رسوم ترامب على “السفن الصينية”.. كارثة تجارية تنتظر الاقتصاد الأمريكي و”التفاف اضطراري” للشركات

يبدو أن المقترح الأمريكي بفرض رسوم على السفن الصينية بما يصل إلى 1.5 مليون دولار على السفينة الواحدة، يهدد بـ”كارثة تجارية” حقيقية تلوح في الأفق، فبدلاً من تحقيق هدف المقترح المتمثل في الحد من هيمنة الصين على قطاعات بناء السفن والصناعة البحرية، سيؤدي المقترح -بشكل عكسي- إلى الإضرار بالشركات الأمريكية والاقتصاد العالمي.
فبنظرة واحدة على الصناعة الصينية للسفن، فإنه في الخط البحري عبر الأطلسي تم بناء 80% من السفن في الصين. وحسب مراجعات بقش، تبلغ حصة الصين إجمالاً من سوق صناعة السفن 50% على مستوى العالم.
وبالفعل تعمل إدارة الرئيس الأمريكي ترامب على صياغة أمر تنفيذي لفرض رسوم تصل إلى 1.5 مليون دولار عن كل دخول إلى ميناء أمريكي، لأي سفينة من أسطول يضم سفناً صينية الصنع أو ترفع العلم الصيني، وستدفع هذه الرسوم الحلفاء إلى التصرف بشكل مماثل، وهو ما تعتبره بكين انتهاكاً لقواعد منظمة التجارة.
الشركات الأمريكية في وجه المدفع
ستأتي خطة ترامب لـ”إنعاش صناعة بناء السفن في أمريكا” بنتائج عكسية، لأنها خطة معتمدة على فرض رسوم على السفن المرتبطة بالصين، وهو ما سيضر بشركات تشغيل السفن والموانئ المحلية في الولايات المتحدة، وفق تأكيدات لمسؤولين في الصناعة للممثل التجاري الأمريكي في جلسة استماع الإثنين.
وعلى وجه التحديد، يؤكد المسؤولون أن الخطة من شأنها أن تضر مشغلي السفن الأمريكيين من خلال فرض قيود صارمة على السفن التي قد يحتاجون إلى استخدامها لتجنب الرسوم، وبتركيز حركة السفن في أكبر الموانئ الأمريكية مع ترك الموانئ الأصغر مهملة، وفقاً لوكالة رويترز.
وحسب اطلاع بقش على الوكالة، كتب إدوارد جونزاليس، وهو الرئيس التنفيذي لشركة “سيبورد مارين” ومقرها فلوريدا، في تعليقات قبل شهادته: “أي اقتراح لدعم بناء السفن الأمريكية ينبغي أن يدعم أيضاً حاملات الطائرات المملوكة للولايات المتحدة (وليس الإضرار بها)”.
وعلى المدى القصير على الأقل، تُمثل الخطة مشكلةً كبيرةً لشركات النقل البحري الأمريكية مثل شركة “سيبورد” التي تُعدُّ أكبر شركة شحن بحري دولية مملوكة للولايات المتحدة، والتي تمتلك 16 سفينة “صينية الصنع” ضمن أسطولها المكون من 24 سفينة، وفقاً لاطلاع بقش على بيانات شركة “ألفالينر” المتخصصة في البيانات البحرية.
وكالعديد من شركات النقل البحري الأمريكية، تعتمد الشركة على السفن المصنوعة في الصين. وبالنظر إلى معلومات مكتب الممثل التجاري الأمريكي نفسه، فقد ارتفعت حصة الصين في سوق بناء السفن من أقل من 5% في عام 1999 إلى أكثر من 50% في عام 2023 وفق مراجعة بقش.
ويقول فرناندو ماروري، مؤسس شركة “كينغ أوشن جلف ألاينس” ومقرها تكساس، إنه “بسبب عدم وجود سفن أمريكية قيد البناء، فإننا جميعاً كمشغلين أمريكيين نعتمد على سوق السفن الأجنبية، والتي تُشكل الصين أكثر من 50% من هذه السوق”.
وتعتمد أعمال الشركة على السفن المستأجرة لنقل البضائع المتعلقة بالتعدين والتنقيب عن النفط والزراعة بين الولايات المتحدة و المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى والجنوبية.
كيف يمكن “الالتفاف على الرسوم”؟
لتجنب، أو للالتفاف تماماً على الرسوم الأمريكية هذه، يجب على مشغلي السفن أن يكونوا خارج الصين، وأن يمتلكوا أساطيل تحتوي على أقل من 25% من السفن المبنية في الصين، وألا تكون لديهم طلبات أو عمليات تسليم مجدولة من أحواض بناء السفن الصينية خلال العامين المقبلين، حسب مقترح مكتب الممثل التجاري الأمريكي.
ووفق الاقتراح نفسه، فإن السفن التي بنتها أمريكا وتُوفّر النقل الدولي قد تكون مؤهلة لاسترداد ما يصل إلى مليون دولار لكل زيارة للميناء.
لكن أصحاب السفن والخبراء القانونيين أكدوا لوكالة رويترز أن التفاصيل الرئيسية في خطة مكتب الممثل التجاري الأمريكي لا تزال “غامضة”.
فهذه الرسوم ليست أكثر من شكل مختلف من “التعريفات الجمركية” ولكنها “صريحة”، وهناك مجموعة من “العواقب السلبية التي تجعلها أسوأ” وفقاً لخبير الشحن البحري “جون ماكاون” أحد أبرز المشاركين في سوق الحاويات.
وللالتفاف على الرسوم، يُمكن لمُشغّلي السفن نقل البضائع المتجهة لأمريكا إلى موانئ أخرى في كندا والمكسيك، والاعتماد على النقل البري لإتمام الرحلة.
كما يُمكنهم استخدام سفن أكبر حجماً وحصر رحلاتهم في الموانئ الأمريكية الكبيرة، وهي استراتيجية تُشبه “الوفرة أو المجاعة” من شأنها أن تُفقِد الموانئ الصغيرة طاقتها، وتُغرق أكبرها، وتُسبّب ضغوطاً على سلسلة التوريد تُشبه تلك التي واجهتها في بداية جائحة كورونا.
وفي حال حدث ذلك، قد يتم إهدار مليارات الدولارات من استثمارات دافعي الضرائب في تحسين وصيانة مرافق الموانئ والطرق والسكك الحديدية التي تدعم الأعمال والوظائف المجاورة.