تقارير
أخر الأخبار

بعد اتفاق غزة.. الاقتصاد الإسرائيلي يجني انتكاسات كبرى تمتد لسنوات

تقارير | بقش

مع دخول إسرائيل وحماس في اتفاق إنهاء الحرب في غزة، ربما تُحصي إسرائيل خسائرها الاقتصادية وعجزها المالي المكلف وغير المسبوق وتأثيرات الحرب التي ستمتد لسنوات، وسط المخاوف الإسرائيلية الإضافية بسبب توقف الدعم الأوروبي.

ووفقاً لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، فإن الحروب التي شنتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 كلفت الاقتصاد الإسرائيلي حتى الآن قرابة 330 مليار شيكل، ما يعادل 100 مليار دولار، أي أكثر من نصف ميزانية الدولة المُعدّلة لعام 2025 والبالغة 650 مليار شيكل حسب اطلاع بقش على البيانات الإسرائيلية.

ويشار إلى أن الخريطة الزمنية لتنفيذ الخطوات الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تمتد إلى 5 أيام، حسب ما توصلت إليه الاجتماعات رفيعة المستوى في مدينة شرم الشيخ المصرية، ويتضمن الاتفاق بدء فتح المعابر بالكامل ودخول 400 شاحنة الأسبوع المقبل، ورفع المساعدات اليومية إلى 600 شاحنة فأكثر خلال الأيام التالية.

معاناة الاقتصاد الإسرائيلي

ارتفع الإنفاق العسكري في إسرائيل بأكثر من 70 مليار شيكل إسرائيلي (+21.4 مليار دولار) في عامي 2023 و2024 مجتمعين، حسب اطلاع بقش على صحيفة تايمز أوف إسرائيل، وبمقدار 30 مليار شيكل إسرائيلي (+9 مليارات دولار) على الأقل في عام 2025.

ويُتوقع أن يصل عجز الموازنة الحكومية الناتج من ذلك إلى معدل سنوي متوسط قدره 14.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى الأرجح سيصل الدين العام معدلاً سنوياً متوسطاً قدره 66.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المتبقية من هذا العقد.

وقد رفعت إسرائيل في سبتمبر المنصرم موازنة الحرب، بما يشمل الحرب على إيران، بعد قصفها طهران وعدداً من الدول العربية، بمقدار 30 مليار شيكل (+9 مليارات دولار)، لترتفع في ميزانية العام الجاري إلى أكثر من 140 مليار شيكل (نحو 41 مليار دولار)، وتقترب من ميزانية الحرب في العام الماضي التي وصلت إلى 160 مليار شيكل (47 مليار دولار).

وتضررت القطاعات الاقتصادية الحيوية بما فيها التكنولوجيا الفائقة (الهايتك)، الذي يمثل قرابة 53% من الصادرات الإسرائيلية، وانخفضت ثقة المستثمرين، وشهدت الشركات تأخيراً في عمليات التطوير وانخفاضاً في التوظيف.

كما تراجعت سوق المال، وانخفضت مؤشرات بورصة تل أبيب 2% دفعة واحدة بعد تصريحات نتنياهو حول تحول إسرائيل إلى “أسبرطة عظمى”، ما يعكس اهتزاز ثقة الأسواق، إضافةً إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 17% خلال عامين.

وانسحبت الاستثمارات الأجنبية الهامة من إسرائيل، بما فيها انسحاب صندوق الثروة السيادي النرويجي (الأضخم في العالم) من أكثر من 20 شركة إسرائيلية (بقيمة 400 مليون دولار).

ويواجه قطاع الأعمال شللاً ونزيفاً في القوى العاملة وفقداناً للإنتاجية، بسبب الاستدعاء الاستثنائي لقوات الاحتياط، ما أفرغ قطاعات حيوية، خاصةً قطاع التكنولوجيا.

