الجولة الثامنة من عقوبات إدارة ترامب: محاولة أمريكية جديدة لشل تجارة النفط الإيراني

الاقتصاد العالمي | بقش
في جولة هي الثامنة ضمن حملة الضغط التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدف تعطيل قدرات النظام الإيراني على الوصول إلى الموارد المالية، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، الخميس، فرض عقوبات جديدة على شبكات قالت الوزارة إنها متورطة في تجارة النفط الإيراني التي تدر مليارات الدولارات لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وتصدَّر رجل الأعمال العراقي سليم أحمد سعيد، قائمة المستهدفين في العقوبات الجديدة، بتهمة إدارة شبكة شركات معقدة تُخفي النفط الإيراني وتعيد بيعه وكأنه نفط عراقي. ومنذ عام 2020، تعمل شركات سعيد على نقل النفط الإيراني إلى مرافق التخزين والتحميل، مستغلة عمليات النقل من سفينة إلى سفينة وتقنيات إخفاء مسارات السفن ووثائق مزورة وفقاً للوزارة.
ووسّع سعيد ممتلكاته في عام 2023 عبر تأسيس شركة “في إس أويل تيرمينال إف زي إي” (VS Oil Terminal FZE) المسجلة في الإمارات لكنها تعمل فعلياً من ميناء خور الزبير في العراق، حيث تدير ستة صهاريج تخزين يتم فيها خلط النفط الإيراني بالنفط العراقي تحت إشراف مسؤولين حكوميين عراقيين متواطئين، حيث اتهمت الوزارة سعيد بتقديم رشاوى لمسؤولي في هيئات حكومية عراقية بما فيها البرلمان.
وتُظهر بيانات التتبع أن ناقلات نفط تابعة لشركات إيرانية خاضعة للعقوبات مثل شركة تريليانس للبتروكيماويات وصحارى ثاندر (واجهة عسكرية إيرانية) قامت بزيارة مرافق VS Oil، ووفق قراءة بقش يجري تهريب ملايين الدولارات نقداً من أرباح بيع النفط إلى إيران بواسطة سيارات وشاحنات.
ويمتلك سليم أحمد سعيد أيضاً شركة في إس بتروليوم م.د.م.س (VS Petroleum FZC) المسجلة في الإمارات، والتي كانت تُعرف سابقاً باسم آيكون بتروليوم، إضافة إلى شركة راين للشحن التي تورطت عام 2022 في عمليات خلط النفط الإيراني وبيعه كنفط عراقي.
كما تم الكشف عن راين للشحن كمدير لناقلة النفط مولكيول (Molecule)، المعروفة سابقًا باسم بابِل (BABEL)، التي قامت بنقل النفط الإيراني في الخليج العربي مع تعطيل جهاز الإرسال الخاص بها لإخفاء التحركات.
كذلك شملت العقوبات فندق ويليت هوتيل ليمتد (The Willett Hotel Limited) وشركة روبنبست ليمتد (Robinbest Limited) في المملكة المتحدة، لكونهما جزءاً من الأصول التي يملكها أو يديرها سعيد.
أسطول الظل الإيراني
ووفقاً للتقرير الأمريكي الذي طالعه بقش تعتمد إيران بشكل كبير على ما يُعرف بـ”أسطول الظل”، أي سفن لا تخضع للعقوبات تُستخدم لنقل النفط الإيراني عبر البحر، عبر عمليات نقل من سفينة إلى أخرى لإخفاء مصدر النفط قبل وصوله إلى المشترين، خاصة في آسيا.
وتستخدم الشركة الوطنية الإيرانية للناقلات (NITC) شركة ترانس أركتيك جلوبال مارين سيرفيسز (TransArctic Global Marine Services PTE. LTD.) المسجلة في سنغافورة لترتيب مرور سفنها عبر مضيق ملقا، إذ يتم نقل النفط الإيراني إلى ناقلات أخرى في المياه الإقليمية لسنغافورة.
وشملت العقوبات أيضاً عدداً من السفن هي:
“فيزوري” (VIZURI) وترفع علم الكاميرون، و”فوتيس” (FOTIS) وترفع علم جزر القمر، و”ثيميس” (THEMIS) وترفع علم بنما، و”بيانكا جويسيل” (BIANCA JOYSEL) وترفع علم بنما أيضاً حسب قراءة بقش.
