الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

سلطة حضرموت تنقلب على القرار الرئاسي وتعتمد ميناء الشحر رسمياً

الاقتصاد اليمني | بقش

وسط التطورات الاقتصادية والسياسية، أصدر المكتب التنفيذي بمحافظة حضرموت بياناً اليوم الخميس تناول قرار المجلس الرئاسي رقم (11) لعام 2025، وحمل رسائل سياسية واقتصادية أبرزها التمسك بميناء “الشحر” كميناء جمركي رسمي، وهو ما يعد رفضاً عملياً وصريحاً لقرار الإغلاق الرئاسي الذي تضمّنه القرار.

أشار البيان إلى مباركة السلطة المحلية لخطة الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي أقرها المجلس الرئاسي في 28 أكتوبر وفق متابعات بقش.

وجاء فيه أن السلطة المحلية بحضرموت ملتزمة بشكل كامل بالتوجيهات وقيامها بتوريد الإيرادات المركزية في المحافظة إلى الحساب العام في بنك عدن المركزي. وذكرت السلطة المحلية أنها تقف إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية والمالية.

لكن في المقابل، اشترط البيان أن تقوم الحكومة بإيفاء التزاماتها الشهرية تجاه المحافظة، خاصة ما يتعلق بالعقود والمرتبات في قطاعي التعليم والصحة، والموازنات التشغيلية الإضافية للمرافق الخدمية، والإعانات والمساعدات الشهرية، والالتزامات الخاصة ببرنامج التنمية في المحافظة.

وهذا الشرط يعكس قلقاً من أن تتحمل المحافظة أعباء مالية متزايدة دون دعم كافٍ من الحكومة المركزية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وتراجع الإيرادات العامة.

تثبيت ميناء الشحر كميناء جمركي رسمي

النقطة الثانية في البيان كانت الأكثر حساسية، إذ أقر المكتب التنفيذي لمحافظة حضرموت اعتماد ميناء الشحر كمنفذ جمركي رسمي، مؤكداً التزامه بتوريد جميع الإيرادات المحققة مركزياً لبنك عدن المركزي.

وتمثل هذه الفقرة موقفاً مغايراً ومباشراً لقرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (11) لعام 2025 الذي نصّ ضمنياً على إغلاق أربعة موانئ بما فيها ميناء الشحر، واصفاً إياها بالموانئ المستحدَثة، بغرض توحيد الموارد الجمركية في موانئ محددة ضمن خطة إصلاح شاملة.

وبالتالي فإن اعتماد حضرموت لميناء الشحر كميناء رسمي يعني رفضاً صريحاً لإغلاقه، وتمسكاً بسيادة المحافظة على مواردها الاقتصادية واستمرار النشاط التجاري والاقتصادي المحلي الذي يشكل الميناء أحد أعمدته الأساسية.

ولا يأتي هذا الموقف بمعزل عن المواقف المشابهة التي تشهدها محافظات أخرى، مثل محافظة المهرة التي رفضت إغلاق ميناء نشطون.

الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي، قال في تعليق لـ”بقش”، إن هذا التوجه العام يعكس تنامي الحس المحلي تجاه حماية المنافذ والمصالح الاقتصادية للمحافظات، في وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية وتقل فيه الثقة بين السلطات المحلية والمركزية.

وأضاف أن القرارات المركزية الأخيرة المتعلقة بالمنافذ والموانئ، وإن كانت تُطرح تحت مظلة الإصلاح الاقتصادي، تواجه مقاومة على الأرض من قِبل السلطات المحلية التي ترى أن هذه الإجراءات قد تضر باقتصاد المحافظات وتقلل من فرصها في تحقيق التنمية الذاتية.

مطالبة بإعادة تزويد الوقود

تطرق البيان أيضاً إلى الأزمة المستمرة في قطاع الكهرباء، حيث دعا حسب قراءة بقش إلى إعادة النظر في قرار توقيف شركة بترومسيلة عن تزويد المؤسسة العامة للكهرباء في الساحل والوادي بوقود الديزل المدعوم.

وأكدت السلطة المحلية أن هذا القرار تسبب في تفاقم أزمة الكهرباء في المحافظة، وهو ما دفعها للمطالبة بالعودة إلى الترتيبات السابقة التي كانت تضمن استقرار التوليد الكهربائي.

ويعبّر هذا المطلب عن عمق الأزمة الخدمية التي تعانيها حضرموت، كما يشير إلى تداخل الأبعاد الاقتصادية والسياسية في إدارة ملف الطاقة، إذ إن بترومسيلة تعد إحدى أهم الشركات الوطنية التي تعمل في نطاق المحافظة وتخضع لإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية.

كما تحدث البيان عن تشكيل لجنة لإعداد الموازنة العامة للمحافظة للعام 2026، برئاسة الأمين العام للمجلس المحلي وعضوية عدد من وكلاء المحافظة ومديري مكاتب الوزارات، وهي خطوة تمثل اتجاهاً نحو تعزيز استقلالية الإدارة المالية للمحافظة، وإدماجها بشكل فعلي في إعداد الموازنة العامة للدولة، بما يضمن تضمين حصة حضرموت من التنمية والإعانات والالتزامات التشغيلية.

رسائل القرار

ويمكن قراءة بيان السلطة المحلية في حضرموت على مستويين اقتصادي وسياسي. اقتصادياً تشترط السلطة المحلية بحضرموت شروطاً تضمن مصالحها مقابل الالتزام بالإصلاحات الحكومية، وعلى رأسها التمسك بميناء الشحر كمصدر حيوي للتجارة والإيرادات المحلية.

أما سياسياً فيُعتبر البيان رسالة إلى المجلس الرئاسي بأن المحافظات المنتجة للثروة مثل حضرموت لن تقبل المساس بمنافذها الحيوية دون بدائل واضحة، ويمثل الموقف تجسيداً لتصاعد مطالب الحكم المحلي واسع الصلاحيات، التي تتزايد في المحافظات الشرقية والجنوبية.

ويندرج ضمن اتجاه متنامٍ لرفض القرارات المركزية التي تمس البنية الاقتصادية للمحافظات، مثل ما حدث في المهرة بشأن ميناء نشطون.

ويشكل إصرار حضرموت على تشغيل ميناء الشحر، ورفضها العملي لإغلاقه، منعطفاً في العلاقة بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية، ففي الوقت الذي تسعى فيه الرئاسة إلى إعادة تنظيم الموارد عبر موانئ محددة بهدف تقليل التهريب وتعزيز الإيرادات العامة، ترى السلطات المحلية أن هذه الخطط المركزية قد تُضعف التنمية المحلية وتزيد الاعتماد على المركز.

ويُظهر بيان المكتب التنفيذي بمحافظة حضرموت مزيجاً من الالتزام والانفصال، التزام بالإصلاحات الاقتصادية الوطنية، وانفصال في الرؤية تجاه إدارة الموارد المحلية.

وباعتماد ميناء الشحر كميناء جمركي رسمي رغم القرار الرئاسي بإغلاقه، تكون حضرموت قد رسمت خطاً فاصلاً بين القبول النظري بالإصلاحات، والرفض العملي للمساس بمصالحها.

هذا ويُعد ميناء الشحر واحداً من أهم الموانئ اليمنية على بحر العرب، ويقع في مدينة الشحر على بُعد نحو 60 كيلومتراً شرق مدينة المكلا عاصمة المحافظة، وله دور حيوي في تصدير النفط الخام واستقبال البضائع والمواد الأساسية.

وتشير المعلومات إلى أنه تم افتتاح الميناء رسمياً عام 1993، في إطار توسيع البنية التحتية النفطية والتجارية، وفي الآونة الأخيرة أفاد معنيّون بأن ميناء الشحر يعمل بشكل رسمي ولا علاقة له بالتهريب، وأنه ليس ميناء مستحدَثاً بل يعمل بصورة قانونية. ويشار إلى أن ميناء الشحر كان ميناء حضرموت الأول قبل إنشاء ميناء المكلا ليصبح الميناء الأول والرئيسي، ورغم ذلك استمر ميناء الشحر بعمله وممارسة نشاطه بشكل رسمي قبل أن يتحول إلى ميناء سمكي.

زر الذهاب إلى الأعلى