
متابعات محلية | بقش
شهدت مدينة الشحر بمحافظة حضرموت، اليوم الأحد، عصياناً مدنياً استجابة لدعوة القيادة الشبابية لما يُعرف بحركة “ثورة الجياع”، في ظل اتهامات للسلطة المحلية بتجاهل مطالب المواطنين.
وتوقفت الحركة في عدد من المرافق والمتاجر وفق متابعة بقش، فيما نظّم المحتجون وقفة أمام مبنى السلطة المحلية، مطالبين بخفض أسعار المشتقات النفطية بما يتناسب مع سعر الصرف الحالي، وفرض رقابة على الأسواق، وحل أزمات المياه والكهرباء والنفايات، وتحسين الخدمات الصحية، ومحاسبة الفاسدين.
كما دعا المحتجون إلى تخفيض أسعار السلع تزامناً مع تحسن الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، معتبرين أن استمرار ارتفاع الأسعار رغم التراجع في سعر الصرف يزيد من معاناة المواطنين.
أحداث دامية في تريم وتصعيد قبلي
في مدينة تريم، تحولت الاحتجاجات إلى مواجهات دامية بين قوات الأمن والجيش من جهة، ومحتجين غاضبين من جهة أخرى، بعد محاولة القوات فتح طريق رئيسي أغلقه المتظاهرون منذ أيام. ووفق اطلاع “بقش”، استخدمت القوات الرصاص الحي لتفريق المحتجين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم، بينهم حالات خطيرة.
حلف قبائل حضرموت أصدر بياناً شديد اللهجة، اعتبر فيه ما جرى “اعتداءً سافراً على مواطنين عزّل”، مؤكداً أن أي هجوم على المحتجين يعد هجوماً على الحلف بأكمله، ومهدداً بالرد دفاعاً عن “الحق والأرض والنفس”.
اللجنة الأمنية في الوادي والصحراء بررت تدخلها بالقوة بأن إغلاق الطريق الدولي في تريم ألحق أضراراً اقتصادية كبيرة، وتلفاً للبضائع، وعطّل مصالح المواطنين، وأكدت أنها حاولت التفاوض مع المحتجين عبر شخصيات اجتماعية قبل اللجوء إلى القوة.
كما دعت اللجنة السلطات المحلية في المديريات إلى مراقبة الأسعار وتطبيق قرارات البنك المركزي بخفضها تماشياً مع تحسن الصرف، مع اتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين، وفي السياق ذاته، أغلقت السلطة المحلية في تريم عدداً من المحلات التجارية لعدم التزامها بتخفيض الأسعار.
عودة الاحتجاجات إلى المكلا واستمرار الغليان
في المكلا، عادت الاحتجاجات الشعبية تزامناً مع عودة محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي من السعودية بعد غياب دام ثلاثة أشهر. وقطع محتجون الطريق الرئيسي في منطقة الديس، تنديداً بانقطاع الكهرباء وتدهور الخدمات الأساسية.
وشهدت المكلا اليوم الأحد احتجاجات قطعت الطريق الرئيسي وأوقفت حركة الشاحنات والقاطرات، مما تسبب في شلل جزئي لحركة النقل، تنديداً بتدهور الخدمات العامة وعلى رأسها الكهرباء، تزامناً مع عودة المحافظ.
ويرى مراقبون، وفق متابعة “بقش”، أن موجة الاحتجاجات الحالية تمثل مؤشراً على تصاعد السخط الشعبي في حضرموت، وأن استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية قد يدفع بالمحافظة نحو مزيد من التوتر والانقسام.
تأتي هذه الاحتجاجات في وقت تشهد فيه مناطق حكومة عدن أزمة سيولة خانقة في العملات الأجنبية، بعد القرارات الأخيرة للبنك المركزي التي حددت سقف الحوالات الشخصية، وأوقفت عشرات شركات الصرافة، ضمن سلسلة تحركات تضمنت تفعيل آلية إلزام التجار باستيراد سلع أساسية عبر البنوك.
وقد عممت وزارة التجارة والصناعة بحضرموت على التجار والمستوردين بالبيع بالريال اليمني حصراً وعدم استخدام العملات الأجنبية في التعاملات التجارية والخدمية والعقارية، وبما يوازي أسعار الصرف المقرة من بنك عدن المركزي حسب التعميم الذي حصل بقش على نسخة منه، وكذا الالتزام بإشهار أسعار المنتجات في المحلات، ملوحةً باتخاذ إجراءات قانونية ضد المخالفين وإحالتهم للنيابة العامة.
وبحسب تحليل “بقش”، فإن هذه الإجراءات، رغم هدفها المعلن في ضبط سوق الصرف ومحاربة السوق السوداء، انعكست على شح العملة الأجنبية في الأسواق المحلية، ورفعت حالة القلق لدى المواطنين والتجار، ما زاد من زخم الاحتجاجات المطالبة بضبط الأسعار وتحسين الخدمات.
تطورات حضرموت الأخيرة تكشف عن تداخل معقد بين الأزمات الاقتصادية والاحتقان الشعبي، حيث تتزامن سياسات البنك المركزي وإجراءاته المالية مع تصعيد الشارع لمطالبه المعيشية. ومع غياب حلول ملموسة وسريعة، يظل خطر انفجار الوضع وارداً، بما قد يعمق الانقسام ويهدد الاستقرار في واحدة من أهم المحافظات اليمنية اقتصادياً وجغرافياً.