ويقلل اتفاق وقف إطلاق النار من احتمالية حدوث فوضى اقتصادية أسوأ بكثير، ففشل الاتفاق وانتهاء الأمر باحتلال إسرائيلي لغزة في المستقبل المنظور، يعني تباطؤ النمو إلى تجاوز الدين 90% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بحلول عام 2030، وفقًا لتقديرات نائب محافظ بنك إسرائيل السابق، زفي إيكشتاين.

أما الاتفاق الذي يسمح لبعض جنود الاحتياط بالعودة إلى العمل، فقد يدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.6% في عام 2026 حسب قراءة بقش، مما يُبقي الدين في العام التالي عند حوالي 68%.

تصلب الموقف الأوروبي

الموت والدمار في غزة أدى إلى تصلب موقف الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وهو ما يقلق الكيان إزاء المرحلة المقبلة، إذ تجري المخاوف من أن إسرائيل ستضطر إلى أن تكون أكثر اعتماداً على نفسها ومكتفية اقتصادياً في السنوات القادمة، وسط تهديد العقوبات وحظر الأسلحة من أوروبا.

فإسرائيل تتلقى دعماً اقتصادياً وتقنياً وعسكرياً وأمنياً وسياسياً أكثر من أي دولة أخرى في العالم، وتعتمد كلياً على أوروبا كدرع واقٍ ومانح للمساعدات وغطاء دبلوماسي حيوي منذ قيامها.

ويُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل ويستقبل ثلث تجارتها، ويرتبط الجانبان باتفاقيات كبرى رافعة للاقتصاد الإسرائيلي مثل اتفاقية الإعفاء من الرسوم الجمركية (1964) والتجارة الحرة (1975)، وبلغ حجم التجارة بين الجانبين في 2024 قرابة 42.6 مليار يورو.

والعقوبات الأوروبية المحتملة تتضمن تعليق اتفاقية التجارة مع إسرائيل بعد إدانة المحكمة الجنائية الدولية لقادة الحكومة بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وسيكون هذا القرار سبباً في فقدان أسواق التصدير، وزيادة البطالة، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، وصعوبة الحصول على المواد الخام والمعدات الضرورية للصناعة المحلية.

مرحلة الهشاشة: الاقتصاد ما بعد الاتفاق

ذلك يعني أن المستقبل الاقتصادي يبدو غامضاً، خاصةً مع تضرر العلامة التجارية الإسرائيلية، فاتحاد مصنعي إسرائيل يؤكد حسب تقارير بقش أن العلامة التجارية الإسرائيلية تضررت بشكل خطير، وأن الاكتفاء الذاتي سيكون “كارثة” على الاقتصاد.

ويحمّل المعارضون الإسرائيليون الحكومة مسؤولية العزلة، كـ”نتيجة سياسة خاطئة وفاشلة لنتنياهو” حوّلت إسرائيل إلى دولة من دول العالم الثالث.

الوضع العام يوجي بأن الاقتصاد الإسرائيلي بعد اتفاق غزة، سيخرج من حالة الحرب مثقلاً بأعباء مالية واقتصادية كبيرة، نظراً لتراجع الثقة الاستثمارية وتآكُل الاحتياطيات المالية بسبب الإنفاق العسكري الهائل، وارتفاع الدين العام، وستشهد الأشهر الأولى بعد الاتفاق ركوداً اقتصادياً واضحاً مع تراجع النمو إلى حدود 1% أو أقل، وارتفاع معدلات البطالة، خصوصاً في قطاعات السياحة والخدمات والتكنولوجيا.

وقد لا يبدأ التعافي البطيء إلا مع تحسن الأوضاع الأمنية بالكامل واستئناف الدعم الأمريكي والأوروبي، وسيكون تعافياً هشاً مرتبطاً بمدى استقرار المشهد السياسي الداخلي وتراجع عزلة إسرائيل الدولية، لتكون مرحلة ما بعد الاتفاق بمثابة مرحلة إعادة توازن مؤلمة تمتد لعدة سنوات قبل أن يستعيد بعض عافيته.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش