رغم تحسن الصرف في عدن وباقي المحافظات… ارتفاع غير مبرر للأسعار يُفسد تفاؤل الناس

الاقتصاد المحلي | بقش
لا يزال المواطنون في عدن وباقي المحافظات الواقعة تحت إدارة حكومة عدن، يشكون من بقاء الأسعار مرتفعةً عند مستوياتها التي كانت عليها قبل تحسن أسعار الصرف، دون أي تغيرات أو تعديلات تُذكر، لعديد من السلع الهامة والأساسية للمواطنين، وهو ما أثار استهجان قطاع واسع من اليمنيين الذين رأوا في ذلك استغلالاً واضحاً وتجاهلاً للتعميمات والقرارات الصادرة عن الجهات الرسمية.
حيث تقضي التعميمات الأخيرة بالالتزام بأسعار محددة ومخفضة تلغي الأسعار القديمة، إلا أن كثيراً من السلع لا تزال عند مستوياتها المرتفعة، وذلك رغم إعلان الجهات المختصة عن حملات ميدانية رقابية مستمرة تفيد بضبط وإغلاق العديد من المحلات.
ووفقاً لمعلومات مرصد “بقش”، فإن ارتفاع الأسعار الراهن لا يشمل المواد الغذائية فقط، بل يمتد إلى الأدوية، والرسوم الدراسية، وأسعار الغاز، وأجور النقل العام وغيرها، ويشير مواطنون إلى أن تجاراً يلجأون إلى التحايل، عبر اعتماد تسعيرات جديدة بالعملة المحلية تفوق ما كانت عليه في السابق.
ويطالب المواطنون الأجهزة الرسمية بالتشديد المكثف والرقابة الجادة على الأسعار وتطبيق الأسعار المحدثة والمخفضة، وحماية المواطنين الذين باتوا ضحايا للجشع واستغلال الظروف.
يأتي هذا الغلاء المستمر ليحرم اليمنيين من التفاؤل الذي تملَّكهم بعد انخفاض أسعار الصرف بنحو 43%، إذ لم يتجسد انخفاض الصرف على أرض الواقع، وظل كابوس الأسعار ماثلاً أمام المواطنين، وسط حالة ارتباك ما زالت تعمّ الأسواق وتمنع انخفاض الأسعار.
وحسب اطلاع بقش على مستجدات السوق، فإن أسعار بعض السلع انخفضت بما يتراوح بين 15% و35%، لكن بضائع وخدمات أخرى لم تسجل أي تراجع، وهو ما دفع مواطنين إلى المطالبة بتخفيضات تصل إلى نحو 50% بما يتوافق مع تحسن الصرف.
ارتفاع أسعار الأدوية
على سبيل الذكر، يشكو المواطنون من أن معظم الصيدليات لا تزال تبيع الأدوية بالأسعار السابقة، رغم تحسن أسعار الصرف، وهو ما أضاف أعباء جسيمة للمرضى وعائلاتهم، وأكد المواطنون أن أسعار الأدوية لم تتغير وظلت مرتفعة كما هي في فترة الانهيار الحاد للعملة المحلية.
وبينما لم يطرأ تعديل على أسعار الأدوية من قِبل الصيدليات، رغم صدور قوائم سعرية محدثة، يرى المواطنون أن ذلك يمثل تلاعباً واضحاً يزيد من تعقيدات الأزمة المعيشية.
وأوردت صحيفة عدن الغد أن بعض الصيدليات تتذرع بامتلاك مخزون قديم من الأدوية تم شراؤه بأسعار مرتفعة، إلا أن استمرار البيع بهذه التسعيرات يُفاقم معاناة المرضى ويجعل العلاج بعيد المنال عن الكثير من الأسر محدودة الدخل.
ويأتي بيع الأدوية بأسعار مرتفعة رغم أن الهيئة العليا للأدوية كانت في وقت سابق أكدت على أنها شكلت لجان رقابة وتفتيش بالتعاون مع الأجهزة المختصة، لتنفيذ نزولات ميدانية للتأكد من التزام الشركات والمؤسسات بخفض الأسعار، إلى جانب لجنة خاصة لإعادة دراسة الأسعار المدرجة ومطابقتها مع الأسعار الفعلية في السوق.
ووفق متابعات بقش، كانت الهيئة العليا للأدوية أعلنت خلال هذا الأسبوع عن صدور قائمة جديدة للتسعيرة الدوائية المعتمدة، تشمل 3,085 صنفاً دوائياً، وفي تعميم لاحق (التعميم رقم 3 بتاريخ 17 أغسطس 2025) دعت الهيئة الشركات والمؤسسات والمصانع وتجار الجملة للأدوية والمستلزمات الطبية إلى التقيد بالتسعيرة المحدثة لقوائم الأدوية والمستلزمات الطبية، وسرعة تحديث سعر المخزون لدى الصيدليات بالتسعيرة المحدثة خلال مدة أقصاها أسبوع، ملوحةً بالمساءلة واتخاذ إجراءات ضد المخالفين.
وفي محافظة مأرب، أعلنت الهيئة العليا للأدوية، اليوم الأربعاء، عن إغلاق سبع شركات دوائية في المدينة لمخالفتها التعليمات المتعلقة بالتسعيرة الجديدة للأدوية حسب اطلاع بقش، مما يشير إلى وجود رفض عام لدى قطاع الصيدلة تجاه خفض الأسعار بسبب وجود المخزونات الدوائية المشتراة بالسعر القديم.
تعز: أسعار الغاز تظل مرتفعة
في مشهد آخر يعبر عن الاستغلال، كشفت نقابة وكلاء الغاز في تعز عن مبالغ وصفتها بـ”المهولة” تُفرض مقابل أجور نقل الغاز من محافظة مأرب (صافر) إلى تعز، تحت ذريعة ارتفاع أسعار الصرف والمشتقات النفطية، رغم تحسّن أسعار الصرف والوقود مؤخراً.
النقابة قالت إن الفارق في تكلفة النقل بعد تحسن سعر الصرف بلغ أكثر من مليوني ريال، بينما كان من المفترض أن يتم خفض هذا المبلغ من أجرة النقل المعتمدة، واعتبرت ذلك عبئاً إضافياً على المواطنين.
طالبت النقابة حكومة عدن بسرعة تحديد أجور النقل الرسمية من مأرب إلى تعز، بما يتناسب مع الأسعار الحالية للوقود، وأكدت على ضرورة ترحيل حصة المحافظة كاملة من الغاز المنزلي، مشيرة إلى وجود عجز واضح بسبب عدم ترحيل 12 مقطورة من حصة المدينة، و10 مقطورات من حصة المديريات الريفية خلال أسبوعين.
كما دعت النقابة إلى فرض تخفيض بنسبة 40% من قيمة مادة الغاز وأجور النقل وأرباح المحطات المركزية والوكلاء، بما ينعكس على المواطن بصورة مباشرة، وطالبت الشركة اليمنية للغاز بإعادة تسعير الغاز كما كان في عام 2021، عندما كان سعر صرف الريال السعودي مقارباً لسعره الحالي، وكانت قيمة أسطوانة الغاز لا تتجاوز 6,500 ريال شاملة أجور النقل إلى مدينة تعز، وكذلك إعادة تعرفة أسطوانة الغاز في صافر إلى 2,600 ريال.
وبينما تتجدد الدعوات أيضاً إلى صرف حصة تعز من أسطوانات الصيانة، والبالغ عددها عشرة آلاف أسطوانة جديدة، لوّحت نقابة وكلاء الغاز بتعز إلى اللجوء لإضراب شامل، أسوة بباقي المحافظات، في حال عدم الاستجابة لمطالبها من قبل الجهات المختصة.
بشكل عام، وبينما تبقى الأسعار مرتفعة، تتم مطالبة حكومة عدن بالعمل على تحقيق استقرار حقيقي وأكبر في قيمة الريال اليمني، من خلال معالجة الملفات الاقتصادية الشائكة، وأبرزها نقص الموارد وعجز ميزان المدفوعات، وكذا العمل على تنمية الموارد وتفعيل المؤسسات المعطلة، ومعالجة عجز الموازنة عبر خطط اقتصادية واضحة، بشكل يمكن المواطنين من تجاوز المرحلة الصعبة التي لا تزال تعكر أي تحسن في الصرف.