الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

عدن محاصرة بالظلام لقرابة 20 ساعة.. أزمة كهرباء كارثية تهدد بانهيار شامل

الاقتصاد اليمني | بقش

أزمة كهرباء كارثية تواجهها مدينة عدن هذا الشهر، إذ وصلت ساعات الانقطاع إلى أكثر من 18 ساعة وصولاً إلى 20 ساعة في اليوم الواحد، مع تهديدات حقيقية بانقطاع تام للتيار الكهربائي بسبب خروج محطات التوليد عن الخدمة.

إذ حذّرت مؤسسة كهرباء عدن، في بيان حصل “بقش” على نسخة منه، من انقطاع كلي ووشيك للمنظومة خلال الساعات المقبلة في حال لم يتم تزويد المحطات بالوقود اللازم لتشغيلها، وناشدت المجلس الرئاسي وحكومة عدن بالتدخل الفوري لوضع حل.

وانقطع التيار الكهربائي بشكل شبه تام عن مديريات عدة، مثل المنصورة والشيخ عثمان وخور مكسر والبريقة ودار سعد، وسط موجة حر خانقة تجاوزت فيها درجات الحرارة 38 درجة مئوية، وانعدام شبه كامل للمياه نتيجة توقف المضخات، وخلال هذه الظروف يؤكد المواطنون أن الوضع غير إنساني، وسط صمت السلطات وتجاهلها للأزمة المستمرة منذ أيام.

توقف المنظومة

مؤسسة الكهرباء بعدن قالت في بيانها إن على المجلس الرئاسي ورئاسة الحكومة التدخل العاجل لتوفير الوقود، وحذرت من أن كافة المحطات خرجت عن الخدمة كلياً باستثناء محطة الرئيس (بترومسيلة) التي تعمل بقدرة جزئية ويُتوقع توقفها الكامل مساء اليوم الأحد في حال عدم وصول الإمدادات.

وأكدت المؤسسة أن تشغيل التوربين في محطة الرئيس بالحد الأدنى يتطلب سبع ناقلات وقود يومياً، بينما ما يصل حالياً من ميناء الضبة لا يتجاوز أربع ناقلات، مشيرة إلى أن شركتي صافر والعقلة أوقفتا تزويد المحطة رغم التوجيهات الحكومية الصارمة.

وتُظهر هذه التطورات أن أزمة الكهرباء في عدن تجاوزت مسألة الأعطال الفنية أو أزمات الوقود المؤقتة، وانتقلت إلى الانهيار الشامل في منظومة إدارة الخدمات العامة وتدهور التنسيق بين مؤسسات الدولة، فمع غياب الشفافية ووضوح المسؤوليات تتكرر الأزمات وتمتد في نمط دائري يجعل المواطن هو الضحية دائماً.

ويشير مراقبون إلى أن توقف محطات التوليد بشكل كامل لن يعني فقط انقطاع الكهرباء، بل يؤدي إلى الشلل التام في القطاعات الحيوية، مثل المستشفيات (بشكل يهدد حياة المرضى) والمياه والموانئ والمطارات وحتى الاتصالات، ما قد يقود إلى كارثة إنسانية حقيقية إذا لم يُتخذ تحرك عاجل.

توقيف ضخ النفط من “حقل (4)” بشبوة

بيان مؤسسة الكهرباء جاء بعد أن أعلن موظفو وعمال حقل (4) النفطي بشبوة عن توقيف العمل كلياً بسبب انقطاع رواتب الموظفين والعمال، ما أثر على وضعهم المعيشي ومتطلبات أسرهم.

وأكدت اللجنة النقابية بالحقل والترمنال بقطاع (4)، في بيان وصلت “بقش” نسخةٌ منه، على توقيف تفريغ القواطر في محطة الضخ (MOPS) القادمة من قطاع العقلة (S2) وأيضاً تحميل القواطر بالنفط الخام لمحطة الرئيس في عدن.

ويُقرأ هذا الإعلان -الناجم عن توقف صرف الرواتب- بأنه يضيف إلى كارثة الكهرباء في عدن أعباء جديدة بسبب إيقاف تحميل القواطر المحملة بالخام اللازم لمحطة بترومسيلة المركزية.

أزمة وقود أم إدارة؟

رغم أن السبب المعلن هو نفاد الوقود، إلا أن هناك رأياً آخر يربط الأزمة بسوء التخطيط والاعتماد المفرط على المِنح النفطية والمساعدات، دون وجود استراتيجية وطنية مستدامة للطاقة.

وأعلنت حكومة عدن، اليوم الأحد، عن توقيع اتفاقيتين مع “السعودية”، الأولى لدعم عجز موازنة الحكومة، والثانية لإمداد الحكومة بالمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، إضافةً إلى توقيع مذكرة تعاون لدعم وزارة الداخلية.

ويعلّق الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي على إعلان الحكومة عن اتفاقية إمداد السعودية لحكومة عدن بالمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل المحطات، بأنها اتفاقية توضح أن الحكومة لا تزال غير قادرة على تمويل أو تأمين الاحتياجات النفطية من الموارد الحكومية، رغم وجود مصادر إنتاج محلية في كلٍّ من شبوة وحضرموت، ما يعني أن هناك أزمة إدارة واضحة، وذلك يدفع للتساؤل حول إلى متى تظل الحكومة في موقع المتلقي للمساعدات.

ويضيف الحمادي في حديث لـ”بقش” أن استمرار الحكومة في الاعتماد على المنح النفطية يرسخ نموذج “الاقتصاد الريعي الخارجي”، حيث تتحول الخدمات الأساسية إلى رهينة للمساعدات، وذلك يجعل الاستقرار في عدن مشروطاً بتدفق الوقود من الخارج، وليس بقدرة داخلية على الإنتاج أو الإدارة.

أما المحلل الاقتصادي سليم مبارك، وهو مصرفي في عدن، فيقول إن من أبرز عوامل اختناق الكهرباء في عدن هو الاعتماد على وقود ثقيل ومكلف للغاية لتشغيل المحطات، بما في ذلك الديزل والخام الخفيف، في الوقت الذي لم تتبنَّ الحكومة حتى الآن استراتيجية مستدامة لتوليد الطاقة، سواء عبر الغاز أو الطاقة الشمسية أو استثمار حقول النفط المحلية بشكل مدروس وفعال.

ويشير مبارك إلى اتهام بعض المسؤولين بالتلاعب بملفات التوريد والعقود النفطية، الأمر الذي يجعل كل أزمة وقود تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية مختلفة، محذراً من أن استمرار الوضع على ما هو يُنذر بتفكك المنظومة الخدمية في عدن بالكامل، خصوصاً إذا لم تُعتمد حلول هيكلية تشمل ضخ الوقود من كافة المناطق بما في ذلك صافر والعقلة، وإعادة تأهيل المحطات القديمة.

ومع ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الأوضاع المعيشية، يزداد احتمال اندلاع احتجاجات شعبية واسعة في المدينة، خاصة مع تزايد الشعور بأن ما يحدث بمثابة عقاب جماعي لعدن، في حين يضع ملف أزمة الكهرباء السلطات أمام معادلة صعبة بين السيطرة على الشارع وضمان استمرار الحد الأدنى من الخدمات.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش