الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

تعريفات ترامب تُهدد شراكة اقتصادية تاريخية تبلغ قيمتها 9.5 تريليون دولار سنوياً

حذّرت غرفة التجارة الأمريكية في الاتحاد الأوروبي، الإثنين، من أن تصاعد النزاع التجاري بين الطرفين يعرّض مصالح اقتصادية مشتركة قيمتها 9.5 تريليون دولار للانهيار، في تحذيرٍ هو الأشد منذ اندلاع الأزمة.

التقرير السنوي للغرفة، التي تضم عمالقة مثل “أبل” و”إكسون موبيل”، يُسلط الضوء على تنامي التبادل التجاري للسلع والخدمات إلى مستوى قياسي بلغ 2 تريليون دولار عام 2024، مع تحذيرٍ من أن عام 2025 قد يحمل مخاطر غير مسبوقة لهذه الشراكة، الأضخم عالمياً، وفق اطلاع بقش على التقرير.

وتصاعدت التوترات الأسبوع الماضي مع فرض واشنطن رسوماً جمركية شاملة على واردات الصلب والألمنيوم بنسبة 25%، وردّ الاتحاد بفرض رسوم جمركية أوروبية على سلع أمريكية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار. فيما هدد الرئيس ترامب برفع التعريفات على النبيذ والمشروبات الكحولية الأوروبية إلى 200%، عقب فرض الأوروبيين رسوماً على الويسكي الأمريكي بنسبة 50% حسب متابعات بقش، معتبراً -أي ترامب- أن العجز التجاري الأمريكي مع الاتحاد، رغم الفائض في قطاع الخدمات، يتطلب إعادة توطين الصناعات.

أشار التقرير إلى أن “التجارة السلعية ليست سوى قمة جبل الجليد”، موضحاً أن الاستثمارات المتبادلة هي العمود الفقري للعلاقة، حيث تبلغ مبيعات الشركات الأمريكية التابعة في أوروبا 4 أضعاف صادراتها المباشرة، فيما تفوق مبيعات الشركات الأوروبية في الولايات المتحدة صادراتها بثلاث مرات.

“دانييل هاميلتون”، المحلل الرئيسي للتقرير، حذر من أن 90% من تجارة أيرلندا و60% من تجارة ألمانيا –التي تعتمد على التبادل داخل الشركات متعددة الجنسيات– ستكون أول الضحايا.

تداعيات مُتصاعدة: من الطاقة إلى البيانات.. ومخاطر تفوق التوقعات

لم تقتصر المخاوف على السلع، بل امتدت إلى خدمات أكثر تعقيداً مثل تدفقات البيانات والطاقة، خاصة مع اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بنسبة 40% منذ 2022.

هاميلتون أكد أن “التأثيرات ستتسرب إلى جميع القنوات الاقتصادية”، مشيراً إلى أن سلاسل القيمة المترابطة –مثل تصدير سيارات BMW المصنعة في الولايات المتحدة– قد تتحول إلى نقطة ضعف وسط هذه الحروب التجارية.

حرب التعريفات “الترامبية” تُعيد تعريف مفاهيم المنافسة، حيث تُهدد الرسوم الجمركية بإجبار الشركات على تكرار الاستثمارات في كلا الجانبين، مما يُقلل الكفاءة ويرفع الأسعار للمستهلكين على جانبي المحيط. ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية النصفية، قد تتحول أوروبا إلى ساحة لتصفية الحسابات الداخلية، خاصة مع تصريحات ترامب التي تتعارض مع استراتيجية بايدن السابقة في احتواء التوسع الصيني عبر تعزيز التكتل الغربي.

ويُحذر خبراء من أن تأثر تدفقات الخدمات المالية –التي تبلغ قيمتها 700 مليار دولار سنوياً– قد يُربك أسواق العملات ويزيد تكاليف التحويلات، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن فرض رسوم على المعاملات الرقمية. وقد تدفع الأزمة الشركات إلى تبني استراتيجيات منفصلة لكل سوق، مع إنتاج سلع مختلفة المواصفات لكل منطقة، مما يرفع التكاليف ويُعطّل الابتكار المشترك الذي أنتج ثورات مثل السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي.

وبينما تُحاول الغرفة التجارية لفت الأنظار إلى حجم المصالح المشتركة، يبدو أن العاصفة التجارية القادمة ستختبر مرونة نموذج التعاون الذي ساد منذ الحرب العالمية الثانية. والسؤال الأكبر: هل ستنجو الشراكة (الأمريكية-الأوروبية) من فخّ التنافس قصير النظر، أم أن العالم مقبل على انقسام اقتصادي يُعيده إلى حقبة ما قبل العولمة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى