انزلقت أسواق العملات المشفرة في منحى هبوطي حاد اليوم الاثنين، متأثرةً بتصاعد النزاعات التجارية العالمية وتوقعات شحّ سياسات التيسير النقدي من الاحتياطي الفيدرالي، ما أطاح بمكاسب الأسبوع الماضي التي جاءت عقب إعلانات داعمة من الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”.
تشهد الأصول عالية المخاطر، وعلى رأسها العملات الرقمية، تراجعاً متواصلاً منذ ديسمبر الماضي، عندما ألمح الفيدرالي الأمريكي إلى وقف مسلسل خفض الفائدة.
وتفاقمت المخاوف مع نشر بيانات تُظهر ارتفاع معدل البطالة الأمريكي إلى 4.1% في فبراير، مقارنة بـ4% في يناير، مما عزز مخاوف الركود ودفع المستثمرين نحو ملاذات آمنة.
وانخفضت بتكوين، العملة الرقمية الأبرز، بنسبة 3.7% مع افتتاح تعاملات اليوم الاثنين، قبل أن تتعافى جزئياً إلى 82,568 دولاراً بحلول منتصف النهار بتوقيت لندن.
وعود ترامب تتحطم على صخرة الواقع
لم تُجدِ المبادرات الأخيرة التي أطلقها ترامب، والتي شملت أمراً تنفيذياً لإنشاء “احتياطي استراتيجي” من البيتكوين وعملات رقمية أخرى، نفعاً في استعادة ثقة المستثمرين. ورغم الوعود بتمويل هذا الاحتياطي من أصول مُصادرة، فإن غياب ضخ سيولة جديدة أحبط الآمال.
وأوضح جيف ماي، الرئيس التنفيذي لـ”بي تي إس إي”، أن السوق استقبلت القمة الحكومية مع خبراء القطاع بخيبة أمل، خاصة بعدما تبين أن الاحتياطي سيقتصر على أصول مُصادرة قيمتها 17 مليار دولار من بتكوين و400 مليون دولار من عملات أخرى، دون إضافة استثمارات جديدة.
تحليلات الخبراء: سحب استثماري وتحذيرات من ركود
أشار أوغستين فان من “سيغنال بلس” إلى أن ارتفاع معدلات البطالة الجزئية لأعلى مستوى في خمس سنوات زاد من تخوفات الركود، مما دفع المستثمرين إلى الهروب من الأصول الخطرة.
من جانبه، حذّر آري بول، الشريك المؤسس لـ”بلوك تاور كابيتال”، من أن تفضيل الإدارة لأصول محددة – مثل عملتي “ترمب” و”ميلانيا” الرقميتين – ينذر بتحوّل السوق إلى “كازينو للمضاربات قصيرة الأجل”.
وخسرت البيتكوين 25% من قيمتها منذ ذروتها التاريخية عند 109,241 دولاراً، بينما تبخرت تريليون دولار من القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية منذ ذروة فبراير، وفقاً لبيانات “كوين جيكو”.
كما شهدت الصناديق المتداولة الأمريكية المُرتبطة بالبتكوين سحباً صافياً قيمته 4.4 مليار دولار منذ فبراير، بعدما كانت محركاً رئيسياً لصعودها العام الماضي.
توقعات مستقبلية: انتعاش مرهون بتهدئة التجارة وتيسير نقدي
يتوقع المحللون ألا تشهد العملات الرقمية انتعاشاً حقيقياً إلا بعد حل النزاعات التجارية واستئناف الفيدرالي لخفض الفائدة.
وفي هذا الصدد، توقع ماي أن تتراوح أسعار البيتكوين بين 70,000 و80,000 دولار خلال الأسابيع المقبلة، في انتظار مؤشرات سياسية واقتصادية إيجابية.
يُذكر أن هذه التطورات تأتي في وقت تواصل فيه لجنة الأوراق المالية الأمريكية (SEC) تخفيف إجراءاتها الرقابية على القطاع، لكن ذلك لم يكفِ لتعويض تأثير العوامل الاقتصادية الكلية السلبية.
