سقوط الحكومة الفرنسية.. كيف يؤثر على فرنسا والحلفاء؟

أُطيح بالحكومة الفرنسية بقيادة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، في تصويتٍ تاريخي بحجب الثقة عن الحكومة يوم أمس الأربعاء، في أول انهيار من نوعه منذ عام 1962، مشكِّلاً تداعيات اقتصادية وجيوسياسية محتملة.
ووفقاً لاطلاع بقش، فإن الاضطرابات السياسية التي تغذيها المعارضة، أشعلها رفض تدابير التقشف في ميزانية 2025، ممّا جعل فرنسا تبقى من دون حكومة مستقرة، وأدى إلى عدم اليقين الكبير في الداخل والخارج.
وسيضطر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تعيين رئيس وزراء جديد للمرة الثانية بعد أن أسفرت الانتخابات التشريعية في يوليو الماضي عن تشكل برلمان شديد الاستقطاب.
وكانت فترة ولاية بارنييه رئيساً للوزراء قصيرة، حيث استمرت أقل من 3 أشهر، وقد سعى إلى ميزانية مثيرة للجدل لعام 2025 متجاوزاً التصويت البرلماني، وهو ما أدى إلى تنفير الفصائل اليمينية واليسارية المتطرفة على حد سواء، لتتوحد بذلك صفوف المعارضة.
وقدّمت الحكومة الفرنسية في أكتوبر الماضي مشروع ميزانية 2025 بتخفيضات في النفقات وقدرها 60 مليار يورو (نحو 63 مليار دولار) حسب مراجعات بقش، مع خفض العجز إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وشملت العناصر الرئيسية للميزانية فرض ضرائب مؤقتة إضافية على شركات الشحن الكبرى والشركات التي تزيد إيراداتها عن مليار يورو سنوياً، مما سيؤثر على نحو 440 شركة، وزيادة ضريبة الدخل على الأسر التي يتجاوز دخلها 500 ألف يورو، وإعادة فرض ضريبة على استهلاك الكهرباء، وزيادة الضرائب والرسوم على تذاكر الطيران والسيارات ذات الانبعاثات العالية.
وترى وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز في آخر التصريحات التي تابعها بقش أنّ سقوط الحكومة الفرنسية ترك البلاد دون مسار محدد لتقليص عجزها المالي، وأن السيناريو الأكثر احتمالاً حالياً هو تقليص إجراءات التقشف التي كانت قد تم التخطيط لها مسبقاً.
وفي الوقت الراهن، تواجه فرنسا عدة أزمات فيما لا تزال بلا ميزانية وبلا حكومة. وبالتزامن مع ذلك قررت عدة شركات خططاً لتسريح عمال، وبعد إضرابات المزارعين وعمال السكك الحديدية، في حين بدأ قطاع التعليم في الوظيفة العامة بدوره إضراباً اليوم الخميس، وطالت الإضرابات قطاع الصحة وبعض المطارات أيضاً وفق متابعات بقش.
انتعاش الأسواق الفرنسية عقب انهيار الحكومة
تفيد أحدث البيانات بأن السندات والأسهم الفرنسية شهدت انتعاشاً ملحوظاً اليوم الخميس، بعد سحب الثقة من الحكومة الفرنسية، والذي كان متوقعاً على نطاق واسع، مع تركُّز اهتمام المستثمرين على شكل الحكومة الجديدة المقبلة.
وارتفعت الأسهم الفرنسية بنحو 0.65% في التعاملات المبكرة اليوم، في أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أسابيع، متفوقةً على الأسهم الأوروبية الأوسع نطاقاً، كما ارتفعت أسهم البنوك الفرنسية الكبرى، مثل بنك بي إن بي باريبا، وبنك كريدي أغريكول، وبنك سوسيتيه جنرال، بنحو 2%.
وتراجعت علاوة المخاطر التي تدفعها فرنسا على ديونها الحكومية لأجل 10 سنوات مقارنة بألمانيا إلى أقل من 80 نقطة أساس، بعد أن كانت قد وصلت إلى 90 نقطة أساس الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أزمة ديون منطقة اليورو في 2012.
التأثير الفرنسي دولياً
يؤثر انهيار الحكومة الفرنسية على دول العالم، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يأتي عدم الاستقرار في أحد أكبر اقتصادات #أوروبا في وقتٍ تتزايد فيه التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، وقد شهدت الأسواق المالية الفرنسية بالفعل تقلبات، مع ارتفاع عائدات السندات وتعرض اليورو للضغوط.
ومن شأن الاضطراب أن يؤدي إلى تعقيد استجابة #الاتحاد_الأوروبي للتعريفات التجارية الجديدة المتوقعة من إدارة #ترامب القادمة، كما قد يؤدي عدم الاستقرار الفرنسي إلى تقليص قدرتها #باريس على التعاون في مواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك سياسة المناخ والتزامات حلف شمال الأطلسي.
هذا ويقول نيك ريس، وهو كبير محللي سوق الصرف الأجنبي في مونيكس أوروبا، إن هناك قوتين رئيسيتين في أوروبا، هما فرنسا و #ألمانيا، “وكلتاهما الآن ضعيفتان”. وأضاف لرويترز أن هذه الديناميكية قد تضعف موقف أوروبا التفاوضي مع الولايات المتحدة.