تقارير
أخر الأخبار

الزراعة الإسرائيلية غير محمية وإيلات تنهار اقتصادياً.. إسرائيل تتجه نحو الهاوية

تقارير | بقش

كشف تقرير خاص لمراقب الدولة الإسرائيلي، متنياهو إنجلمان، عن ثغرات خطيرة في استعداد الوزارات والهيئات الحكومية، وسلط الضوء على أزمات متعددة وقاتلة للاقتصاد الإسرائيلي، في قطاعات الزراعة، السياحة، الصحة، والنقل.

وفق اطلاع بقش، يصف التقرير الوضع بأنه نتيجة مباشرة لغياب الاستعدادات، والاعتماد الكامل على خطط قديمة، وإهمال حكومي متواصل على مدار سنوات، مؤكداً أن الزراعة “غير محمية” لعدد من العوامل.

اختلال القطاع الزراعي الإسرائيلي

أظهر التقرير أن وزارة الزراعة الإسرائيلية لم تكن مستعدة بشكل كافٍ لمواجهة حالة الطوارئ في القطاع الزراعي، فقد اعتمدت على خطط استجابة تعود إلى عام 2015، لا تعكس التغيرات الكبيرة في حجم الإنتاج والاستهلاك.

بخصوص إنتاج البيض مثلاً، استند الهدف الأسبوعي للإمدادات إلى استهلاك سنوي قديم (1.768 مليار بيضة)، بينما بلغ الاستهلاك عام 2023 نحو 2.74 مليار بيضة، أي بزيادة 55%.

وتأثرت المزارع في مناطق النزاع بشدة، فهناك 33.8% من الخضراوات، و31.8% من المحاصيل الحقلية، و31.4% من البساتين، إضافة إلى 67% من صناعة البيض، تقع في مناطق النزاع شمالاً وجنوباً، بينما وزارة الزراعة الإسرائيلية لم تعمل على إيجاد أراضٍ بديلة إلا بعد اندلاع الحرب.

وتسببت الحرب بانخفاض بنسبة 58% في أعداد العمال الفلسطينيين والأجانب (21 ألف عامل)، فيما قُتل 56 مزارعاً و52 عاملاً أجنبياً. وبلغت القيمة التقديرية للإنتاج الزراعي في النصف الأول من الحرب نحو 670 مليون شيكل، ما يعادل 200 مليون دولار (13% من قيمة القطاع الزراعي).

وارتفعت أسعار الخضار والفواكه، بين أكتوبر 2023 وأغسطس 2024، بنسبة 10.8% مقابل 3% فقط لمؤشر الأسعار العام، مسجلةً أعلى زيادة خلال خمس سنوات، كما تفتقر معظم مزارع الألبان (من أصل 800) لخزانات طوارئ تكفي لتوفير مياه الشرب للماشية 72 ساعة، ورُصدت فجوات حماية كبيرة استدعت توزيع أكثر من 1000 مأوى في المزارع.

إيلات: انهيار السياحة وأزمة اقتصادية خانقة

انتقد المراقب الإسرائيلي بشدة تعامل الحكومة الإسرائيلية مع الأضرار الاقتصادية في إيلات، التي وُصفت بأنها “المدينة الأكثر تضرراً خلال الحرب”، لأسباب أبرزها الهجمات الصاروخية القادمة من اليمن التي أثرت على بيئة ووضع المدينة السياحية، وكذلك إغلاق البحر الأحمر في وجه السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل، مما أدى إلى إغلاق ميناء إيلات الحيوي بالكامل وإفلاسه.

استقبلت مدينة إيلات (أم الرشراش) أكثر من 60 ألف مهجر، ما ضاعف عدد سكانها، وضُربت السياحة فيها، إذ تعتمد 90% من شركات إيلات (7000 شركة) على السياحة.

وبين أكتوبر 2023 ويناير 2024، انخفضت الإيرادات بنسبة 29% إلى 59%. بحلول أغسطس 2024، قُدمت 879 مطالبة ضريبية، وتعوضت الشركات بـ216 مليون شيكل (حوالي 64 مليون دولار).

وفي إيلات تَضاعَف عدد الباحثين عن عمل 3.5 مرة، وانخفضت الإيرادات في المراكز التجارية بنسبة 29%–59%، وتراجعت معاملات بطاقات الائتمان لـ17 أسبوعاً متتالياً بنسبة 25%–45%.

ونصف الشركات أبلغت عن تراجع دخلها 75% بسبب إلغاء المؤتمرات والفعاليات الدولية، وبلغت خسائر البلدية 4 ملايين شيكل (1.1 مليون دولار).

من جهتها رحّبت بلدية إيلات بالتقرير، مؤكدةً أن ما حدث هو نتيجة لـ”إهمال حكومي متواصل”، ودعت إلى تحويل الاستنتاجات إلى خطة عمل عملية بدعم الموارد.

الصحة والنقل: إخفاقات مستمرة

وتشهد إيلات إخفاقات مستمرة على صعيد الصحة العامة والنقل. على سبيل المثال، يفتقر مستشفى “يوسفتال” للكادر الطبي الكافي، وتعتمد خدماته على أطباء ومرضى يتنقلون من وإلى المدينة، وسط ضعف كبير في البنية التحتية للنقل. وهو مستشفى يُفترض أنه يُقدم الخدمات الصحية لملايين السياح الذي يصلون إلى مدينة إيلات سنوياً.

كما أن “الطريق السريع 90” يُعد “قاتلاً”، فرغم تخصيص 985 مليون شيكل (294.5 مليون دولار) لمشروع تطويره حتى مايو 2025، لم يُعالج سوى بعض الأجزاء الجنوبية. وبين 2020–2025، قُتل 20 شخصاً وأصيب 270 آخرون في حوادث على هذا الطريق.

والوعود الحكومية بالتحسين تبقى وعوداً مؤجلة، والمشاريع تظل معلقة، إذ إن هناك سلسلة قرارات حكومية إسرائيلية لم تُنفذ، منها: إنشاء مركز مؤتمرات دولي (أوقف المشروع وزير السياحة في أغسطس 2023)، وتطوير الشريط الساحلي (تأجل من 2029 إلى 2032)، وتطوير حديقة الطيور (خلافات بين البلدية والصندوق القومي اليهودي وجمعية حماية الطبيعة)، وتربية الأحياء المائية (85 مليون شيكل لم تُستغل بسبب النزاعات البيروقراطية).

وخلص المراقب إنجلمان إلى أن إيلات بقيت “عرضة لمخاطر اقتصادية بسبب الاعتماد الكامل على السياحة، وأن الاستعداد المسبق كان يمكن أن يمنع الضرر الكبير الذي لحق بالمدينة”.

وأكدت الوزارة أن التقرير يتعلق بـ”حالة طوارئ وطنية غير مسبوقة”، مشيرة إلى أنها تعاملت معه بجدية عبر فريق عمل طارئ منذ 07 أكتوبر 2023.

ويكشف تقرير مراقب الدولة عن صورة قاتمة للإدارة الحكومية الإسرائيلية خلال حرب “السيوف الحديدية” حسب قراءة بقش، إذ إن القطاع الزراعي بلا حماية أو خطط حديثة، ومدينة إيلات منهارة اقتصادياً بسبب اعتمادها شبه الكامل على السياحة، والمنظومة الصحية وبنية النقل متعثرة تهدد أرواح المدنيين، والقرارات الحكومية مؤجلة والمشاريع مجمدة منذ سنوات، وهو ما يدق جرس إنذار للحكومة المتهمة بالفشل، من أجل وضع خطط تضمن استعداداً حقيقياً لمواجهة الأزمات المقبلة.

الاقتصاد نحو الهاوية

من جانب آخر يحذر خبراء الاقتصاد من أن إسرائيل تتجه لكارثة اقتصادية تحت وطأة المعاناة من المقاطعة الاقتصادية والعزلة السياسية، فالأغلبية الساحقة في الداخل الإسرائيلي تعتقد أن احتلال غزة واستمرار الحرب يوقع كارثة بإسرائيل واقتصادها.

لا يقتصر التحذير على قيادة جيش الاحتلال -التي صرحت بشكل شبه معلن أن احتلال غزة لا يضمن هزيمة حماس ولا يقرب موعد تحرير الأسرى لديها- بل إن خبراء الاقتصاد يشيرون إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي على شفا كارثة بسبب تكاليف الحرب.

وحذر 80 خبيراً اقتصادياً في عريضة منشورة، من دفع ثمن اقتصادي وسياسي باهظ إذا أصرت إسرائيل على مواصلة الحرب واحتلال غزة، وسبق أن نشرت صحيفة معاريف وفق اطلاع بقش أن 30 مليار شيكل (8,9 مليارات دولار) أخرى ستذهب هباء إذا احتل الجيش الإسرائيلي غزة بعد أن ضاعفت الحرب أصلاً من ميزانية الدفاع.

ويقدر الخبراء أن تكلفة احتلال غزة لن تقل عن 100 مليار شيكل (29.9 مليار دولار)، وقد تصل إلى 180 مليار شيكل (53.8 مليار دولار).

ويؤكد الاقتصاديون أن احتلال غزة سيجرّ الاقتصاد الإسرائيلي إلى تدهور خطير، وذلك ليس مجرد تهديد اقتصادي، بل تهديد مباشر للأمن القومي، إذ لن يكون الاقتصاد الضعيف قادراً على تحمل تكلفة الحملة العسكرية على المدى الطويل.

ومن العواقب الاقتصادية: تسارع “هجرة الأدمغة”، وانخفاض حاد في الإنتاجية والناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع مستمر في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وخطر حقيقي بحدوث أزمة ديون، وتكلفة مالية مباشرة بعشرات المليارات من الشواكل نتيجة تعبئة قوات الاحتياط والأسلحة والمعدات، مما سيؤدي إلى زيادة الضرائب.

كما أن هناك خطراً حقيقياً يُنذر بهجرة رأس مال بشري عالي الجودة من إسرائيل، مما سيؤدي إلى انخفاض كبير في الناتج المحلي الإجمالي ومستويات المعيشة، إضافةً إلى إنفاق حوالي 60 مليار شيكل (17.9 مليار دولار) على الإدارة العسكرية والبنية التحتية والخدمات الإنسانية لسكان غزة.

وذلك إلى جانب احتمال فرض عقوبات اقتصادية من قبل الدول الأوروبية والشركاء التجاريين الرئيسيين، وخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، وزيادة أسعار الفائدة، وتراجع الاستثمارات، وهو سيناريو من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على سوق العمل والتعليم والصحة ورفاهية الإسرائيليين.

الخلاصة أن السياسات الإسرائيلية تهدد إسرائيل بإخراجها من “مجموعة الدول المتقدمة” وفق تحذيرات الاقتصاديين الخبراء، بينما يعكس المشهد صورة شديدة التعقيد للأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية في إسرائيل.

حيث يتداخل الغلاء المعيشي غير المسبوق مع الضغوط الأمنية والسياسية المتصاعدة، في وقت تفقد فيه المؤسسات قدرتها على استعادة ثقة الجمهور أو تقديم حلول عملية، وبينما يحذّر الخبراء من أن استمرار هذه الأزمات دون معالجات جذرية سيؤدي إلى تفاقم الفجوة بين الحكومة ومواطنيها، يظل الشارع الإسرائيلي في حالة ترقب وقلق، تتأرجح بين الغضب من غلاء المعيشة والخوف من المستقبل الأمني والسياسي غير الواضح.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش