الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

تايلاند تطلق مشروعاً استراتيجياً لربط المحيطين الهندي والهادئ.. ومليارات الدولارات على الطاولة

كشفت الحكومة التايلاندية عن خطة طموحة لإنشاء “ممر لوجستي عملاق” يربط بين المحيطين الهندي والهادئ، بتكلفة تُقدر بنحو 29 مليار دولار، في إطار سعيها لتعزيز موقعها كمركز تجاري إقليمي.

المشروع، الذي يُعرف باسم “الجسر البري”، يأتي ضمن استراتيجية حزب “فيو تاي” الحاكم لتحويل جنوب تايلاند إلى منطقة اقتصادية خاصة، عبر تطوير بنية تحتية متكاملة تشمل ميناءين بحريين عميقين وطرق سريعة وسكك حديدية.

تفاصيل المشروع: تحويل الجغرافيا لمورد عالمي مستدام

يمتد المشروع على مسافة 100 كيلومتر عبر شبه الجزيرة التايلاندية، ليصل بين ميناء رانونغ المطل على بحر أندامان (المحيط الهندي)، وميناء تشومفون على خليج تايلاند (المحيط الهادئ) وفق اطلاع بقش على تفاصيل المشروع. ومن المتوقع أن يُقلص الممر زمن نقل البضائع بين المحيطين بأكثر من 4 أيام، عبر تجاوز مضيق ملقا المزدحم، الذي يمر عبره 40% من التجارة البحرية العالمية.

وتستهدف بانكوك الانتهاء من المشروع بحلول 2030، مع فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب لتملك أكثر من 50% من حصص المشاريع المشتركة.

تمويل ضخم وحوافز استثمارية

أعلنت وزارة النقل عن تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيسة الوزراء “بايتونغتارن شيناواترا”، لتسريع الإجراءات وتأمين التمويل اللازم، الذي سيغطي تكاليف الموانئ العميقة البالغة 630 مليار بات (حوالي 17.5 مليار دولار).

كما سيُرفق المشروع بمنطقة اقتصادية خاصة في أربع محافظات جنوبية، تقدم إعفاءات ضريبية وتسهيلات جمركية لجذب الشركات العالمية، ويجري تقديم مشروع القانون حالياً لجلسات استماع عامة قبل إحالته إلى مجلس الوزراء والبرلمان.

تحليلات: بين فرصة استراتيجية تاريخية وتحديات كبرى

يرى خبراء لوجستيون أن المشروع قد يُعيد رسم خريطة الشحن العالمي، حيث سيسمح للسفن القادمة من الشرق الأوسط وأوروبا بتفادي الازدحام في مضيق ملقا، الذي يشهد عبور 90 ألف سفينة سنوياً، وتقدر دراسة لـ”بنك كاسيكورن” انخفاضَ تكاليف الشحن بنسبة 15% على الأقل للرحلة الواحدة وفق مراجعة بقش.

المشروع يسعى لجذب استثمارات من القوى الكبرى، حيث عرضت الصين تمويلاً عبر مبادرة “الحزام والطريق”، بينما أبدت أمريكا اهتماماً بتعزيز وجودها في المحيطين، لكن التوترات في بحر الصين الجنوبي قد تؤثر على الجدوى الاقتصادية للممر.

وحذّر نشطاء من تدمير 3500 هكتار من الغابات الاستوائية والمحميات البحرية خلال عمليات التشييد، خاصة في محافظة رانونغ التي تضم مواقع تراثية، وتعهدت الحكومة بتخصيص 5% من الميزانية لإجراءات تعويضية.

هذه الخطة تُعيد إحياء فكرة “قناة كرا” التي ظلت مُعلقة منذ القرن السابع عشر، والتي تهدف لشق قناة ملاحية عبر تايلاند، لكن الخبراء يرون أن “الجسر البري” أقل تعقيداً، وأكثر ملاءمة للتكنولوجيا الحالية، حيث يعتمد على نقل الحاويات برياً بدلاً من حفر قناة.

ورغم التفاؤل الرسمي، تشكك تقارير اقتصادية في إمكانية الالتزام بالجدول الزمني، خاصة مع تاريخ تايلاند في تعثر المشاريع الكبرى بسبب التقلبات السياسية، فوفقاً لاطلاع بقش على بيانات مركز “سيام كوميرشال” للأبحاث، فإن 70% من الاستثمارات العامة الكبرى منذ 2000 تأخرت عن مواعيدها، كما أن نجاح الممر يعتمد على تعاون دول الجوار، خاصة ماليزيا وميانمار، لربطه بشبكات النقل الإقليمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى