
الاقتصاد العربي | بقش
في فبراير 2025 أعلنت السعودية عن إطلاق رمز رقمي لعملتها مستوحى من الخط العربي، وفي شهر مارس التالي أطلقت الإمارات رمزاً للدرهم مقارب لتصميم رمز اليورو إلى حد ما، وصولاً إلى إعلان سلطنة عمان في نوفمبر الماضي عن رمز خاص بعملتها الريال العماني، وفق متابعات مرصد “بقش” للملف المالي الخليجي.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح التحول الرقمي محور استراتيجيات اقتصادية متعددة في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة في مجال الخدمات المصرفية، وانعكس ذلك في إصدار الرموز الرقمية.
وعلى سبيل المثال، قالت الإمارات إن إصدارها رمزاً للدرهم الإماراتي (D̶) يمثل إيذاناً ببدء عصر مالي رقمي متكامل، بينما اعتبرت السعودية التي أقرّت الشعار الجديد في كافة التعاملات المالية والتجارية، أنّ الشعار يعزّز هوية العملة الوطنية.
عُمان.. بين الحذر والطموح
سلطنة عُمان أصبحت ثالث دولة خليجية تعتمد رمزاً رسمياً للعملة الوطنية “الريال العُماني”، وهو خطوة تهدف إلى تعزيز حضور العملة في الأنظمة المالية والمصرفية والرقمية، وتسهيل استخدامها على المنصات والتطبيقات وفق المعايير العالمية.
ويرى خبراء أن الهدف العماني ليس إلغاء النقد أو إصدار ريال رقمي وشيك، بل تمهيد البنية التحتية الرقمية وتعزيز جاهزية السلطنة للتحولات المستقبلية.
ويُنظر إلى أن الرمز الجديد يسهم في تعزيز هوية العملة الوطنية على المستوى الدولي، بما يعكس ما يفعله رمز الدولار أو الجنيه الإسترليني. وكذلك تسهيل إدراج الريال في الأنظمة المحاسبية ومنصات التجارة الإلكترونية وتطبيقات الدفع الرقمي، وتمهيد الطريق أمام احتمالية إصدار عملة رقمية للبنك المركزي العماني مستقبلاً، مع الحفاظ على الاستقرار المالي المحلي.
ووفق بيانات البنك المركزي العماني التي تتبَّعها بقش، سجل نظام الدفع الفوري للأجهزة المحمولة نمواً هائلاً بنسبة 318.6% في الحجم و223.5% في القيمة، بينما تراجعت معاملات أجهزة الصراف الآلي بنسبة 8.6%، ما يعكس تحولاً ملموساً نحو الاقتصاد الرقمي.
بين التجميل والضرورة
التقديرات تشير إلى أن مثل هذه التوجهات قد تعكس استراتيجية شاملة لتقليل الاعتماد على النقد الورقي، ودعم التحول نحو اقتصاد رقمي، وتسهيل إدراج العملة في أنظمة الدفع الحديثة والتجارة الإلكترونية العالمية، بينما يرى البعض أن هذه الأهداف يضاف إليها الهدف التجميلي أيضاً، وهو ما يفسر تسابق دول الخليج إلى إطلاق شعارات خاصة بعملاتها.
وبشكل عام تقول تقارير طالعها بقش إن إصدار الرموز الرقمية الخليجية يأتي استجابة لمتطلبات الاقتصاد الرقمي المتنامي، لا سيما في سياق التحولات العالمية نحو المدفوعات الفورية، التجارة الإلكترونية، والتمويل المفتوح.
بل إن البعض يذهب إلى أن إصدار رموز خاصة بالعملات يسهل المعاملات الدولية ويخفض التكاليف وتعقيدات الدفع عبر الحدود، وجذب الاستثمارات بترسيخ وجود العملات الخليجية على المنصات المالية العالمية، ما يعزز الاعتراف الدولي بها.
ويبدو أن التباين بين دول الخليج في سرعة اعتماد العملات الرقمية، بين الطموح الإماراتي والسعودي والحذر العُماني، يعكس حرص كل دولة على التوازن بين الابتكار والحفاظ على الاستقرار المالي، والتعبير عن رؤية اقتصادية ورقمية جديدة.


