قبل تصاعد حرب الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية (والتي تبلغ حالياً 145%)، تحوَّطت الصين بخطوة استباقية هي زيادة الصادرات خلال شهر مارس 2025 بوتيرة متسارعة وضخ البضائع المصنَّعة إلى الولايات المتحدة بأقصى سرعة.
فقد سجلت الصادرات الصينية ارتفاعاً في مارس الماضي بنسبة 12.4% على أساس سنوي وفق اطلاع بقش على البيانات الحديثة، وهو أعلى مستوى للصادرات الصينية في خمسة أشهر، وتتجاوز بفارق كبير نمواً بنسبة 4.4% كان قد توقَّعه اقتصاديون في استطلاع رأي سابق أجرته وكالة رويترز.
ولم تزد الصادرات الصينية في يناير وفبراير السابقين سوى بنسبة 2.3%. وتُفسَّر حركة الصادرات المكثفة خلال شهر مارس بالضبابية التي اكتنفت التجارة العالمية واهتزاز الأسواق المالية نتيجة لفرض رسوم جمركية شاملة.
الصادرات “بريق صيني”.. هل يخفت؟
زيادة الصادرات الصينية وصفها اقتصاديون بأنها تمثّل “بريقاً” واضحاً للصين، لكن من الممكن أن تنخفض الصادرات أمام التوقعات التي تسوء بصورة سريعة نتيجة لفرض الرسوم اعتباراً من مطلع أبريل الجاري.
ويقول جوليان إيفانز بريتشارد، مدير شؤون الاقتصاد الصيني لدى “كابيتال إيكونوميكس” إن نمو الصادرات تسارَعَ في مارس مع اندفاع المصنعين لشحن البضائع إلى الولايات المتحدة.
لكن على الأرجح ستنخفض الشحنات الصينية خلال الأشهر، أو الأرباع المقبلة، حيث يعتقد بريتشارد أنّ الصادرات الصينية قد تحتاج سنوات لتستعيد مستوياتها الحالية.
وبعودة “بقش” إلى التسلسل الزمني لفرض الرسوم الجمركية الأمريكية على بكين، كانت إدارة ترامب فرضت رسومها بنسبة 10% على كل الواردات الصينية بدءاً من 04 فبراير، ثم رفعتها بنسبة 10% أخرى في مارس، متهمةً بكين بالتقصير في وقف تدفق مادة الفنتانيل المخدرة إلى الولايات المتحدة.
ثم في الشهر الجاري رفعت واشنطن رسومها على الصين حتى وصلت إلى 84%، وردّت بكين بفرض رسوم مضادة بنفس النسبة، ثم قامت واشنطن برفعها إلى 125%، وهو ما ردّت عليه الصين أيضاً بنفس النسبة (وهي النسبة الصينية الثابتة حالياً)، ورفعتها واشنطن إلى 145%، إلا أن بكين نأت بنفسها عن رفع الرسوم الجمركية المضادة مجدداً، وقالت إنها لن تزيد الرسوم مهما رفعت واشنطن رسومها.
وبلهجة ساخرة وصفت الصين الرسوم الأمريكية بأنها أصبحت مجرد نكتة، ولا تعدو كونها “لعبة أرقام” ليس لها أي مغزى اقتصادي، وتكشف عن استغلال أمريكا للرسوم كأداة لـ”الترهيب والإكراه” لا غير.
ووفق تعبير وزارة التجارة الصينية، أصبحت الرسوم الجمركية الأمريكية “مثيرة للسخرية”، لكنها رغم ذلك حذرت من أن الصين سترد بقوة وستقاتل حتى النهاية، إذا واصلت واشنطن انتهاك حقوقها ومصالحها، مؤكدةً أن على واشنطن تحمل المسؤولية الكاملة عن الأضرار التي تسببت بها الرسوم الجمركية.
انتعاش السوق الصينية
مقابل هذه الحرب هائلة التأثير، لا تُبرز البيانات تأثيراً كبيراً في الأسواق الصينية. حيث شهدت الأسواق ارتفاعاً إيجابياً في النشاط، تزامناً مع إعلان واشنطن عن إعفاءات على منتجات إلكترونية كالجوالات الذكية والحواسب غيرها من الأجهزة.
واليوم الإثنين ارتفعت مؤشرات الأسهم الصينية وفي هونغ كونغ، مع صعود أسهم التكنولوجيا بعد التحرك الأمريكي، في حين تأثر قطاع الرقائق الإلكترونية سلباً بمخاوف الأمن القومي، ووفق اطلاع بقش صعد مؤشر “سي إس آي 300” الصيني للأسهم القيادية بنسبة 0.2%، فيما ارتفع مؤشر “شنغهاي” المركب بنسبة 0.8% عند الإغلاق، بعد أن خسر 3.1% في الأسبوع الماضي.
وصعد مؤشر “هانغ سنغ القياسي” في هونغ كونغ بنسبة 2.4% بعد أن خسر 8.5% الأسبوع الماضي، كما صعد مؤشر “هانغ سنغ للتكنولوجيا” بنسبة 2.3%، وانتعشت أسهم مورّدي “أبل” في الصين، وارتفع مؤشر “سي إس آي” للإلكترونيات بنسبة 0.3%.