شحنات هذه السفن نقلت عشرات الملايين من براميل النفط الإيراني وغيره من المنتجات النفطية منذ منتصف 2023، بمليارات الدولارات كما قالت وزارة الخزانة الأمريكية. وتعود ملكية هذه السفن إلى شركات مسجلة في مناطق مختلفة مثل: “إيجير شيبينغ ليمتد” (Egir Shipping Ltd) – في “سيشل”، وفوتيس لاينز إنكوربوريتد” (Fotis Lines Incorporated) في “جزر مارشال”، و”ثيميس ليمتد” (Themis Limited) في جزر مارشال.
تُظهر البيانات أن ناقلة “بيانكا جويسيل” وحدها نقلت أكثر من 10 ملايين برميل من النفط الإيراني منذ منتصف 2024، من خلال عمليات نقل من سفينة إلى سفينة مع ناقلات تابعة لشركة NITC الخاضعة للعقوبات، مثل السفنينتين آمور (AMOR) وستارلا (STARLA).
وناقلة النفط “بيانا جويسيل” مملوكة لكل من شركة بيتينش جلوبال إنفستمنت ليمتد (Betensh Global Investment Limited) المسجلة في جزر فيرجن البريطانية، وشركة دونغ دونغ شيبينغ ليمتد (Dong Dong Shipping Limited)، وقد أُدرجت الشركتان في العقوبات. وبموجب العقوبات تُعد السفينة “بيانكا جويسيل” ممتلكات محظورة للشركتين.
مبيعات النفط عبر “شركة القاطرجي”
قال التقرير الأمريكي أيضاً إن فيلق القدس الإيراني اعتمد على شركة القاطرجي السورية لتسهيل مبيعات النفط إلى زبائن حول العالم، محققاً من ذلك مئات الملايين من الدولارات لدعم أنشطة الحرس الثوري.
على سبيل المثال، قامت الناقلة “إليزابيت” (ELIZABET) التي ترفع علم الكاميرون (وتديرها شركة وايت ساندز لإدارة السفن في سيشيل) بتحميل شحنة نفط إيراني قبالة سواحل ماليزيا في أغسطس 2024 عبر النقل من سفينة إلى سفينة، متظاهرة بأنها سفينة أخرى تدعى S TINOS.
وكانت الشحنة قد نُقلت أساساً من جزيرة خرج الإيرانية بواسطة السفينة “رومينا” التي خضعت سابقاً للعقوبات لدورها في نقل النفط الإيراني لحساب شركة القاطرجي.
كما فُرضت العقوبات على ناقلة النفط “أتيلا” وترفع علم الكاميرون، لنقلها قرابة مليوني برميل من النفط الإيراني لصالح شبكة “سعيد الجمل” الخاضع للعقوبات منذ يونيو 2021 والموصوف بأنه يمول الحوثيين في اليمن. ونُقلت الشحنة عبر عملية نقل من سفينة إلى أخرى مع السفينة أرمان 114 الخاضعة للعقوبات، وأُدرِج النفط على أنه نفط ماليزي. وتُدير السفينة شركة غرات للشحن المحدودة (Grat Shipping Co Ltd) ومقرها سيشيل.
واستخدمت شركة القاطرجي أيضاً الناقلة “غاز مريم” وترفع علم بالاوان، لنقل منتجات نفطية إيرانية دعماً لفيلق القدس، وتديرها شركة ديما للشحن والتجارة ومقرها ليبيريا.
وبذلك أُدرِجت كل من شركة “وايت ساندز” لإدارة السفن، وشركة “غرات” للشحن المحدودة، وشركة “ديما” للشحن والتجارة، ضمن الكيانات المعاقبة بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 لدعمها المادي أو المالي أو التكنولوجي لأنشطة شركة القاطرجي.
ما يترتب على العقوبات
قالت الخزانة الأمريكية إن جميع الممتلكات أو المصالح المتعلقة بالأشخاص والكيانات المحددة، الموجودة داخل الولايات المتحدة أو بحوزة أمريكيين، أصبحت مجمدة، وحظرت على الأشخاص الأمريكيين، أو أي جهة تعمل داخل أو عبر الولايات المتحدة، التعامل بأي شكل مع هذه الأصول أو الأفراد أو تقديم أي مساهمة مالية أو مادية أو تكنولوجية أو خدمية لهم أو لصالحهم.
وأشارت الوزارة إلى أن مخالفة هذه العقوبات قد تؤدي إلى غرامات مدنية أو عقوبات جنائية للأشخاص الأمريكيين أو الأجانب المتورطين في انتهاكها، معتبرةً أن الإطار القانوني يحمّل المخالفين المسؤولية الصارمة دون الحاجة لإثبات نية الانتهاك.