“بيتكوين” تصنع الخسائر بـ”تريليون دولار” في 2025.. والمستثمرون يدفعون الثمن

الاقتصاد العالمي | بقش
في عامٍ بدأ على إيقاع الوعود وانتهى على وقع الخسائر، تكشف تطورات سوق العملات المشفرة، وخصوصاً “بيتكوين”، عن مفارقة حادة بين خطاب التفاؤل السياسي والمؤسسي، وواقع المستثمرين الأفراد الذين دفعوا الثمن الأكبر في 2025، فيما تتجه الأنظار بقلق إلى 2026 بوصفه عام الاختبار الحقيقي.
ودخلت بيتكوين عام 2025 محمولة على موجة آمال عريضة، فقد غذّت إعادة انتخاب ترامب المراهن على الأصول الرقمية، توقعات بطفرة تاريخية.
وبالفعل، بلغت العملة المشفّرة الأكبر في العالم مستوى قياسياً غير مسبوق عند 126 ألف دولار وفق متابعات مرصد “بقش”، وهو رقم بدا لكثيرين تأكيداً على أن السوق دخل مرحلة صعود طويلة الأمد.
لكن القفزة انحدرت سريعاً، فمع اقتراب نهاية العام 2025، تراجعت بيتكوين بنحو 10% مقارنة بديسمبر الماضي، وتبخّر تريليون دولار من القيمة السوقية المجمعة لجميع العملات المشفّرة، لتتبدد رهانات ضخمة لمستثمرين أفراد كانوا الأكثر اندفاعاً خلف موجة التفاؤل.
المستثمر.. الخاسر الأكبر
تورد وكالة “بلومبيرغ” قصة خواكين موراليس، الطالب الجامعي البالغ من العمر 21 عاماً في جامعة IE بمدريد، لتلخص المزاج العام. راهن الشاب على الشراء عند الانخفاض، واشترى بيتكوين مراراً مع كل تراجع جديد، لكنه فوجئ بأن السعر واصل الهبوط بوتيرة حادة.
يقول موراليس واصفاً تجربته: “أمسكت بالسكين الساقطة نحو خمس مرات”. ويلخّص عام 2025 بكلمة واحدة: “عام مخادع”.
وحسب محللين، سهّلت البيئة الجديدة –إدارة سياسية متقبّلة للكريبتو، وأدوات مالية مستوحاة من سوق الأسهم– تدفّق المستثمرين الباحثين عن الزخم إلى سوق شديد التقلب.
ويرى ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في إنتراكتيف بروكرز، أن الانهيار الخاطف في 10 أكتوبر كان بمثابة “جرس إنذار غير سار للغاية” حسب اطلاع بقش على بلومبيرغ، فالجمع بين التفاؤل السياسي، والأدوات الاستثمارية السهلة، خلق حالة تكدّس خطرة في سوق لم يتخلَّ بعد عن طبيعته المضاربية.
وأعاد هذا التحول إلى الأذهان أسوأ لحظات 2022، حين قاد انهيار منصة FTX إلى ما عُرف بـ”شتاء العملات المشفّرة”، ودفع كثيرين إلى التحوّط وإعادة تقييم استراتيجياتهم استعداداً للمرحلة المقبلة.
ومع نهاية 2025، تبدو السوق منقسمة، وعن ذلك يقول “ستيفن سايكس”، الرئيس التنفيذي للعمليات في منصة “بابلك”، إن السوق “سوق ثنائية النمط” بين المستثمرين الأفراد، ففريق يتمسّك بالأصول “القيادية” وعلى رأسها “بيتكوين”، وفريق آخر يغامر في العملات البديلة الأصغر، مثل إيثريوم.
في خلفية هذه التحركات، يتصاعد جدل فكري واستثماري أعمق حول ما يُعرف بـ”دورة الأربع سنوات” للبيتكوين، المرتبطة بعمليات “التنصيف”، وهناك جبهة مشككين ترى أن القواعد القديمة لم تعد صالحة.
تنقل بلومبيرغ أن العوامل التي حرّكت الدورات السابقة، مثل التنصيف والرافعة المالية المفرطة، ضعفت كثيراً، وأن رأس المال المؤسسي والقبول التنظيمي قد يدفعان “بيتكوين” إلى قمم جديدة.
وبات مسار بيتكوين مرتبطاً بالسيولة العالمية والاقتصاد الكلي أكثر من التنصيف، ودخول المؤسسات سيمنع الانهيارات الحادة التي كانت تصل سابقاً إلى 70% و90% حسب قراءة بقش ما نشرته بلومبيرغ.
فيديلتي تحذّر: شتاء محتمل في 2026
على الطرف المقابل، تقول شركات الخدمات المالية العالمية “فيديلتي” إن بلوغ بيتكوين قمة 125 ألف دولار في أكتوبر 2025، بعد 145 أسبوعاً من الصعود، يتماشى تماماً مع نمط الدورات السابقة.
وقد يكون عام 2026 “عاماً هادئاً” أو “سنة استراحة”، أي “شتاء بيتكوين” ويستمر عادة نحو عام بعد القمة، وفق فيديلتي.
وتتوقع تراجع السعر بأكثر من 20 ألف دولار، مع تحديد منطقة دعم رئيسية بين 65 ألفاً و75 ألف دولار خلال هذا الهبوط.
وبين من يرى في بيتكوين أصلاً اقتصادياً كلياً ناضجاً تجاوز دوراته التاريخية، ومن يحذّر من تجاهل الأنماط القديمة، يتفق معظم المحللين على نقطة واحدة هي أن 2026 سيكون عام الحسم، فإما أن يثبت السعر فوق مستويات الدعم ويستعيد زخمه، أو أن يغرق في سبات عميق يثبت أن عام 2025 لم يكن إلا مرحلة وهم كبير في عالم الكريبتو.


