
تقارير | بقش
أعلنت حكومة صنعاء، عبر مركز تنسيق العمليات الإنسانية، عن إصدار قرار يقضي بتصنيف 13 كياناً و9 أشخاص واثنين من الأصول المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية ضمن قائمة عقوبات وطنية، بدعوى انتهاك قرار محلي بحظر تصدير النفط الخام الأمريكي.
وقالت حكومة صنعاء إن هذا الإجراء يمثل الدفعة الأولى من سلسلة عقوبات مضادة، رداً على حزم العقوبات الأمريكية التي فُرضت خلال أشهر يونيو ويوليو وسبتمبر من العام الجاري، في إطار ما تصفه بـ”مبدأ المعاملة بالمثل”.
وحسب البيان الصادر عن مركز تنسيق العمليات الإنسانية في صنعاء، الذي اطلع عليه بقش، تستند هذه الخطوة إلى القرار المحلي رقم 5-25-001 الصادر في 17 مايو 2025، والذي ينص على حظر تصدير النفط الخام الأمريكي من الموانئ الأمريكية أو عبر أي وسطاء.
وأشار البيان إلى أن الكيانات والأشخاص المدرجين في القائمة متهمون بتسهيل عمليات بيع أو شراء أو نقل أو تحميل النفط الخام الأمريكي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بما في ذلك التحايل عبر النقل من سفينة إلى أخرى أو استخدام أطراف ثالثة.
ويأتي هذا الإعلان بعد سلسلة من العقوبات الأمريكية التي استهدفت كيانات وشخصيات يمنية، عبر مكتب مراقبة الأصول التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، في إطار الضغوط الاقتصادية المفروضة على صنعاء منذ تصاعد التوترات خلال السنوات الأخيرة.
تندرج هذه الإجراءات ضمن ما تُعرف بقائمة “باييس”، وهي لائحة سنّتها سلطات صنعاء، وتستهدف وفقاً لتعريفها الرسمي “الجهات التي تمس السيادة أو الأمن أو المصالح الوطنية”، بما في ذلك الشركات الأجنبية أو الأشخاص المرتبطين بأنشطة اقتصادية تراها صنعاء معادية.
ووفق البيان، تشمل القائمة كيانات عاملة في قطاع الطاقة والشحن البحري، إلى جانب رؤساء مجالس إدارة ومديرين تنفيذيين وأصول مالية وعقارية ذات صلة.
ويحظر القرار، وفقاً للائحة الصادرة، التعامل التجاري أو المالي مع الأطراف المدرجة بأي شكل من الأشكال، كما يمنع استخدام شركات وسيطة أو أطراف ثالثة لتجاوز القيود، على غرار ما تطبقه أنظمة العقوبات في عدة دول أخرى.
يمثل الإعلان عن هذه القائمة تطوراً لافتاً في سياسة صنعاء، التي بدأت منذ العامين الماضيين بناء إطار عقوبات محلي موازٍ للأنظمة الأمريكية والدولية.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من معركة قانونية واقتصادية متصاعدة بين الجانبين، خصوصاً بعد توسيع واشنطن دائرة استهدافها لقطاعات وشخصيات يمنية، بما في ذلك كيانات مالية وتجارية محلية وخارجية.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات قد تُحدث تعقيدات إضافية للشركات الأجنبية العاملة في مجالات الطاقة أو الشحن التي ترتبط بسلاسل توريد تتداخل مع الموانئ الأمريكية، خصوصاً في ظل غياب اعتراف دولي بهذه القوائم، ما قد يضعها أمام مواقف قانونية متباينة بين السلطات اليمنية والأمريكية.
وحسبما أعلنته حكومة صنعاء، فإن الكيانات والأشخاص المدرجين في القائمة سيخضعون لعقوبات محلية تشمل تجميد الأصول، حظر التعامل المصرفي، ومنع المشاركة في أي أنشطة اقتصادية داخل اليمن، وذلك استناداً إلى المادة 38 من لائحة العقوبات الوطنية.
كما أوضح مركز تنسيق العمليات الإنسانية أن إدراج الكيانات لا يُعد إجراءً نهائياً بالضرورة، إذ يمكن شطب الأسماء من القائمة في حال تغيّر السلوك أو تسوية الوضع القانوني وفقاً للآليات المنصوص عليها في اللائحة، وهو ما يشبه من حيث الشكل آليات “الإزالة من القوائم” المطبقة في أنظمة العقوبات الدولية.
يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه العلاقة بين واشنطن وصنعاء تصعيداً متبادلاً في أدوات الضغط الاقتصادية، إذ لجأت الإدارة الأمريكية في الأشهر الماضية إلى فرض عقوبات مالية وتجارية موسعة حسب متابعات بقش، شملت شركات يمنية وأفراداً تقول إنها مرتبطون بأنشطة تعتبرها واشنطن معادية أو تهدد الأمن الإقليمي.
في المقابل، تحاول سلطات صنعاء إظهار قدرتها على استخدام أدوات قانونية واقتصادية داخلية للرد، وإن كانت هذه الأدوات لا تحظى باعتراف دولي واسع.
ويرى محللون أن هذه التطورات تعكس تحولاً في طبيعة المواجهة بين الطرفين من المجال العسكري والسياسي إلى المجال الاقتصادي والقانوني، مع توظيف العقوبات كأداة تأثير وضغط متبادل.
من غير الواضح بعد ما إذا كانت لهذه العقوبات المحلية أي آثار عملية خارج نطاق الأراضي التي تسيطر عليها سلطات صنعاء، لكن مراقبين يربطون الإعلان بتوجه سياسي وإعلامي يرمي إلى تثبيت معادلة «الرد بالمثل» في مواجهة الإجراءات الأمريكية.
كما يُرجّح أن تسعى صنعاء من خلال هذا المسار إلى زيادة الكلفة القانونية والتجارية على بعض الشركات الأجنبية، وإرسال رسائل سياسية بأنها تملك أدوات للرد الاقتصادي، حتى وإن كانت محدودة التأثير دولياً.
وبصرف النظر عن مدى فاعليتها، فإن إطلاق قائمة عقوبات وطنية بهذا الشكل يعكس تصعيداً جديداً في الحرب الاقتصادية بين صنعاء وواشنطن.
وتبقى آثار هذه الخطوة مرهونة بمدى التزام الأطراف المحلية والإقليمية بها، وبالقدرة القانونية والإدارية لحكومة صنعاء على تطبيقها ومتابعتها في ظل البيئة الدولية المعقدة.