الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

سياسات ترامب تدفع شركات أوروبية للعودة إلى “الغاز الروسي”

تواجه أوروبا “معضلة في أمن الطاقة” كما تعبّر وكالة رويترز، وهي معضلة مدفوعة جزئياً بالمخاوف المتعلقة بالسياسات التجارية الأمريكية المحتملة تحت إدارة “دونالد ترامب”، مما يدفع شركات طاقة أوروبية كبرى إلى التفكير جدياً في استئناف شراء الغاز الطبيعي من شركة “غازبروم” الروسية.

هذه الشركات تعرب عن قلقها المتزايد من تحول إمدادات الطاقة، وتحديداً الغاز الطبيعي المسال الأمريكي الذي أصبحت أوروبا تعتمد عليه بشكل كبير، إلى ورقة ضغط جيوسياسية وتجارية فعالة بيد واشنطن.

قدرات روسية ودعوات للتنويع

ديدييه هولو، نائب رئيس شركة “إنجي” الفرنسية للطاقة، أكد أن روسيا لا تزال قادرة على تلبية جزء كبير من احتياجات الاتحاد الأوروبي، مقدِّراً هذه النسبة بما يصل إلى الربع (25%)، مقارنة بنحو 40% قبل بدء الحرب الروسية الأوكرانية وفق متابعات بقش.

وأشار إلى أن شركة “إنجي” الفرنسية للطاقة تدرس حالياً إمكانية استئناف شراء الغاز الروسي بكميات قد تصل إلى 70 مليار متر مكعب سنوياً.

ويتفق مع ذلك “باتريك بويانيه”، الرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجيز” الفرنسية العملاقة، إذ أكد على أهمية تنويع مصادر إمدادات الطاقة لأوروبا، قائلاً: “من الضروري تنويع المسارات، وعدم الاعتماد على مسار واحد أو اثنين فقط”، ملمحاً إلى الإمدادات الروسية كخيار محتمل ضمن هذا التنويع.

الضغوط الصناعية الألمانية والرأي العام

في ألمانيا، التي كانت تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي عبر خط أنابيب “السيل الشمالي” قبل توقفه، تدرس الحكومة والشركات أيضاً خيار استئناف الواردات الروسية.

ونقلت رويترز عن كريستوف غونتر، المدير الإداري لشركة “إنفرالونا”، وصْفَه للوضع بـ”الأزمة الشديدة التي لا تحتمل الانتظار”، مشيراً إلى أن قطاع الكيميائيات الألماني يعاني بشدة، حيث شهد تخفيضاً للوظائف لخمسة أرباع سنوية متتالية، وهو أمر غير مسبوق منذ عقود.

أضاف غونتر أن “إعادة فتح خطوط الأنابيب (مع روسيا) من شأنه أن يخفض الأسعار بشكل أكبر من أي برامج دعم حكومية حالية”.

هذه الدعوات الصناعية تعكس جزئياً رأي الشارع الألماني، حيث أظهر استطلاع حديث اطلع بقش على مُخرجاته لمعهد “فورسا” الألماني، أن نحو نصف الألمان يؤيدون استئناف إمدادات الغاز الروسية. وقال كلاوس باور، المدير العام لشركة البتروكيماويات “لوينا هارزي”: “نحن بحاجة إلى الغاز الروسي، ونحن بحاجة إلى (طاقة رخيصة) بغض النظر عن مصدرها”.

مخاوف “تسييس” الغاز الأمريكي

عززت التوترات التجارية والمخاوف من “حرب رسوم جمركية” محتملة القلقَ الأوروبي بشأن الاعتماد المتزايد على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي.

تاتيانا ميتروفا، الزميلة الباحثة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، قالت إن “حرب الرسوم الجمركية عززت قلق أوروبا بشأن الاعتماد على الغاز الأمريكي”، مضيفة أنه “أصبح من الصعب بشكل متزايد اعتبار الغاز الطبيعي المسال الأمريكي سلعة محايدة: ففي مرحلة معينة قد يصبح أداة جيوسياسية”.

ويتفق مع هذا التحليل آرني لومان راسموسن، كبير المحللين في “غلوبال ريسك مانجمنت”، الذي أشار إلى وجود “خطر ضئيل” بأن تتراجع الولايات المتحدة عن تصدير الغاز الطبيعي المسال في حال تصاعد حرب تجارية.

وأكد دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي، طلب عدم الكشف عن هويته، أنه “لا يمكن لأحد أن يستبعد استخدام الولايات المتحدة لهذا النفوذ”.

يأتي هذا النقاش في وقت حدد فيه الاتحاد الأوروبي هدفاً غير ملزم في عام 2022 لإنهاء واردات الغاز الروسي بحلول عام 2027، لكنه أرجأ مرتين نشر خطط تفصيلية لتحقيق ذلك. كما أشارت “رويترز” إلى أن استئناف الإمدادات يواجه صعوبات قانونية نتيجة الإجراءات التي اتخذتها شركات أوروبية ضد “غازبروم” منذ عام 2022.

وكانت روسيا قد حذرت مراراً من تداعيات فقدان أوروبا لإمداداتها التي وصفتها بـ”الموثوقة والمستقرة وذات الأسعار التنافسية”، والتي تمنح ميزة للصناعة الأوروبية، خاصة الألمانية.

وألمحت موسكو سابقاً إلى إمكانية استئناف ضخ الغاز إلى ألمانيا عبر الجزء غير المتضرر من خط أنابيب “السيل الشمالي-2” المار عبر بحر البلطيق.

في السياق، ورغم المساعي الأوروبية إلى إيجاد موارد طاقة أرخص ثمناً وبعيدة عن الاستغلال الأمريكي، تدرس مجموعة الدول السبع الكبرى، التي تضم الولايات المتحدة، خفضَ سقف السعر المفروض على النفط الروسي من 60 دولاراً، في تجديدٍ لمحاولة الإضرار بإيرادات البلاد النفطية منذ عام 2022، إلا أن هذا السقف وفقاً لوسائل إعلام غربية -مثل الغارديان- أصبح “سقفاً بلا معنى”، وسط تقلبات أسعار النفط العالمية حالياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى