صدمة للأثرياء العرب: بنك سويسري عملاق يقطع علاقاته مع +1000 عميل من الخليج ومصر ولبنان

منوعات | بقش
أفادت شبكة بلومبيرغ أن وحدة البنك السويسري الخاص التابعة لـ HSBC Holdings Plc بدأت بإنهاء علاقاتها مع شريحة واسعة من العملاء الأثرياء في الشرق الأوسط، بينهم أكثر من ألف عميل من السعودية ولبنان وقطر ومصر.
مصادر مطلعة قالت إن بين هؤلاء عملاء تتجاوز أصولهم 100 مليون دولار، وقد أبلغوا أنهم لن يتمكنوا من الاستمرار في التعامل مع وحدة إدارة الثروات السويسرية التابعة للبنك.
ويُعد HSBC واحداً من أكبر البنوك في العالم، بأصول تتجاوز 3 تريليونات دولار وحضور في أكثر من 60 دولة وفق اطلاع مرصد بقش، حيث يخدم ما يزيد على 40 مليون عميل. وتجعله هذه المكانة لاعباً محورياً في الخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الثروات وتمويل التجارة الدولية، ما يضفي على قراره الأخير ثقلاً خاصاً في أسواق إدارة الأموال عالمياً وإقليمياً.
إعادة هيكلة وتدقيق تنظيمي
البنك الذي أعلن في أكتوبر الماضي خطة لإعادة هيكلة مجموعته بهدف تبسيط عملياته، أشار إلى أن الخطوة تأتي ضمن “إعادة تركيز استراتيجي” لوحدته السويسرية الخاصة.
يأتي القرار بينما تحقق الهيئة السويسرية للرقابة المالية فينما (FINMA) في قصور البنك عن إجراء الفحوصات اللازمة للحسابات عالية المخاطر، خصوصاً تلك المملوكة لأشخاص لهم صلات سياسية. وبحسب المصادر، يُتوقع أن تنتهي عمليات التخارج خلال ستة أشهر، فيما شكّل HSBC فريقاً متخصصاً لمتابعة إجراءات الإغلاق وتقديم بدائل للعملاء في ولايات قضائية أخرى.
وفقاً للمعايير الداخلية للبنك، يُصنّف العملاء الذين تتجاوز أصولهم 100 مليون فرنك سويسري (124 مليون دولار تقريباً) كأصحاب مخاطر عالية. ويأخذ التصنيف بالاعتبار عوامل أخرى مثل الجنسية ومكان الإقامة. وبذلك، ينسحب HSBC من شريحة تعد الأكثر جذباً لمصارف الثروات المنافسة في المنطقة، التي عززت حضورها على عكس استراتيجية البنك البريطاني.
ورغم أن الشرق الأوسط يُعتبر من أسرع أسواق الثروات نمواً، واجه HSBC تحديات في التوسع، رغم تعيين مصرفيين بارزين مثل علاء الدين هانغاري القادم من “كريدي سويس”. وكانت الوحدة السويسرية تدير نحو 50 مليار دولار من ثروات الأفراد في 2023، بينما تشير التوقعات إلى ارتفاع عدد الأثرياء الذين تزيد ثرواتهم عن 30 مليون دولار بنسبة 28% بحلول 2028.
ارتباط بملف رياض سلامة
تزامنت هذه الخطوة مع استمرار التحقيقات السويسرية في قضايا غسل أموال تتعلق باختلاس مئات الملايين من الدولارات من قبل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.
وأكدت فينما العام الماضي أن معاملات مشبوهة تجاوزت 300 مليون دولار جرت بين لبنان وسويسرا خلال الفترة 2002-2015 عبر حسابات مرتبطة بـHSBC وفق مراجعة بقش، دون تحقق كافٍ من مصدر الأموال أو خلفياتها.
كما أصدرت الهيئة تعليمات للبنك بعدم الدخول في علاقات تجارية جديدة مع “الأشخاص المعرضين سياسياً”، أي من يشغلون مناصب عامة تجعلهم أكثر عرضة للفساد.
يمثل انسحاب HSBC ضربة لمكانته في منطقة تستقطب كبار مديري الثروات الدوليين، بينما تواصل بنوك سويسرية منافسة تعزيز وجودها. ويرى محللون أن الخطوة، وإن كانت تهدف لتقليل المخاطر، قد تفتح المجال أمام المنافسين لاقتناص حصة أكبر من ثروات المنطقة.
انعكاسات على إدارة الثروات بالشرق الأوسط
قرار HSBC يسلط الضوء على هشاشة العلاقة بين البنوك الغربية وعملاء الثروات العرب. فبينما يتزايد عدد الأثرياء في المنطقة بوتيرة سريعة، تظل الثقة في المؤسسات المالية الأجنبية عرضة للتقلبات التنظيمية والسياسية. هذه الخطوة قد تدفع الأثرياء إلى تنويع محافظهم باتجاه بنوك إقليمية أو مؤسسات مالية آسيوية أقل تشدداً.
الاعتماد الكبير على الحسابات البنكية الخارجية بات يشكل خطراً متزايداً، خصوصاً مع تشديد الهيئات الرقابية الأوروبية والسويسرية على التدفقات المالية المرتبطة بالشرق الأوسط حسب تحليلات بقش. ومع أي أزمة سياسية أو فضيحة فساد، يجد العملاء أنفسهم عرضة للإقصاء المفاجئ وفقدان القدرة على التحكم في ثرواتهم.
ويرى خبراء أن انسحاب HSBC قد يكون حافزاً لتطوير منظومات محلية لإدارة الثروات في دول الخليج ومصر، ما يمنح الأثرياء العرب بديلاً أكثر أماناً من الاعتماد المطلق على البنوك الغربية. كما قد يسرّع توجه بعض العواصم الخليجية نحو بناء مراكز مالية عالمية قادرة على جذب هذه الثروات وحمايتها من المخاطر الخارجية.