تقارير
أخر الأخبار

عاصفة احتجاجات وإضرابات في فرنسا.. تقشف حكومي وديون تهدد الاستقرار

تقارير | بقش

تشهد فرنسا إضراباً واسعاً دعت له النقابات بدءاً من اليوم الخميس، ما قد يزيد من الضغط على رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو، الذي يسعى بعد تعيينه خلفاً لفرانسوا بايرو إلى تشكيل حكومة، ويطال هذا الإضراب قطاعات حيوية ضد الإجراءات المالية التي أعلنها رئيس الوزراء المستقيل أمام الديون التي تثقل كاهل البلاد.

ففرنسا تمر بأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية مركبة، تجمع بين مظاهرات واسعة النطاق، والإضرابات، والتغييرات الحكومية المتكررة، وضغوط الديون العملاقة التي بلغت (3.9 تريليونات دولار) في نهاية الربع الأول من عام 2025، مما يمثل 114% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتاريخياً تُعرف الاحتجاجات والنقابات القوية في فرنسا بقدرتها على تعطيل جزء كبير من الحياة اليومية.

وخلال مظاهرات اليوم، أعلنت الداخلية الفرنسية عن تعبئة 80 ألف عنصر من قوات الأمن لتأمينها، ونفذت الشرطة اعتقالات بحق 94 شخصاً على الأقل.

الإضرابات احتجاجاً على التقشف

انطلقت دعوات من اتحادات عمالية كبيرة في فرنسا لتنظيم إضراب عام، احتجاجاً على خطط الحكومة لخفض الإنفاق العام والإصلاحات المالية المقترحة. وتطالب النقابات بالتراجع عن حزمة إجراءات تضمنتها خطة فرانسوا بايرو للتقشف، التي تشمل توفير 44 مليار يورو عبر تجميد الإنفاق وإلغاء عطلتين رسميتين.

المشاركون يشملون موظفين في القطاعات العامة، المعلمين، والعاملين في النقل، والعاملين في الصحة والصيدليات والموظفين الإداريين.

ويُنظَّم هذا الإضراب ضمن الاحتجاجات ضد تخفيضات الميزانية الوشيكة، إذ تطالب النقابات بإلغاء الخطط المالية التي وضعتها الحكومة السابقة، وزيادة الإنفاق على الخدمات العامة، ورفع الضرائب على الأثرياء، والتخلي عن التغيير الذي لا يحظى بشعبية والذي يجعل الناس يعملون لفترة أطول للحصول على معاش تقاعدي.

وغيّرت فرنسا ثلاث حكومات تقريباً خلال أقل من عام، مما يعكس حالة عدم الاستقرار السياسي. الأولى هي حكومة ميشيل بارنييه التي تقدمت بخطط تقشف كبيرة لكنها واجهت معارضة برلمانية وعدم قبول واسع من النقابات والمواطنين.

والثانية هي حكومة فرانسوا بايرو التي سقطت في تصويت على الثقة بسبب ميزانيتها المقترحة والتدابير التوفيرية المثيرة للجدل مثل خطة الـ44 مليار يورو، وتلتها الحكومة الجديدة برئاسة سيباستيان ليكورنو الذي عُيّن لتولي المهمة في ظل معارضة كبيرة، لكنه بدأ ولايته بخطة لا تزال تواجه احتجاجات وضغوط مالية وسياسية هائلة.

الدولة مهددة بالديون

تشير البيانات التي طالعها بقش إلى أن الدين العام الفرنسي يعادل نحو 114% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم يثير مخاوف من تأثيره على قدرة الدولة في التمويل، خصوصاً وسط ارتفاع تكلفة الاقتراض.

وبلغ العجز المالي في عام 2024 حوالي 5.8% من الناتج المحلي، وهو ضعف الحد المسموح به ضمن معايير الاتحاد الأوروبي التي تقترح أن لا يتجاوز العجز 3% من الناتج.

ومؤخراً خفضت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” تصنيف فرنسا من AA- إلى A+ مع نظرة مستقبلية ثابتة، مستشهدة بعدم الاستقرار السياسي، وصعوبة في تنفيذ إصلاحات الميزانية، وارتفاع الدين.

وتلقي هذه الأزمة بتداعياتها على المواطنين ومعيشتهم اليومية، من خلال انخفاض الأجور الفعلية أمام التضخم، وتدهور الخدمات العامة، وزيادة الضغط على الأسر ذات الدخل المتوسط والمحدود، إذ إن الإصلاحات والتخفيضات غالباً ستطال هذه الأسر.

ويؤثر ذلك على الاقتصاد الكلي الفرنسي من خلال ارتفاع تكلفة الاقتراض للدولة، ما قد يزيد من أعباء الفوائد في الميزانية العامة، وكذلك احتمالية تراجع الاستثمارات إذا استمر انعدام الاستقرار السياسي والتظاهرات، وضعف الثقة من الأسواق المالية والمؤسسات الدولية، وربما من المستثمرين المحليين.

التدابير التقشفية المقترحة تأتي في وقت يعاني فيه المواطن من ارتفاع الأسعار والتضخم، مما يجعل أي تقليل للإنفاق أو رفع للضرائب مؤلماً للغاية، بينما تواجه الحكومة الفرنسية فقراً في الشرعية البرلمانية، وهو ما يصعّب تمرير إصلاحات جذرية بدون تحالفات واسعة أو تنازلات.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش