الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

سياسات واشنطن الحمائية تهدد استقرار أكبر الاقتصادات في القارة وتُعزز مخاطر الركود العالمي

كشفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في تقريرها الصادر أمس الإثنين عن تداعيات سلبية متصاعدة للرسوم الجمركية التي تفرضها إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تراجع النمو في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، مع ارتفاع ملحوظ في معدلات التضخم. وجاء التقرير وسط تحذيرات من تفاقم الأزمات الاقتصادية في حال توسع نطاق الحروب التجارية العالمية.

وفقاً لتقرير المنظمة الذي اطلع عليه بقش، يُتوقَّع انخفاض النمو في الولايات المتحدة إلى 2.2% خلال 2025، ثم إلى 1.6% في 2026، بينما ستواجه المكسيك انكماشاً اقتصادياً بنسبة 1.3% هذا العام، تليها خسارة 0.6% العام المقبل.

أما كندا، فستشهد تباطؤاً حاداً في النمو إلى 0.7% خلال العامين الحالي والمقبل، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 2%. وأرجعت المنظمة هذه التوقعات إلى ارتفاع الرسوم الجمركية بنسبة 25% على الواردات بين الولايات المتحدة وجيرانها، مما سيُضعف الاستثمارات ويرفع تكاليف المعيشة.

تداعيات عالمية وسيناريوهات كارثية في حال تصعيد الحرب التجارية

على الصعيد العالمي، خفضت المنظمة توقعات النمو من 3.3% إلى 3.1% لعام 2025، مع توقعات بتباطؤ إضافي إلى 3% في 2026. وأشار التقرير إلى أن السياسات الحمائية ستجبر البنوك المركزية على الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لمدة أطول، مما يحد من قدرة الحكومات على تحفيز الاقتصادات.

وفي المقابل، توقع التقرير تعافياً نسبياً في منطقة اليورو بنمو 1.2% عام 2026، مدعوماً بضعف تعرضها للحرب التجارية الحالية، بينما ستستفيد الصين من حزم تحفيز حكومية لتعويض آثار التعريفات، متجاوزة نمواً متوقعاً بنسبة 4.8% العام الجاري.

وحذرت المنظمة من أن تصعيداً تجارياً أوسع، مثل فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على الواردات غير السلعية، قد يُخفض النمو العالمي بمقدار 0.3%، ويرفع التضخم 0.4% خلال ثلاث سنوات.

في هذا السياق، ستتكبد الأسر الأمريكية خسائر مباشرة تصل إلى 1600 دولار للفرد، بينما ستفوق التكاليف الاقتصادية العائدات الضريبية الناتجة عن الرسوم حسب اطلاع بقش، مما يُعقد خطط خفض الضرائب الأخرى.

ويتوقع مراقبون أن تدفع هذه التحذيرات دولاً أخرى إلى تعزيز تحالفاتها التجارية لتجنب الوقوع في فخ الحمائية. فالاتحاد الأوروبي والصين قد يسرعان في مفاوضات شراكات بديلة، بينما قد تواجه المكسيك وكندا ضغوطاً لإعادة هيكلة اقتصاداتها لتعويض الخسائر.

ورغم الصمود النسبي لبعض الاقتصادات الكبرى مثل الهند، إلا أن تصاعد الحروب التجارية قد يحد من تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الدول الأقل نمواً، مما يزيد من مخاطر المديونية ويربك خطط التنمية.

مع اقتراب الانتخابات النصفية في أمريكا، قد تُستخدم هذه التقارير كذخيرة من قبل المعارضين، لانتقاد سياسات ترامب، سيّما في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة الذي يلمسه الناخبون مباشرة.

ويُعيد التقرير التركيز على أهمية منضمات دولية مثل منظمة التجارة العالمية في فض النزاعات التجارية، لكن ضعف هذه المؤسسات في السنوات الأخيرة يزيد من صعوبة احتواء الأزمات.

إلى ذلك يُسلط التقرير الضوء على مفارقة السياسات الحمائية التي تهدف لحماية الاقتصاد المحلي، لكنها تنتهي بتقويضه عبر تداعيات غير مقصودة. ووسط ترابط الاقتصادات العالمية، تبقى الحلول التعاونية هي السبيل الوحيد لتجنب كوارث اقتصادية لا تُبقي ولا تذر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى