض التجار هذه المهلة، إذ ستحدث موجة طلبات ضخمة خلال 90 يوماً “لم نرَ مثلها من قبل” وفقاً للخبير الاقتصادي “بيتر بوكفار”، وبالتالي سترتفع تكاليف النقل بشكل كبير.
أرصفة خالية ومعاناة في الموانئ الأمريكية
لكن رغم التوقعات بتدفق السلع قريباً، تشير تقارير بقش إلى أن موانئ الساحل الغربي تتوقع انخفاضاً هائلاً في أعداد السفن وحجم البضائع خلال شهر مايو الجاري، بسبب أن الرحلات البحرية من الصين تستغرق من ثلاثة إلى أربعة أسابيع.
وحسب مدير ميناء “لوس أنجلوس” جين سيروكا، فسينخفض عدد السفن بنسبة 20%، كما سيتراجع حجم البضائع تقريباً بنسبة 25%. ومن ناحية أخرى، شهد ميناء “لونغ بيتش” في كاليفورنيا، انخفاضاً بنسبة تراوحت بين 35% و40% في الشحنات الأسبوع الماضي، ولم تغادر أي سفينة من الصين متجهة إلى مجمع سان بيدرو لمدة 12 ساعة يوم الجمعة، وهو أمر لم يحدث منذ جائحة كورونا.
وسجلت الموانئ في سياتل وتاكوما أرصفةً خالية، في مشهدٍ نادر لم يحدث منذ الوباء، مع توقعات بانخفاض في حجم الشحنات يتراوح بين 8% و15% وفقاً لتحالف الموانئ الشمالية الغربية. وهذا التحالف يؤكد أن تخفيض الرسوم لا يلغي آثار تطبيقها السابقة، فلا تزال هناك حالة من عدم اليقين وتقلبات في السوق وفقدان للأنشطة التجارية، وسلاسل الإمداد تحتاج إلى استقرار، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
ولا تقتصر المعاناة على الساحل الغربي، حيث تستغرق السفن المتجهة إلى الموانئ الشرقية من آسيا ما بين أربعة إلى ستة أسابيع، ما يعني أن تأثيرات هذه المهلة لن تظهر قبل منتصف أو نهاية يونيو المقبل.
وفي حال بدأت الطلبات الآن، فإن البضائع ستصل في شهر يونيو أو يوليو 2025، لذا سيستمر التباطؤ لبضعة أسابيع أيضاً، ثم يبدأ نشاط متزايد حتى يوليو.
لكن، ورغم خفض الرسوم، تبقى نسبة 30% عبئاً ثقيلاً على العديد من الشركات، خصوصاً على الشركات الصغيرة، وهذا ما أكدته غرفة التجارة الأمريكية، إذ إن الرسوم لا تزال أعلى بكثير مما كانت عليه مطلع العام 2025، بخلاف الشركات الكبرى التي تستطيع التكيف مع نسبة الرسوم التي ما زالت مرتفعة.