
حنان محمد
حذّر اقتصاديون من أن سياسة الرسوم الجمركية المماثلة التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تؤدي إلى توسيع رقعة الحرب التجارية، مع تركيز جديد على دول آسيوية مثل الهند و تايلاند ، التي تُصنَّف ضمن الأكثر تضرراً في حال تنفيذ هذه الخطوة. يأتي ذلك في إطار وعود ترامب بفرض رسوم تعادل تلك المطبقة من قبل الشركاء التجاريين على المنتجات الأمريكية.
وترجع مخاطر التعرض المرتفعة على الهند وتايلاند إلى الفارق الكبير في متوسط الرسوم الجمركية بين ما تفرضه هاتان الدولتان على الواردات الأمريكية مقارنة بالرسوم الأمريكية على صادراتهما، وفقاً لتحليلات خبراء.
إلا أن غموض معالم سياسة ترامب -من حيث الدول المستهدفة أو المعايير- يبقي التوقعات معلقة دون حسم.
اقتصاديات آسيوية على خط النار
أكدت دراسة لـ”نومورا هولدينغز” تحت إشراف سونال فارما أن اقتصادات آسيا الناشئة، التي تفرض رسوماً أعلى على الصادرات الأمريكية، قد تواجه ردود فعل مماثلة، مما يدفعها إلى تسريع مفاوضاتها مع واشنطن لتجنب تصعيد غير مرغوب فيه.
وجدد ترامب مؤخراً تهديداته بفرض رسوم جمركية “لضمان معاملة عادلة للولايات المتحدة”، مشيراً إلى أن هذا النهج قد يحل محل خططه السابقة لفرض رسوم شاملة على الواردات. ومن المقرر أن تُكشف النقاب عن تفاصيل السياسة الجديدة هذا الأسبوع، مع احتمال تطبيقها سريعاً.
من “التجارة بالمثل” إلى “العين بالعين”
يعود تركيز ترامب على سياسة الرسوم المماثلة إلى فترته الرئاسية الأولى، عندما طرح مشروع قانون يمنحه سلطة فرض رسوم على منتجات محددة من أي دولة.
وأكد خلال حملته الانتخابية الأخيرة: “سنرد بنفس الرسوم التي يفرضونها علينا، بدون أي تنازلات”.
ودفع التهديد المتجدد الدول الآسيوية إلى تعزيز جهودها لاسترضاء ترامب، عبر تعزيز شراكاتها التجارية مع واشنطن. فعلى سبيل المثال، تسعى الهند -أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال- إلى زيادة مشترياتها من الوقود الأمريكي قبيل قمة ثنائية مرتقبة. وفي تايلاند، تجري دراسة خطط لرفع الواردات من المنتجات الزراعية الأمريكية والإيثان.
فجوات جمركية وتداعيات غير محدودة
كشفت تحليلات خبراء، بينهم “ميفا كوزان” من “بلومبرغ إيكونوميكس” و “جورج سارافيلوس” من “دويتشه بنك”، أن الفجوة الجمركية بين الهند والولايات المتحدة -التي تتجاوز 10 نقاط مئوية- تجعلها عرضة لردود فعل قاسية.
كما حذّر سارافيلوس من أن توسيع مفهوم “المعاملة بالمثل” ليشمل عوامل مثل الفائض التجاري أو الضرائب قد يزيد تداعيات الأزمة على نطاق عالمي.
وتتوقع تحليلات بنك “مورغان ستانلي” بقيادة شيتان أهيا أن تواجه الهند وتايلاند ارتفاعاً في الرسوم الجمركية بنسبة 4-6% إذا سعت واشنطن لسد هذه الفجوة، مع إمكانية تعويض ذلك عبر صفقات في قطاعات مثل الطاقة والطائرات.
تأثيرات متباينة وفق التفاصيل
يرتبط حجم الضرر المتوقع بمدى تحديد سياسة ترمب: هل تستهدف متوسطات الرسوم الوطنية، أو صناعات بعينها مثل السيارات والزراعة—التي تعاني رسوماً مرتفعة في بعض الدول—أم ستعتمد معايير مركبة؟
ويشير محللو “مورغان ستانلي” إلى أن الإجراءات الحالية أكثر حدة مقارنة بحرب 2018-2019، مع تحذيرات من أن التصعيد الأخير قد يدفع التوترات إلى مرحلة غير مسبوقة، قائلين: “ربما نقلت التطورات الأخيرة مستوى الخطر إلى مسار جديد”.