منوعات
أخر الأخبار

صيف كرة القدم 2025–2026: مليارات الأندية الكبرى بين شغف الملاعب وأرقام الاقتصاد العالمي

منوعات | بقش

شهد سوق الانتقالات الصيفية لكرة القدم لموسم 2025–2026 انفجارًا ماليًا غير مسبوق، إذ بلغت قيمة الإنفاق العالمي حتى مساء 31 أغسطس 8.86 مليار يورو، متجاوزةً الرقم القياسي السابق المسجَّل في صيف 2023–2024 والبالغ 8.85 مليار يورو. ومع استمرار تحرك سوق اللحظات الأخيرة في يوم الإقفال، فإن التقديرات تشير إلى أن الرقم النهائي قد يتخطى هذا المستوى بكثير، ما يجعل هذا الصيف الأضخم في تاريخ كرة القدم من حيث الإنفاق.

وتصدّر الدوري الإنجليزي الممتاز المشهد كالعادة، بعدما أنفقت أنديته ما يقرب من 2.91 مليار يورو، وهو ما يمثل نحو ثلث الإنفاق العالمي وحده، مؤكدةً هيمنتها المالية على كرة القدم الأوروبية والعالمية.

إنفاق الدوريات الكبرى

تكشف بيانات منصات الرصد المتخصصة مثل Transfermarkt عن أرقام مذهلة في الدوريات الخمسة الكبرى:

الدوري الإسباني (لا ليغا): مصروفات 643.27 مليون يورو وإيرادات 609.60 مليون يورو، بصافي عجز طفيف بلغ 33.67 مليون يورو.

الدوري الألماني (البوندسليغا): إنفاق 775.28 مليون يورو مقابل إيرادات 995.42 مليون يورو، مسجّلًا فائضًا قدره 220.15 مليون يورو.

الدوري الفرنسي (ليغ 1): إنفاق 593.81 مليون يورو مقابل إيرادات 824.27 مليون يورو، بفائض يبلغ 230.46 مليون يورو.

الدوري الإيطالي (سيري آ): إنفاق بلغ 1.1227 مليار يورو مقابل إيرادات 1.0899 مليار يورو، بصافي عجز طفيف قدره 32.78 مليون يورو.

الدوري السعودي للمحترفين: إنفاق وصل إلى 431.79 مليون يورو مقابل إيرادات 131.66 مليون يورو، بعجز صافي قدره 300.13 مليون يورو، في ظل توجه الرابطة نحو ضوابط مالية أشد مقارنة بموسم 2023.

هذه الأرقام تبرز حجم الفوارق بين الدوريات الأوروبية التي تسعى إلى ضبط موازناتها والإنفاق السعودي المتسارع رغم محاولات تقنينه.

الدوري الإنجليزي: معركة المليارات

لم يكن مفاجئًا أن يتصدّر الدوري الإنجليزي قائمة الأكثر إنفاقًا، لكن المفاجئ كان حجم الأموال التي ضخّتها أندية بعينها. فقد أنفق ليفربول ما يقرب من 339.68 مليون يورو، وجاءت صفقة فلوريان فيرتس من باير ليفركوزن مقابل 125 مليون يورو كأغلى صفقات الصيف، تلتها صفقة المهاجم الفرنسي هوجو إكيتيكي بقيمة 95 مليون يورو.

أما آرسنال فأنفق حوالي 293.50 مليون يورو، منها 70 مليون يورو لضم لاعب الوسط الإسباني مارتن زوبيميندي وقرابة 67 مليون جنيه إسترليني لشراء إيبيريتشي إيزي من كريستال بالاس.

مانشستر يونايتد دخل بقوة أيضًا، فأنفق 229.70 مليون يورو على صفقات بارزة مثل المهاجم السلوفيني بنجامين شِشكو (76.5 مليون يورو) والبرازيلي ماتيوس كونيا (74.2 مليون يورو).

وفي اللحظات الأخيرة من السوق، كانت الأخبار تدوي حول صفقة تاريخية لـ ألكسندر إسحاق من نيوكاسل إلى ليفربول بقيمة 125 مليون جنيه إسترليني، لتسجل كأغلى صفقة في تاريخ الدوري الإنجليزي، ما يعكس قوة المنافسة في “يوم الإقفال”.

ريال مدريد: سياسة المزج بين النجوم والمواهب

على الجانب الإسباني، برز ريال مدريد بصفقات وازنة، أبرزها التعاقد مع النجم الإنجليزي ترينت ألكسندر-أرنولد مقابل 10 ملايين يورو فقط بفضل اتفاق مبكر مع ليفربول، إلى جانب موهبة ريفر بليت الأرجنتيني فرانكو ماستانتوونو في صفقة قياسية بلغت 63.2 مليون يورو.

وبذلك بلغ إجمالي إنفاق النادي الملكي حوالي 167.5 مليون يورو، مع صافي إنفاق يقارب 165.5 مليون يورو بعد خصم المبيعات. كما ارتبط اسمه بمراقبة أسماء دفاعية كبرى مثل ويليام ساليبا من آرسنال وإبراهيما كوناتي من ليفربول لتعزيز الخط الخلفي.

برشلونة: تقشف محسوب

أما برشلونة فكان أكثر حذرًا في إنفاقه هذا الصيف، حيث اكتفى بصفقتين رئيسيتين: المدافع خوان غارسيا من إسبانيول مقابل 25 مليون يورو، والموهبة السويدية روني باردجي من كوبنهاغن مقابل 2.5 مليون يورو.

وبلغ إجمالي إنفاق النادي الكتالوني 27.5 مليون يورو فقط، مقابل إيرادات من مبيعات اللاعبين بلغت 37.4 مليون يورو، ما يعني تحقيق فائض مالي يعكس السياسة الجديدة للإدارة التي تضع الاستقرار المالي فوق الصفقات الضخمة.

السعودية: استثمار مستمر رغم التباطؤ

واصلت الأندية السعودية استقطاب لاعبين من الدوريات الأوروبية، لكن بإنفاق أقل مما كان عليه الحال في صيف 2023، حيث بلغ الإجمالي 431.8 مليون يورو. ورغم ضخامة الرقم، إلا أن التوجه الجديد يركز على استدامة مالية طويلة الأمد، ما يوضح رغبة الدوري السعودي في ترسيخ مكانته دون الانزلاق إلى أزمات مالية مستقبلية.

كرة القدم والاقتصاد: أرقام تتجاوز الدول

المثير في هذه الأرقام أن بعض الأندية باتت تنفق في ثلاثة أشهر ما يعادل إنفاق دول كاملة على قطاعات أساسية. فمثلاً:

إنفاق ليفربول وحده (قرابة 340 مليون يورو) يقارب ميزانية التعليم في دول صغيرة مثل مالطا أو أيسلندا.

إنفاق الدوري الإنجليزي مجتمعًا (2.91 مليار يورو) يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي السنوي لدول مثل بوتان أو ليبيريا.

صفقات فردية مثل صفقة ألكسندر إسحاق بقيمة 125 مليون جنيه إسترليني تقارب حجم الموازنة الصحية لدولة أفريقية صغيرة لمدة عام كامل.

هذه المفارقات تضع كرة القدم في موقع استثنائي، حيث تحولت من مجرد لعبة إلى صناعة مالية عابرة للحدود، بل وأصبحت أرقامها مرآة تعكس توازنات اقتصادية عالمية.

إن صيف 2025–2026 لم يكن مجرد موسم انتقالات كروية، بل كان بمثابة فصل جديد في تاريخ اقتصاد كرة القدم. مليارات ضُخت في أسابيع قليلة، وأندية تتسابق على تحطيم الأرقام القياسية، فيما تقف اقتصادات دول بأكملها أمام تحديات تأمين موازنات سنوية أقل بكثير من قيمة صفقة لاعب واحد.

يبقى السؤال: هل سيستمر هذا السباق المالي بلا حدود، أم أن كرة القدم ستصطدم عاجلاً أم آجلاً بواقع اقتصادي يفرض قيودًا حتى على أكبر الأندية؟

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش