منوعات
أخر الأخبار

صفقة تقلب موازين هوليوود: كيف تحوّلت “نتفلكس” و”وارنر براذرز” إلى معركة احتكار في واشنطن؟

منوعات | بقش

في بداية ديسمبر 2025، أعلنت شركة “نتفلكس” أنها توصلت إلى اتفاق نهائي للاستحواذ على استديوهات “وارنر براذرز” مقابل 72 مليار دولار لحقوق الملكية، في واحدة من أكبر صفقات الإعلام والترفيه في التاريخ.

وإذا أضيفت الديون والتزامات الشركة، فالصفقة الكلية تصل إلى نحو 82.7 مليار دولار وفق متابعة “بقش”. وعبر هذه الصفقة، ستمتلك نتفلكس ليس فقط منصتي البث (نتفلكس نفسها وHBO Max سابقاً)، بل أيضاً استوديو تاريخياً في هوليوود، مع مكتبة ضخمة من المحتوى وحقوق ملكية لمسلسلات وأفلام أيقونية.

وبشراء نتفلكس لأحد أعمدة السينما والتلفزيون، فإنها تعيد تشكيل خريطة صناعة الترفيه العالمية.

لكن هناك مخاوف من مخاطر على المنافسة والابتكار. إذ يُقدّر أن الكيان المدمج (نتفلكس ووارنر) سوف يتحكم بين 30% إلى 40% من سوق البث في الولايات المتحدة وفق اطلاع بقش، ومثل هذا الحيز من السوق يجعل الصفقة عرضة لمراجعة من القسم المعني بمكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأمريكية (DOJ) وربما من لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC).

الخطر أن يحصل احتكار فعلي أو شبه احتكار، ما قد يقضي على منافسين صغار أو يمنعهم من الوصول إلى محتوى مميز، أو يصعّب عليهم إنتاج محتوى يجاري المنتج العملاق.

ترامب يثير المخاوف

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخاوف تتعلق بمكافحة الاحتكار بشأن عملية الاستحواذ هذه، مشيراً إلى أن الحصة السوقية للكيان الموحَّد قد تطرح مشكلات. وقال ترامب يوم أمس الأحد حين سُئل عن الصفقة لدى وصوله إلى “مركز كينيدي” لحضور فعالية: “حسناً، يجب أن تمر هذه الصفقة بعملية محددة، وسنرى ما سيحدث”، مؤكداً لقاءه مؤخراً بالرئيس التنفيذي المشارك لـ”نتفلكس” تيد ساراندوس وأشاد بالشركة. وأضاف: “لكنها حصة سوقية كبيرة. قد تكون مشكلة”.

أشار ترامب وفق بلومبيرغ إلى أن نتفلكس لديها حصة سوقية كبيرة جداً، وعندما يحصلون على وورنر براذرز سترتفع تلك الحصة كثيراً، مضيفاً أنه سيكون منخرطاً شخصياً في عملية اتخاذ القرار.

هذا التدخل من أعلى سلطة في الولايات المتحدة يضفي على الصفقة بُعداً سياسياً، ما يعني أن الموافقة لن تكون تلقائية إنما مشروطة بمراجعة دقيقة، وقد تتطلب تنازلات أو شروط تقنين للصفقة.

تأثير على الصناعة الإبداعية والسينما الجديدة

جهات عديدة في هوليوود، من نقابات ودور عرض وصناعات ذات صلة، حذرت من أن الصفقة قد تقلّص إنتاج الأفلام السينمائية، وتقلّل عدد الأعمال التي تُعرض في دور العرض.

والخشية أن العملاق الموحد لن يحتاج، من منطلق الربح أو التصميم، إلى الحفاظ على مستوى التنوع أو المخاطرة الإبداعية كما كان الحال عندما المنافسة مشتعلة بين شركات مختلفة.

ومن المتوقع أن تجادل نتفلكس بأن تحليل السوق لا ينبغي أن يقتصر على منصات البث التقليدية فقط، بل يجب أن يشمل منصات الفيديو الاجتماعي والبديلة، مثل YouTube وTikTok، لأن المستخدمين قد يتنقلون بينها، ما يقلل من هيمنة الكيان الموحد.

إضافة إلى ذلك، تجادل نتفلكس بأن كثيراً من مشتركي HBO Max بالفعل مشتركون في نتفلكس، بالتالي الصفقتان متكاملتان وليستا “منافسين مباشرين” بالضرورة، بمعنى أن الاندماج لا يُضيف عدداً كبيراً من المشتركين الجدد بل تركّز الميل على إدارة المحتوى.

كما قد تقدم تدابير تعويضية، مثل ترخيص المحتوى للمنافسين أو إبقاء بعض الأعمال مستقلة، كطريقة للحد من مخاطر التركيز السوقي.

مكتبة ضخمة ومتنوعة من الإنتاج في منصة واحدة، يعني محتوى ضخماً، وسيطرة شبه مطلقة على السوق، وهو ما يقلل التنافس، وستُختار المشاريع بناءً على الربح السريع بدلاً من الجودة أو التنوع.
وقد تنخفض تكلفة الإنتاج والتوزيع، ما يؤدي إلى أسعار منصات أرخص أو باقات جذابة، ومحتوى أقل للمنافسين الصغار، مما يضر بالإبداع المتنوع والفرص للمواهب الجديدة.

لحظة مصيرية

الصفقة تواجه تدقيقاً من وزارة العدل الأمريكية وربما من جهات تنظيمية في أوروبا، ليس فقط بسبب حجم السوق، بل بسبب الهيمنة على محتوى هوليوود وحقوقه.

وقد تضغط نقابات هوليوود ودور عرضها ومنافسوها لعرقلة الصفقة أو إجبار إجراءات تعويضية.

وإذا رفضت الجهات التنظيمية، فإن بند الفسخ يتضمن غرامة ضخمة، لكن من المرجح أن تفضل نتفلكس إلغاء الصفقة بدلاً من قبول شروط مقيدة تُضعف جدواها الاقتصادية.

ويمكن القول إن صفقة نتفلكس ووارنر براذرز تُمثّل لحظة مفصلية في تاريخ الإعلام الحديث، فقد تكون قوة محتوى لم يسبق لها مثيل، تجمع بين منصة بث ضخمة واستوديو هوليوودي عريق، لكن هذه الضخامة نفسها سيف ذو حدين، فإما أن تؤدي إلى عصر جديد من الإنتاج الضخم والمحتوى الجذاب، أو إلى احتكار يقلل المنافسة ويضيق خيارات الجمهور والمبدعين.

زر الذهاب إلى الأعلى