الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

شهر على أزمة الغاز المنزلي في عدن.. قواطر الغاز إلى الأحواش والناس في طوابير اليأس

الاقتصاد اليمني | بقش

دخلت أزمة الغاز المنزلي في عدن ومحافظات حكومة عدن، بما فيها تعز ولحج، يومها السادس والعشرين، مسجلة واحدة من أشد الأزمات المعيشية التي تشهدها هذه المحافظات في السنوات الأخيرة.

الأزمة، التي بدأت تقريباً في 27 نوفمبر الماضي وفق متابعات مرصد “بقش”، كشفت عن مزيج من العوامل اللوجستية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ما أدى إلى معاناة حقيقية للمواطنين وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار وغياب أي حلول فعلية أو رقابة رسمية.

مظاهر الأزمة

شهدت العاصمة عدن والمحافظات المجاورة طوابير طويلة أمام محطات التعبئة ومراكز التوزيع، حيث يقضي المواطنون ساعات تحت أشعة الشمس، أملاً في الحصول على أسطوانة غاز واحدة. ومع استمرار النقص، لجأ كثيرون إلى السوق السوداء، حيث تجاوز سعر الأسطوانة 15 ألف ريال، مقارنة بالسعر الرسمي الذي تحدده الشركة اليمنية للغاز عند 6500 ريال، وفي المقابل، كان السعر الرسمي قبل الأزمة يبلغ نحو 8500 ريال، ما يعكس قفزة سعرية فادحة.

الأزمة لم تقتصر على ارتفاع الأسعار فقط، بل شملت توقف الإمدادات المنتظمة واحتجاز قواطر الغاز القادمة من مأرب نتيجة التقطعات القبلية أو الاحتجاجات على الخطوط الرئيسة.

وأشار ناشطون تابع بقش تأكيداتهم، إلى أن القواطر لا تصل مباشرة إلى محطات التوزيع، بل يتم تحويلها إلى أحواش تجار، ليتم صرف كميات محدودة بشكل متعمد، ما وصفه المواطنون بـ”صناعة أزمة لرفع الأسعار وتحقيق مكاسب غير مشروعة”.

وفي محافظة أبين، نفذ بعض القبائل قطاعاً على الخطوط الرئيسة احتجاجاً على احتجاز أقارب لهم، ما أدى إلى احتجاز مئات القواطر ومنع وصولها إلى عدن. وبعد تدخل الأجهزة الأمنية ورفع القطاع القبلي، واصلت القواطر طريقها، إلا أن الأزمة لم تنتهِ، ما يشير إلى وجود أبعاد أخرى غير لوجستية.

توجيه القواطر إلى الأحواش

وكشفت المصادر المحلية أن أزمة الغاز أصبحت مرتبطة بآلية التوزيع داخل عدن نفسها، حيث توجه القواطر إلى أحواش خاصة بتجار، ويتم صرف الكميات إلى المحطات بشكل محدود. هذا الانحراف في التوزيع ساهم في خلق أزمة مفتعلة لرفع الأسعار، في ظل غياب الرقابة الحكومية.

وتزامنت الأزمة مع تراجع حاد في الخدمات الأساسية وارتفاع تكاليف المعيشة، مما زاد العبء على المواطنين، خاصة مع توقف الرواتب في العديد من القطاعات ودخول فصل الشتاء الذي زاد الحاجة اليومية للغاز.

وفاقم ذلك من الضغوط المالية على الأسر، مع دفع مبالغ مضاعفة للحصول على أسطوانة غاز كانت سابقاً بأسعار أقل بكثير.

وظهرت الطوابير الطويلة و”طوابير اليأس” كطقس يومي، ما يعكس الانفلات في السوق وضعف الرقابة. كما تراجعت حركة المواصلات والخدمات الأساسية بسبب تأثر السوق المحلية بالأزمة، ما زاد من معاناة المواطنين.

ويعلق الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي، لـ”بقش”، بقوله إن استمرار الأزمة رغم رفع القطاع القبلي يوضح خللاً في الرقابة على الأسواق ومراكز التوزيع، وغياب آليات لضبط الأسعار ومنع الاحتكار.

وتشير الأدلة وفقاً للحمادي إلى أن جزءاً من الأزمة متعمد من قبل تجار الغاز الذين يحولون القواطر إلى أحواش خاصة قبل التوزيع، لرفع الأسعار وتحقيق مكاسب غير مشروعة.

وفي حال استمرار الأزمة بلا حلول فإنها ستفاقم الأزمة المعيشية والاقتصادية في المحافظات الجنوبية، وستؤدي إلى مزيد من الغضب الشعبي والاحتقان الاجتماعي.

ويصر المواطنون على اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل إلزام التجار ببيع الغاز بالسعر الرسمي، وسحب التراخيص من المخالفين، وتفعيل الرقابة الميدانية وضمان وصول الغاز إلى الأحياء السكنية، ووضع حلول مستدامة لمنع تكرار الأزمات المستقبلية.

وتؤكد الأزمة على إخفاقات في الإدارة والرقابة وخلل في آليات التوزيع، مع وجود مؤشرات على صناعة أزمة مفتعلة من قبل بعض التجار، فيما يفاقم استمرار الوضع على هذا النحو معاناة المواطنين ويهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً وحاسماً من الجهات الرسمية لحماية حياة المواطنين وتأمين احتياجاتهم الأساسية.

زر الذهاب إلى الأعلى