الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

بعد رفض السعودية تقديم المنحة.. حكومة عدن تلجأ إلى “الموارد المحلية” كحل وحيد

الاقتصاد اليمني | بقش

مع تواصل “أزمة الإيرادات” المحلية الخارجة عن سيطرة حكومة عدن وبنك عدن المركزي، كشفت معلومات أن رئيس وزراء الحكومة “سالم بن بريك” ومحافظ المركزي “أحمد غالب المعبقي” يخوضان منذ أيام اجتماعات مكثفة في “الرياض” مع المجلس الرئاسي بقيادة رشاد العليمي، بهدف الحصول على توجيهات من قيادات المجلس بإلزام السلطات المحلية والوزارات والهيئات المحسوبة على أعضائه بتوريد كل عوائدها إلى مركزي عدن ابتداءً من شهر نوفمبر المقبل.

ويأتي هذا التوجه بعد أن باءت كل الجهود بالفشل في إقناع الرياض بتحويل جزء من سيولة المنحة السعودية (البالغة 1.3 مليار ريال سعودي) إلى حساب الحكومة لتكون قابلة للتصرف الفوري وفق متابعة مرصد “بقش”، خصوصاً لتغطية بند المرتبات الذي يمثل العبء الشهري الأكبر.

فالفشل في إقناع السعودية بتصريف الأموال المقيدة، يضع الحكومة أمام تحدٍّ جديد يفرض عليها الاعتماد على مواردها المحلية كخيار وحيد لمواجهة أزمة السيولة، في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية والمعيشية على المواطنين.

ووفق مصادر نقل عنها الصحفي ماجد الداعري، رئيس تحرير صحيفة مراقبون برس، فإن الجانب السعودي متمسّك بموقفه الرافض لأي تحويل مالي جديد.

ويستدعي ذلك من الحكومة إثبات قدرتها على تحصيل مواردها وتوحيدها في البنك المركزي، واستكمال تنفيذ خطوات الإصلاحات الاقتصادية التي التزمت بها، بما في ذلك وقف الفساد المالي والإداري وتحسين الإيرادات العامة.

لذا يبدو أن الخيارات الحكومية مقتصرة حالياً على توجيه موارد الدولة إلى البنك المركزي، كحل وحيد متاح لتجاوز أزمة المرتبات.

ويعتبر اقتصاديون أن عدم صرف أي مبالغ من المنحة منذ الإعلان عنها (في 20 سبتمبر 2025) حتى الآن، يشير إلى تراجع واضح في الثقة بين السعودية وحكومة عدن، نظراً لضعف الانضباط المالي وتعدُّد مراكز القرار داخل السلطة التنفيذية والمجالس المحلية، ما جعل المانحين يشترطون إصلاحات ملموسة قبل تقديم أي دعم جديد.

ويتضح فشل الإدارة المالية في عدد من الجوانب، منها ما نُشر حديثاً حول مشروع موازنة صحيفة الثورة الإلكترونية التابعة لحكومة عدن.

فوفقاً لوثيقة حصل “بقش” على نسخة منها، بلغت تقديرات مشروع موازنة الثورة للعام 2026 أكثر من 19 ملياراً و767 مليون ريال. وقد علّق ناشطون، من بينهم الصحفي الاقتصادي الداعري، على ذلك بأن موازنة كهذه تأتي في حين أن الموظفين بلا مرتبات. ووصف الداعري هذه الموازنة للصحيفة الإلكترونية بأنها “تكشف مدى وقاحة فساد وزير الإعلام والحكومة ومجلس القيادة، وصوابية قرار السعودية بتقييد منحتها ورفضها تمكين الحكومة من أي مبلغ مالي قابل للتصرف بعيداً عن البرنامج السعودي للإعمار”.

وتساءل أيضاً موجهاً هجومه لوزير الإعلام: “لماذا لم تُمنح مؤسسة وصحيفة 14 أكتوبر حتى 10% من هذه الميزانية المليارية، وهي تصدر ورقياً كل يوم لتغطية أخبار مجلس القيادة والحكومة كصحيفة حكومية وحيدة ما تزال مستمرة في الصدور الورقي المنتظم حتى اليوم”.

اجتماع للرئاسي في الرياض.. محاولة لجمع الإيرادات

بينما تبقى الإيرادات الخارجة عن السيطرة الشغل الشاغل للحكومة حالياً، لتغطية التزاماتها، اجتمع المجلس الرئاسي اليوم الأربعاء في العاصمة السعودية الرياض، بحضور رئيس الحكومة ومحافظ البنك المركزي وقيادات السلطات المحلية في محافظات حكومة عدن.

جاء الاجتماع للتأكيد على أولوية “توحيد الموارد وتعزيز الشفافية والحوكمة” باعتبارها الأساس لأي إصلاح اقتصادي قادم وفق اطلاع بقش على ما نشرته وكالة سبأ التابعة للحكومة.

وشدد المجلس على ضرورة ربط جميع المحافظات بمنظومات التحصيل الإلكتروني ومنع أي جبايات غير قانونية، وضمان أن تصل جميع الإيرادات إلى البنك المركزي، في إشارةٍ إلى أن الحكومة باتت أمام مرحلة إلزامية من الانضباط المالي، لا سيما بعد تزايد الضغوط السعودية والدولية بضرورة تطبيق الإصلاحات كشرط لأي دعم أو تمويل خارجي.

وقال المجلس الرئاسي إنه أقر إجراءات لتعزيز مسار الإصلاحات الاقتصادية، منها تشديد الرقابة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، وتوسيع نطاق الربط الإلكتروني للإيرادات السيادية، وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وأضاف أنه يدعم الحكومة في تنفيذ القرارات المرتبطة بالإصلاحات والوصول الكامل إلى الموارد العامة، مع تمكين بنك عدن المركزي من جميع أدواته في إدارة السياسة النقدية للحد من المضاربات.

ويشير ذلك عملياً إلى أن الحكومة، في ظل غياب الدعم المالي الخارجي، وجدت نفسها مضطرة لتطبيق خطة طارئة لتجميع الموارد المحلية.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي فشلت فيه الحكومة في تحقيق تقدم ملموس في مجالات تحصيل الإيرادات وإلزام المؤسسات الإيرادية على توريد الأموال إلى بنك عدن المركزي، والاختلالات الحاصلة في الرقابة على الموانئ والضرائب والجمارك، وهو ما ساهم بدوره في تعميق تحفظات المانحين، الذين يشترطون اليوم الإصلاح مقابل الدعم.

ورغم أهمية هذه الخطوة، إلا أنها تواجه عقبات عدة وفقاً لاقتصاديين، منها رفض بعض المحافظات توريد كامل إيراداتها إلى عدن، مبررةً ذلك بغياب الشفافية في إنفاق تلك الأموال، إضافةً إلى أن ضعف النظام الإداري وتعدد مراكز القوى داخل الحكومة يجعل من الصعب فرض سيطرة كاملة على الموارد، ما يعني أن الأزمة المالية مرشحة للاستمرار لأشهر قادمة.

ويعتبر خبراء أن نجاح الحكومة في توحيد الموارد فعلياً سيكون بمثابة اختبار حاسم لقدرتها على البقاء والاستمرار، في ظل تراجع الدعم الخليجي والدولي، واتساع الفجوة بين المؤسسات الحكومية وبين الشارع الذي يعاني تحت وطأة الغلاء وتدهور الخدمات.

زر الذهاب إلى الأعلى