تقارير
أخر الأخبار

ترامب يهدد موسكو بـ”حرب اقتصادية” إذا فشلت مساعيه لإنهاء حرب أوكرانيا

تقارير | بقش

صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته إزاء الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الرابع، ملوّحاً باستخدام ما وصفه بـ”الحرب الاقتصادية” ضد موسكو إذا لم يوافق الرئيس فلاديمير بوتين على الدخول في مفاوضات مباشرة مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لوقف إطلاق النار.

قال ترامب في اجتماع لمجلس وزرائه بالبيت الأبيض يوم الثلاثاء: “لن تكون حرباً عالمية، لكنها ستكون حرباً اقتصادية، وستكون سيئة لروسيا، وأنا لا أريد ذلك”. وأضاف حسب اطلاع مرصد “بقش”: “إنه أمر خطير للغاية ما يدور في ذهني إذا كان عليّ القيام به، لكنني أريد أن أرى هذه الحرب تنتهي”.

رغم تعهده المتكرر بإنهاء الحرب “في يومه الأول في المنصب”، يجد ترامب أن الصراع أعقد بكثير مما توقع. فالقمة التاريخية التي جمعته ببوتين في “أنكوراج” منتصف أغسطس أثارت آمالاً باختراق دبلوماسي، لكن بعد أسبوعين لم يحدَّد أي لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي.

واشنطن تقول إن بوتين وافق مبدئياً على اللقاء، لكن الكرملين ينفي ويعتبر أن “جدول الأعمال غير جاهز”. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد لشبكة “إن بي سي” أن “بوتين سيكون مستعداً عندما يصبح جدول أعمال القمة جاهزاً، لكنه ليس كذلك الآن”.

في المقابل، أوضح زيلينسكي في 23 أغسطس أنه يتوقع إعلان ضمانات أمنية مدعومة من الولايات المتحدة وأوروبا “في الأيام المقبلة”، كشرط ضروري لأي اتفاق محتمل.

العقوبات والرسوم الجمركية كسلاح ضغط

ترامب شدد على أن الاقتصاد سيكون ساحته الأساسية للضغط، ملمحاً إلى استخدام نظام رسوم جمركية قاسٍ ضد روسيا وربما حتى أوكرانيا. وسبق أن ضاعف الرسوم الجمركية على الهند إلى 50% بسبب استمرارها في استيراد النفط الروسي بكميات كبيرة، مؤكداً أنه منفتح على فرض 25% إضافية هذا الأسبوع.

الهند، التي أصبحت من أكبر مشتري الخام الروسي منذ 2022، باتت في عين العاصفة. ويشير مراقبون إلى أن ترامب يستخدم ورقة العقوبات الجمركية ليس فقط لمعاقبة موسكو، بل أيضاً لإجبار شركائها التجاريين على تقليص اعتمادهم على الطاقة الروسية.

وقال ترامب: “أنا منفتح على استخدام نظام تعريفة قوي للغاية ومكلف للغاية لروسيا أو أوكرانيا، إذا كان ذلك سيصنع السلام”.

اللافت أن ترامب لم يوفّر كييف من الانتقاد، إذ قال: “زيلينسكي ليس بريئاً تماماً أيضاً”. وهو خطاب يكرر انتقاداته السابقة للرئيس الأوكراني بأنه “غير ممتن كفاية للدعم الأمريكي”، في محاولة لإظهار نفسه كوسيط محايد، لكن هذه الرسائل أثارت قلق الأوروبيين الذين يخشون أن تضعف الضغوط على أوكرانيا موقفها التفاوضي.

تأثير عالمي محتمل

استخدام “الحرب الاقتصادية” كورقة ضغط يثير مخاوف واسعة في الأسواق العالمية. أي عقوبات جديدة واسعة على روسيا – لا سيما في قطاع الطاقة والمواد الخام – قد تدفع أسعار النفط والغاز إلى مستويات أعلى، وتُحدث اضطراباً في سلاسل الإمداد العالمية.

وفي حين يرى ترامب أن الضغوط الاقتصادية قد تكون وسيلة لفرض السلام، يحذر اقتصاديون من أن هذه الأدوات قد ترتد على الاقتصاد العالمي نفسه، تماماً كما حدث في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين (2018–2020) التي رفعت كلفة الاستيراد على الأمريكيين وأضرت بالصادرات الزراعية والصناعية.

إلى جانب الملف الأوكراني، يواصل ترامب ضغوطه الداخلية على مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، مطالباً رئيسه جيروم باول بالاستقالة، ومهدداً بتغيير تركيبة المجلس إذا لم يخفض أسعار الفائدة سريعاً.

هذه الضغوط أثارت قلق محافظي البنوك المركزية حول العالم، الذين حذروا من أن استسلام الفيدرالي قد يشجع حكومات أخرى –خاصة الشعبوية منها– على تقويض استقلالية مؤسساتها النقدية وفق قراءة بقش، مما يهدد بارتفاع التضخم عالمياً وزيادة تقلب الأسواق.

وقال أولي رين، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي: “الهجمات ذات الدوافع السياسية على الفيدرالي لها تداعيات مباشرة على أوروبا والعالم”. وأضاف نظيره الألماني يواخيم ناجل أن “الاستقلالية ليست أمراً مسلّماً به، بل شرط أساسي لاستقرار الأسعار”.

بهذا المشهد، يبدو أن إدارة ترامب تراهن على الاقتصاد كساحة بديلة للحروب العسكرية، سواء عبر التلويح بـ”حرب اقتصادية” ضد روسيا، أو عبر محاولات إعادة تشكيل السياسة النقدية الأمريكية داخلياً، غير أن المخاطر تبقى قائمة: من تفاقم اضطرابات الطاقة العالمية، إلى احتمال فقدان الثقة باستقلالية البنوك المركزية، ما قد يفتح الباب أمام مرحلة من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي على مستوى العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش