حكومة عدن تتجه للاقتراض الداخلي وسط انهيار اقتصادي كارثي.. البنك المركزي يفتح مزاداً لسندات حكومية بعائد 20%

الاقتصاد اليمني | بقش
أعلن بنك عدن المركزي اليوم الثلاثاء، عن فتح مزاد علني جديد لإصدار أدوات دين عام طويلة الأجل، متمثلة في سندات خزينة لأجل 3 سنوات، بقيمة ابتدائية تصل إلى 10 مليارات ريال يمني، وبعوائد مرتفعة تبلغ حتى 20% سنوياً، في خطوة تعكس الضغوط المالية المتفاقمة التي تواجه الحكومة في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
ويبدأ المزاد يوم الإثنين الموافق 02 يونيو 2025، عبر منصة Refinitiv الإلكترونية، فيما حدد البنك المركزي هامش العائد بين 18% إلى 20%، ويُشترط أن لا يقل حجم المشاركة عن 50 مليون ريال يمني، مما يعني أن المزاد موجه بشكل رئيسي للبنوك المحلية وكبار المستثمرين، وفق اطلاع بقش على إعلان المزاد.
ورغم محاولة المركزي تقديم المزاد على أنه أداة لتنظيم السيولة وتحريك السوق، إلا أن العائد المرتفع يعكس حجم المخاطر الائتمانية التي تواجه الحكومة، وعجزها عن تأمين تمويل خارجي أو داخلي بتكلفة منخفضة، في ظل انهيار الإيرادات العامة وتدهور النظام المالي.
ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه المحافظات الواقعة تحت سلطة حكومة عدن كارثة اقتصادية غير مسبوقة، إذ تجاوز سعر صرف الدولار حاجز 2500 ريال، وارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسب تتراوح بين 40% و70% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وسط عجز حكومي عن كبح الانهيار، وتوقف الرواتب في العديد من القطاعات.
ومع غياب الدعم الخارجي، يبدو أن الحكومة تسعى إلى تدوير الدين الداخلي بآليات عالية الفائدة، الأمر الذي قد يزيد العبء على موازنة الدولة، ويُفاقم العجز المالي، ويرحل الأزمة إلى المستقبل دون حلول هيكلية حقيقية.
خطوة لسحب السيولة
وفقاً للخبير الاقتصادي “أحمد الحمادي” فإن “هذه السندات، رغم جاذبية عائدها، محفوفة بالمخاطر، في ظل غياب ضمانات حقيقية لالتزام الحكومة بالسداد، واستمرار هشاشة المؤسسات المالية”. ويضيف “الحمادي” في حديث لـ”بقش” أن هذه الخطوة ستؤدي إلى سحب السيولة من السوق وتقلل من فرص الإقراض للقطاع الخاص، ما يُعمق من الركود الاقتصادي المحلي”.
“وفي حال فشلت الحكومة في سداد الفوائد أو أصل الدين عند استحقاقه، فإن ذلك قد يؤدي إلى أزمة ثقة داخلية، وهروب ما تبقى من رؤوس الأموال نحو ملاذات أكثر أماناً”، وفقاً لـ “الحمادي”.
ويرى محللون أن سياسة الحكومة باللجوء إلى الاقتراض الداخلي بفوائد باهظة دون خطة إصلاح اقتصادي شاملة، تُعد مقامرة بمستقبل الاقتصاد الوطني، معتبرين أن هذا المزاد ليس إلا محاولة إسعاف عاجلة لنزيف السيولة، لن تصمد طويلاً أمام تصاعد الكارثة المعيشية والاحتقان الشعبي المتنامي في الشارع.
يأتي ذلك كله في الوقت الذي اهتزت فيه الثقة في قدرة بنك عدن المركزي على احتواء انهيار العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، والعجز عن كبح الأزمة وازدهار المكاسب الخاصة لمن يُعرفون بهوامير القطاع المصرفي، وعدم وضع سياسات فاعلة في أروقة البنك المركزي تعمل على ضبط العملة والعمل المصرفي، بل بات البنك متهماً في الإسهام في الانهيار الحاصل بتحديده أسعار صرف لا تختلف عن السوق السوداء.
ويتخلل ذلك تشابك الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها السكان في المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة حكومة عدن، إذ يواجه السكان صعوبات بالغة يومياً تتمثل في عواصف الأسعار المرتفعة والخدمات المتردية للغاية والبنى الخدمية المتهالكة، بما في ذلك الكهرباء والمياه وحتى المادة الأساسية للعيش “الخبز” الذي وصل سعر الرغيف الواحد منه إلى 120 ريالاً، في حين لا يعلم المواطنون دوراً للجهات الرسمية المختصة حيال كل هذه الأزمات، سوى فرض الضرائب والجبايات على المواطنين.