
متابعات | بقش
في الوقت الحالي بات الوضع الإنساني في قطاع غزة هو الأسوأ منذ بداية الحرب، بسبب الحصار الإسرائيلي المطبق منذ بداية مارس الماضي، وسياسة تجويع السكان الممنهج، دون أن يكون للمجتمع الدولي دور فعلي يُذكر.
وتطالب المنظمات الدولية بضرورة إيصال الغذاء إلى الفلسطينيين بشكل عاجل وبكميات كبيرة، وليس حسب السياسة الأمريكية الإسرائيلية الجديدة التي تسببت في إحداث الفوضى وقتل الفلسطينيين المجوَّعين الذين يتدافعون لتسلم المساعدات من نقاط التوزيع الأربع فقط في كل القطاع.
مساعدات على صورة “هجمات قاتلة”
وتقول الأمم المتحدة في آخر بياناتها إن “الهمجات القاتلة” على مدنيين حول مواقع لتوزيع المساعدات في قطاع غزة تشكل جريمة حرب، ووفق متابعة بقش ذكر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن هذه الهجمات على المدنيين اليائسين الذين يحاولون الحصول على كميات زهيدة من المساعدات الغذائية في غزة غير مقبولة.
واليوم الثلاثاء سقط 24 فلسطينياً وأصيب أكثر من 200 آخرين بينهم حالات خطرة، جراء قصف الاحتلال وإطلاقه النار صوب النازحين خلال انتظارهم للمساعدات.
الهجمات الموجهة ضد المدنيين تشكل خرقاً جسيماً للقانون الدولي بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، ويضاف ذلك إلى الانتهاكات المتواصلة والقصف والتجويع منذ أكثر من 20 شهراً من قتل المدنيين والتدمير والتهجير بحق 2.2 مليون فلسطيني.
وحسب تتبع بقش للإحصائيات، فإن عدد الذين قُتلوا في مراكز توزيع المساعدات خلال الأيام الثمانية الأخيرة يصل إلى 102 شخص، دون أي تحركات جادة وفاعلة من قِبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومنظمات الإغاثة الدولية من أجل وقف آلة القتل وفتح ممرات إنسانية آمنة تحت إشراف دولي.
ولا تلبي “مؤسسة غزة الإنسانية” المستحدثة بدعم من إسرائيل وواشنطن، أدنى الاحتياجات المطلوبة، إذ لا تقارن بأي شكل على الإطلاق بآليات الأمم المتحدة في التوزيع، حيث تتضمن الآلية المستحدثة أربع مراكز توزيع فقط في كل القطاع، مقارنةً بـ400 مركز توزيع تابعة للأمم المتحدة التي تشغل عملياتها وكالة “الأونروا” المستهدفة من جانب الاحتلال.
ويؤكد برنامج الأغذية العالمي أن هناك أكثر من مليوني شخص في غزة يعانون الجوع الشديد وكثير منهم مهددون بالمجاعة، وإذا لم يتم إمداد القطاع بالغذاء فإن انعدام الأمن والاضطرابات سيظلان تحدياً حقيقياً، داعياً إلى السماح بدخول من المزيد من المساعدات الغذائية وتوزيعها بسرعة.
ومع استمرار التصعيد الإسرائيلي والتجويع بحق السكان في غزة، تواصل قوات صنعاء فرض حصار جوي على الطيران من وإلى إسرائيل عبر استهداف مطار “بن غوريون” الاستراتيجي، وكان آخرها إعلان قوات صنعاء أمس الإثنين عن استهداف المطار بصاروخ باليستي أجبر 4 ملايين صهيوني على الهروب إلى الملاجئ ووقف حركة الملاحة في المطار، وفقاً للبيان العسكري.
وتتفاقم أزمة الطيران في إسرائيل نتيجة لهذه الهجمات، إذ ترفض الشركات العملاقة السفر إلى إسرائيل. وأعلنت مجموعة شركات الطيران الألمانية “لوفتهانزا” عن تمديد تعليق الرحلات من وإلى إسرائيل حتى 22 يونيو الجاري، كما أجلت شركة الخطوط الجوية البولندية “لوت” رحلاتها حتى منتصف يونيو، وشركة الهند حتى 18 يونيو، في حين أوقفت الخطوط الجوية البريطانية الرحلات حتى نهاية يوليو المقبل، وشركة طيران كندا حتى سبتمبر.
تحركات أوروبية جديدة
وفي هذه الأثناء، تواصل دول أوروبية تحركاتها للضغط على إسرائيل. وأعلنت إسبانيا في آخر تصريحاتها عن إلغاء صفقة لشراء 1700 صاروخ مضاد للدبابات من إسرائيل بقيمة 287 مليون يورو، ويشار وفق مراجعات بقش إلى أن الحكومة الإسبانية ألغت في أبريل الماضي صفقة أسلحة بقيمة 6.8 ملايين يورو مع شركة “آي إم آي سيستمز” الإسرائيلية، وسط استمرار الحرب على غزة.
ومن جهة أخرى، يجري مجلس أخلاقيات صندوق الثروة السيادي النرويجي، الذي تبلغ أصوله 1.9 تريليون دولار، تحقيقاً في ممارسات بنوك إسرائيلية بشأن الاكتتاب في التزامات بناء منازل للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، وهي مراجعة قد تؤدي إلى سحب استثمارات تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار.
وكان المجلس في مايو المنصرم قال إنه يفحص كيفية تقديم البنوك الإسرائيلية ضمانات تحمي أموال المستوطنين الإسرائيليين، إذا انهارت الشركة التي تبني منازلهم في الضفة الغربية. ولا تُعرف أسماء البنوك، لكن أحدث البيانات أظهرت أنه بنهاية 2024 كان الصندوق يمتلك أسهماً بنحو خمسة مليارات كرونة (500 مليون دولار) في أكبر خمسة بنوك إسرائيلية، بزيادة 62% في 12 شهراً.
تصعيد رغم جهود التهدئة
وتتصاعد الأزمة الإنسانية في حين تشهد مناطق متعددة من قطاع غزة غارات عنيفة وعمليات نسف للمنازل بينما تتفاقم المجاعة، ووسط هذا التصعيد أعلنت حركة حماس عن استعدادها الفوري للدخول في جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة، تهدف إلى تجاوز نقاط الخلاف والتوصّل إلى اتفاق ينهي الحرب.
ويأتي ذلك بعد أن أصدرت مصر وقطر بياناً مشتركاً أكّدتا فيه مواصلة جهودهما المكثفة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والعمل على تذليل النقاط الخلافية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك استناداً إلى مقترح المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.