الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

“حرب جمركية أم عقاب سياسي؟” ترامب يلوّح بضرائب 50% على البرازيل ويثير قلق الاقتصاد الأكبر في أمريكا الجنوبية

الاقتصاد العالمي | بقش

في خطوة تعكس تحولاً حاداً في السياسة التجارية الأمريكية تجاه البرازيل، يلوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بفرض تعريفة جمركية عقابية بنسبة 50% على الواردات البرازيلية، في حال فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الأسبوع الجاري، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

ويُعد هذا التصعيد – الذي وصفه مراقبون بأنه “عقاب سياسي مغلف بثوب جمركي” – استثناءً صارخًا من سياسة ترامب الأخيرة التي شهدت تخفيف حدة الرسوم الجمركية تجاه شركاء آخرين كاليابان والاتحاد الأوروبي.

وبحسب تحليل مرصد بقش، لا يبدو أن دوافع القرار أمريكية صِرفة، بل ترتبط بسياقات سياسية داخل البرازيل. إذ ربط ترامب علناً فرض الرسوم المرتفعة بالإجراءات القضائية ضد حليفه اليميني الرئيس البرازيلي السابق “جايير بولسونارو”، المتهم بالتخطيط لانقلاب عقب فوز الرئيس الحالي لولا دا سيلفا.

وكتب ترامب عبر منصاته الاجتماعية: “اتركوا بولسونارو وشأنه!”، ما دفع مراقبين إلى اعتبار أن الاقتصاد البرازيلي يُستخدم كورقة ضغط سياسية.

في الوقت ذاته، تمر العلاقات بين واشنطن وبرازيليا ببرود دبلوماسي لافت، حيث لم ترد الإدارة الأمريكية – بحسب مسؤول برازيلي – على أي من الرسائل الرسمية التي بعثت بها الحكومة البرازيلية منذ تصاعد التوتر.

50% رسوم جمركية قد تعصف بـ 100 ألف وظيفة وتكبح النمو

تشير تقديرات اتحاد الصناعات البرازيلية إلى أن فرض رسوم بهذا الحجم قد يؤدي إلى خسارة أكثر من 100 ألف وظيفة، ويقلّص معدل النمو الاقتصادي السنوي بنحو 0.2 نقطة مئوية.

أما اتحاد الزراعة، فحذر من أن الصادرات البرازيلية إلى الولايات المتحدة – ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل – قد تنخفض إلى النصف.

وبحسب أرقام مكتب الإحصاء الأمريكي، فإن الولايات المتحدة تدير فائضاً تجارياً مع البرازيل بلغ 6.8 مليار دولار في 2024، من أصل إجمالي تبادل تجاري تجاوز 91.5 مليار دولار، ما ينفي أي ذريعة اقتصادية تبرر هذا التصعيد.

تأتي هذه الأزمة الجمركية في لحظة حرجة للاقتصاد البرازيلي، الذي يعاني من ارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ تدفقات النقد الأجنبي، وتوقف انتعاش العملة المحلية (الريال).

وارتفع التضخم إلى 5%، متجاوزاً الحد المستهدف للبنك المركزي البرازيلي، ما دفعه إلى رفع سعر الفائدة الأساسي (سيليك) إلى 15% – وهو الأعلى منذ عقدين، ومن بين الأعلى في مجموعة العشرين.

ويشكل هذا المعدل المرتفع تحدياً مزدوجاً: فهو ضروري لجذب الاستثمارات الخارجية وسد العجز، لكنه في الوقت ذاته يرفع كلفة الدين العام بشكل مقلق. فبحسب تقارير رسمية، بلغت مدفوعات الفائدة الحكومية في النصف الأول من هذا العام نحو 393 مليار ريال برازيلي، من أصل توسع إجمالي قدره 567 مليار ريال، ما يعني أن أكثر من 70% من الدين الجديد يعود إلى الفوائد وحدها.

وبهذا المعدل، من المتوقع أن تتجاوز نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 82% في 2026، مقارنة بـ76% حالياً.

رهان على انفراجة دبلوماسية.. والمخاطر تتصاعد

على الرغم من تأزم الوضع، يُبدي صناع القرار في برازيليا تفاؤلاً حذراً بإمكانية التوصل إلى تسوية، في وقت تشير فيه متابعة بقش إلى أن التأخر في معالجة الأزمة قد يتسبب بتداعيات إضافية على القطاعات الصناعية والزراعية، وربما يدفع مستثمرين أجانب إلى إعادة النظر في خططهم تجاه السوق البرازيلية.

ويختتم تقرير رويترز بالإشارة إلى أن هذه الرسوم، إن طُبّقت، ستكون أعلى رسوم فرضتها الولايات المتحدة على أي دولة ضمن برنامج “يوم التحرير الجمركي”، باستثناء الصين، ما يجعل البرازيل في صدارة الدول المستهدفة بالسياسات الحمائية الأمريكية الجديدة.

ومع اقتراب المهلة النهائية، تترقب الأسواق والمستثمرون مصير المفاوضات الأمريكية البرازيلية، وسط تحذيرات متزايدة من أن خسائر الرسوم السياسية ستكون أكبر بكثير من أي مكاسب اقتصادية محتملة.

يُذكر أن الدولار الأمريكي يعادل حالياً 5.58 ريال برازيلي، ما يعكس استمرار الضغوط على العملة المحلية رغم رفع الفائدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش