منوعات
أخر الأخبار

ترامب سيصنع هاتفه الذهبي في الصين.. أمريكا أولاً” تصطدم بالواقع التقني

منوعات | بقش

في مشهد يبدو أنه يُعيد تعريف مفهوم “أمريكا أولاً” على طريقته الخاصة، أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، رجل الأعمال المتقلب الذي لا يعرف الهدوء، عن إطلاق هاتفه الذكي الجديد تحت اسم T1 بلون ذهبي فاقع وبسعر لا يقل بريقاً يصل إلى 499 دولاراً.

الهاتف، الذي تسوّقه “مؤسسة ترامب” المدرجة في بورصة ناسداك تحت الرمز DJT، سيعمل بنظام أندرويد من شركة غوغل – رغم ماضي ترامب العدائي مع وادي السيليكون – لكن المفاجأة ليست هنا، بل في مكان التصنيع الفعلي: الصين، خصم ترامب الاقتصادي اللدود، ومصدر كل الأرق التجاري الذي حاول أن يدفنه بجدران جمركية من بداية فترة رئاسته الثانية.

من شعارات الوطنية إلى خطوط الإنتاج الصينية

ورغم التأكيد الرسمي من شركة ترامب على أن الهاتف “صنع في الولايات المتحدة”، إلا أن خبراء التكنولوجيا لم يحتاجوا إلى كثير من الجهد لكشف المستور، ففي حديثه لشبكة CNBC، قال “فرانشيسكو جيرونيمو”، نائب رئيس شركة International Data Corporation، إن “الادعاء بتصميم وتجميع الهاتف بالكامل داخل الولايات المتحدة مستحيل تماماً”.

وأضاف وفق اطلاع بقش أن Trump T1 على الأرجح “ينتمي إلى فئة المنتجات التي تُصمم وتُصنّع بالكامل من قبل شركات ODM صينية، وفقاً لمواصفات تزوّدها شركة العلامة التجارية، ثم يُعاد تغليفها وتسويقها وكأنها ابتكار أمريكي”.

ولم يكن جيرونيمو وحده في شكوكه؛ فقد كتب “بليك بريزميكي”، المحلل في Counterpoint Research، في مذكرة يوم أمس الاثنين: “من المرجح أن يتم إنتاج هذا الهاتف في البداية داخل مصانع صينية”، وهو ما أكده زميله “جيف فيلدهاك” قائلاً: “لا تمتلك الولايات المتحدة بنية تحتية صناعية حقيقية لإنتاج هواتف ذكية بهذا الحجم حالياً”.

ترامب والصين: تاريخ من الرسوم والغرامات… والنهاية بموبايل؟

يأتي موضوع التصنيع في الصين مناقضاً تماماً لما قضى ترامب يحاول تنفيذه منذ لحظة عودته إلى السلطة، عبر شنّ حملة اقتصادية شعواء على بكين، حيث فرض رسوماً جمركية على مئات مليارات الدولارات من البضائع الصينية، ودخل في حرب تجارية صاخبة، ومنع الشركات الأمريكية من التعامل مع عمالقة التقنية مثل هواوي وZTE، وهاجم صراحة سلاسل التوريد المعتمدة على التصنيع الآسيوي، داعياً شركة آبل – تحديداً – إلى “إعادة تصنيع الآيفون إلى داخل أمريكا”.

كما هدد أكثر من مرة بفرض رسوم جديدة على الأجهزة المستوردة، بل وتفاخر في خطاباته بكونه الرئيس الوحيد الذي “وقف في وجه التنين الصيني”، داعياً إلى مقاطعة البضائع القادمة من هناك.

لكن يبدو أن بوصلة الاقتصاد لا تتبع الشعارات السياسية، فبينما دعا ترامب مراراً إلى عودة المصانع الأمريكية إلى الديار، فإن أول هواتف علامته التجارية تُبحر على الأرجح من شنجن أو قوانغتشو، مروراً بموانئ آسيا، لتصل إلى الأسواق الأمريكية بعلامة تجارية مكتوب عليها “صنع في الولايات المتحدة الأمريكية” وربما ببصمة صينية غير مرئية.

أمريكا أولاً… ما لم تكن تكلفة التصنيع مرتفعة

في السياق ذاته، تُشير تقديرات متخصصة إلى أن تصنيع هاتف ذكي بالكامل داخل الولايات المتحدة – من الشرائح إلى الغلاف البلاستيكي – من شأنه أن يرفع تكلفة الجهاز بنسبة 30 إلى 40% على الأقل، إضافة إلى سنوات من الاستثمارات في خطوط الإنتاج وتدريب الأيدي العاملة.

وتُظهر مراجعة قام بها المرصد الاقتصادي بقش أن متوسط تكلفة إنتاج هاتف ذكي في الصين يتراوح بين 150 إلى 180 دولاراً، بينما تتخطى هذه الكلفة 270 دولاراً في حال التصنيع داخل الولايات المتحدة، ما يعني أن هاتف ترامب T1 إذا صُنع بالفعل في أمريكا، فإما أن الشركة تخسر على كل جهاز، أو أنها اخترعت آلة لصنع الهواتف من الهواء.

ترامب، الذي اشتهر بتوقيعه بيده اليمنى على اتفاقيات الخروج من الاتفاقات التجارية، يبدو أنه وقّع بعقله التجاري على صفقة من نوع مختلف، صفقة تقول ببساطة: “الوطنية سلعة ممتازة للتسويق، لكن الصين تبقى أرخص كمصنع”.

ولعل المفارقة الأكثر طرافة أن الهاتف الذي يحمل اسمه سيعمل بنظام أندرويد من غوغل، الشركة التي دخلت في اشتباكات قانونية وعلنية معه أكثر من مرة، خاصة خلال الانتخابات الرئاسية، ومع ذلك، فإن ترامب اختار نظامها، لأنه – ببساطة – لا خيار آخر في السوق الأمريكية باستثناء أندرويد وiOS، والأخير ملك لآبل التي تجاهلت مطالبه بإعادة مصانعها إلى أمريكا.


يبقى هاتف Trump T1 تجسيداً طريفاً لفكرة أن المال – لا السياسة – هو المحرك الحقيقي للقرارات الاقتصادية، حتى لدى من جعل شعاره السياسي: “صنع في أمريكا”، وبينما يحلّق الهاتف في الأسواق بهالة وطنية مطلية بالذهب، فإن من يعرفون خبايا الصناعة يبتسمون وهم يقرؤون “Made in USA”، ويتساءلون: هل هذا الهاتف أيضاً “أخبار مزيفة”؟ في إشارة إلى الجملة التي يستعملها ترامب دائماً عند مواجهة التقارير الصحفية التي تهاجمه.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش