تقارير
أخر الأخبار

ديون إسرائيل تخرج عن السيطرة..مدفوعات الفوائد ترتفع بنسبة 50%

تقارير | بقش

كشف تقرير صادر عن وزارة المالية الإسرائيلية أن مدفوعات الفوائد على ديون الحكومة الإسرائيلية سترتفع بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، لتصل بحلول عام 2027 إلى 64 مليار شيكل سنوياً (19.7 مليار دولار بسعر الصرف حالياً)، مقارنة بـ43 مليار شيكل في عام 2022، ما يمثل زيادة بنسبة 50%، في موقف معقد يعكس تأثير الحرب الأخيرة وارتفاع أسعار الفائدة على الدين العام.

وقالت الوزارة وفق اطلاع مرصد “بقش” إن الزيادة في الديون جاءت لتغطية نفقات الدفاع الإضافية، حيث جمع قسم المحاسبين العامين نحو 500 مليار شيكل خلال الحرب، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 68-69% في نهاية 2025، مقارنة بـ67.9% في نهاية 2024. وذكرت الوزارة أن العودة إلى مستوى 60% -الذي كان قبل الحرب- قد تستغرق عقداً من الزمن، في حال عدم وقوع أزمات أخرى.

ويشير التقرير إلى أن ارتفاع تكلفة خدمة الديون يعود أيضًا إلى زيادة علاوة المخاطر وخفض التصنيفات الائتمانية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة العالمية والمحلية، والتي تصل الآن إلى نحو 4٪ لسندات العشر سنوات، مقارنة بنسبة أقل من 2٪ قبل عدة سنوات.

ويؤكد التقرير أن ارتفاع مدفوعات الفوائد سيؤدي إلى ضغوط مالية مباشرة، تشمل رفع الضرائب وتقليص الإنفاق المدني، وسيحد من قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات اقتصادية مضادة للدورة خلال فترات الركود. ويشير خبراء السوق الذين تتبَّع “بقش” تقديراتهم إلى أن استمرار هذا الاتجاه قد يرفع علاوة المخاطر، ويزيد صعوبة خفض أسعار الفائدة من قبل بنك إسرائيل.

وفي سياق آخر، حذرت وزارة المالية من أن الحكومة تواجه قيوداً على جانب الإيرادات، مما يجعل خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب ضرورة للتوازن المالي، وهو أمر صعب التحقيق في سنة انتخابية.

وأضافت أن المستفيدين الرئيسيين من زيادة مدفوعات الفوائد هم حاملوا السندات الحكومية، وغالبيتهم من الإسرائيليين، حيث أن 85% من الدين مقوم بالشيكل، بينما يمثل الدين الخارجي 15%، مقسماً بين الدولار الأمريكي بنسبة 74%، واليورو بنسبة 24%، وبعملات أخرى النسبة المتبقية.

يُذكر أن هذه التطورات تأتي في وقت تحذر فيه وزارة المالية من استمرار العجز المالي، والذي يخطط له لعام 2026 بأكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يزيد الحاجة إلى سياسة مالية حذرة لتحقيق استدامة الدين العام.

تبعات ارتفاع مدفوعات الفوائد

يشير تقرير المالية الإسرائيلية إلى تحولات مالية جوهرية في القدرة الحكومية على إدارة الاقتصاد، فالارتفاع المتوقع في مدفوعات الفوائد بنسبة 50% خلال خمس سنوات يعكس النتائج المباشرة للحرب الدموية على غزة، وسياسة الاقتراض المكثف لتغطية النفقات الدفاعية، لكنه يحمل تداعيات أوسع وأعمق.

فزيادة مدفوعات الفوائد تحد من مرونة الحكومة المالية، وتترك الحكومة بأموال أقل للاستثمار في الخدمات المدنية، التعليم، الصحة، أو البنية التحتية. وفي أي أزمة مستقبلية سواء كانت حرباً أخرى أو كارثة اقتصادية، ستجد الحكومة نفسها مضطرة للبحث عن تمويل إضافي أو رفع الضرائب بشكل سريع، ما قد يزيد العبء على المواطنين.

ويؤثر الوضع على السياسة النقدية، فارتفاع الفوائد على الدين العام يجعل من الصعب على بنك إسرائيل خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد، خصوصًا في أوقات الركود، وهذا التفاعل يعكس حلقة معقدة بين السياسة المالية والمالية العامة، حيث إن توسع الإنفاق الحكومي يزيد من تكلفة الدين، ويجعل سياسات البنك المركزي أقل فعالية.

والغالبية العظمى من الدين مقومة بالشيكل (85%)، ما يعني أن المواطنين الإسرائيليين وحاملي السندات هم الأكثر استفادة من ارتفاع الفوائد، بينما الدين الخارجي، خاصة بالدولار واليورو، يضيف ضغطاً إضافياً على الحكومة عند إعادة التمويل، خصوصاً إذا تذبذبت أسعار الصرف أو ارتفعت الفوائد عالمياً.

وتواجه الحكومة الإسرائيلية خيارات صعبة، منها زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق، لكن تنفيذ أيٍّ من هذين الإجراءين خلال سنة انتخابية سيكون صعباً، وقد يثير احتجاجات شعبية أو معارضة سياسية، ما يزيد التحديات أمام صانعي القرار.

وثمة مخاطر على المدى البعيد، فنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي التي تصل إلى 68-69% تعني أن أي صدمة اقتصادية ستفاقم الوضع المالي، وستستغرق سنوات طويلة للعودة إلى مستويات ما قبل الحرب (60%). وعلاوة المخاطر المرتفعة تجعل المستثمرين أكثر حرصاً، ما قد يزيد تكلفة الاقتراض مستقبلاً.

ويعبّر كل ذلك عن معضلة مالية مزدوجة، إذ إن إسرائيل بحاجة إلى التمويل لتغطية نفقات الدفاع والسياسات الحكومية، لكنها محاصرة بتداعيات هذا التمويل على القدرة الاقتصادية والسياسية، ما يجعل أي تحرك مالي محفوفاً بالمخاطر، والمستفيدون من هذه المعادلة هم المستثمرون المحليون حاملو السندات، لكن المواطن العادي سيشعر بثقل الضغوط على الضرائب والخدمات العامة، ما قد ينعكس على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى