الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

“تصعيد تجاري” قبل استئناف “المحادثات التجارية”.. ترامب يطرح ثلاثة شروط على بكين

الاقتصاد العالمي | بقش

قبل أسابيع قليلة من انتهاء الهدنة التجارية الهشة بين الولايات المتحدة والصين في 10 نوفمبر 2025، أعاد ترامب إشعال التوتر بتحديده ثلاثة شروط أساسية لاستئناف المحادثات التجارية مع بكين.

الشروط وفق اطلاع مرصد “بقش” على أحدث تقارير “بلومبيرغ”، هي ضبط صادرات الفنتانيل، ووقف استخدام الصين للمعادن الأرضية النادرة كورقة ضغط، واستئناف شراء فول الصويا الأمريكي، وجاءت هذه المطالب في وقتٍ تتزايد فيه القيود الأمريكية على التكنولوجيا الصينية، وتتسع فيه الهوة بين البلدين بشأن الأمن الاقتصادي وسلاسل التوريد العالمية.

مغزى المطالب الأمريكية

تُعد المعادن الأرضية النادرة جوهر الصراع الصناعي، حيث تمثل هذه المعادن أساس الصناعات التكنولوجية والعسكرية الأمريكية، من الهواتف الذكية إلى الطائرات المقاتلة، وتخشى واشنطن أن تستخدم بكين هيمنتها على إنتاج أكثر من 70% من هذه المعادن كورقة ضغط في الحرب الاقتصادية.

ووفق متابعات بقش، فإن فرض الصين ضوابط جديدة على تصديرها دَفَع ترامب إلى التهديد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الشحنات الصينية، في مؤشر على استعداد واشنطن للرد بقوة اقتصادية مضادة.

أما ملف “الفنتانيل” فيأتي كواحد من أكثر الملفات حساسية في الداخل الأمريكي، إذ تتهم واشنطن بكين بأنها مصدر رئيسي للمواد الكيميائية التي تُستخدم في تصنيع هذا المخدر القاتل.

وترى إدارة ترمب أن ضبط هذه المواد ليس قضية تجارية فحسب، بل مسألة أمن قومي وصحة عامة، بينما الصين من جانبها تنفي هذه الاتهامات وتؤكد أن أزمة المخدرات مسؤولية داخلية أمريكية بالدرجة الأولى، وحسب تحليلات سابقة لـ”بقش” فإن مثل هذا الشد والجذب جَعَل الملف معقداً من الناحية القانونية والسياسية.

وعن تصدير فول الصويا، فقد بات بمثابة الورقة الزراعية الانتخابية في أمريكا، إذ يشكل المزارعون الأمريكيون، خصوصاً في ولايات الغرب الأوسط، قاعدة دعم رئيسية لترامب.

وبعد أن كانت الصين أكبر مشترٍ لفول الصويا الأمريكي (بقيمة 12.6 مليار دولار عام 2024 حسب مراجعة بقش للبيانات)، أوقفت شراءه وتحولت إلى أمريكا الجنوبية، ما تسبب بخسائر كبيرة للمزارعين الأمريكيين، وسط هذا التوتر التجاري المتصاعد.

ويضغط ترامب لاستئناف الصادرات الزراعية بهدف استعادة الدعم الانتخابي الريفي وتهدئة الأزمة الزراعية المتفاقمة.

تصعيد متبادل تحت ستار المفاوضات

ومن المقرر عقد جولة جديدة من المحادثات بين الجانبين هذا الأسبوع في ماليزيا، بعد اتصالات بين وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” ونائب رئيس الوزراء الصيني “هي ليفينغ”.

ورغم أن ترامب وصف القضايا المطروحة بأنها “عادية جداً”، إلا أن تصريحاته اللاحقة تشير إلى تصعيد واضح، خاصةً بعد أن لوّح بإلغاء اجتماعه المقرر مع الرئيس الصيني، غاضباً من فرض الصين قيوداً إضافية على تصدير المعادن النادرة.

في المقابل، وصفت بكين اللقاءات الأخيرة بأنها “تبادل بنّاء للآراء”، في محاولة للحفاظ على مسار دبلوماسي يخفف من احتمالات انفجار مواجهة اقتصادية جديدة.

ويوحي الوضع الراهن بتصعيد متبادل تحت ستار المفاوضات، فالتصريحات الأمريكية تُظهر مزيجاً من الضغط التفاوضي والرسائل الانتخابية، إذ يسعى ترامب إلى تحقيق مكاسب داخلية قبل تجديد ولايته، ومن جانبها تسعى الصين إلى إظهار الصبر الاستراتيجي.

وأدت التهديدات الجمركية الجديدة إلى ارتفاع أسعار المعادن النادرة عالمياً، وتزايد مخاوف شركات التكنولوجيا من اضطرابات في سلاسل الإمداد.

كما انعكست التوترات سلباً على أسواق الزراعة والطاقة، خصوصاً في ظل مخاوف من حرب تجارية جديدة قد ترفع الأسعار وتقلص التجارة العالمية.

وجرت تحذيرات وزير الخزانة الأمريكي من أن القيود الصينية على المعادن قد تدفع واشنطن إلى “فك الارتباط” مع الصين، وهو ما يمثل تحولاً استراتيجياً خطيراً، ويدل هذا التوجه على بداية فصل جديد في الانقسام الاقتصادي العالمي بين محورين تكنولوجيين وتجاريين، أحدهما بقيادة الولايات المتحدة والآخر بقيادة الصين.

وقد يؤدي تجميد اللقاء بين ترامب والرئيس الصيني إلى انهيار الهدنة التجارية في نوفمبر، وسيفاقم ذلك اضطراب الأسواق الزراعية والتكنولوجية مع احتمال فرض رسوم متبادلة جديدة (اعتباراً من 01 نوفمبر).

كما هناك احتمال لزيادة نزعة “الحمائية” في السياسات الاقتصادية الأمريكية، وتوجيه الشركات الغربية إلى تقليل اعتمادها على الصين في سلاسل التوريد، في إطار سياسة فك الارتباط.

وبالمقابل يدفع ذلك إلى نمو الشراكات الصينية مع دول الجنوب وروسيا لتعويض السوق الأمريكية.

ويرسخ كل ذلك الانقسام الاقتصادي العالمي إلى معسكرين متنافسين، ما قد يؤثر على النظام التجاري الدولي بأكمله، من خلال إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية بناءً على السيطرة على الموارد والمعادن الحيوية، مع احتمال دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة جديدة من عدم الاستقرار الهيكلي.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش