تقارير
أخر الأخبار

عشرات الملايين يعجزون عن الشراء ودفع الإيجار.. أطول إغلاق حكومي في تاريخ أمريكا يوقف أحد أهم البرامج المالية

تقارير | بقش

في أحدث تطورات الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ أمريكا، والممتد منذ 01 أكتوبر 2025، توقَّف اليوم السبت 01 نوفمبر، برنامج المساعدات الغذائية (SNAP) الذي يعتمد عليه أكثر من 41 مليون أمريكي ويوفر شهرياً 8 مليارات دولار، وهو ما سلط مخاوف كبيرة وعميقة لدى الأمريكيين من هذا التطور الخطير الناجم عن فشل الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس في الاتفاق على مشروع قانون لتمويل الخدمات الحكومية.

ويعتمد أكثر من 41 مليون أمريكي من ذوي الدخل المنخفض على برنامج المساعدة الغذائية “سناب”، بينما لم تتمكن معظم الولايات من تغطية تكلفة الاستحقاقات الغذائية لشهر نوفمبر 2025 بسبب القيود المالية والعوائق الفنية.

وقد أظهرت بيانات وزارة الزراعة الأمريكية أن خمس ولايات فقط (ديلاوير، نيو مكسيكو، لويزيانا، فيرجينيا وفيرمونت) إضافةً إلى مقاطعة كولومبيا، ستدفع جزءاً أو كل المساعدات وفق قراءة “بقش” لأحدث المعلومات التي نقلتها وكالة “رويترز”، بينما رفضت الولايات الأخرى أو لم توضح موقفها.

ويؤثر ذلك مباشرةً على المستفيدين الذين يعتمدون على مئات الدولارات من هذا البرنامج شهرياً، لإطعام الأسر وتسديد إيجارات السكن، ويؤكد المستفيدون أنهم لا يعرفون الآن كيف سيؤمّنون احتياجاتهم في ظل توقف التمويل.

ووفق متابعة بقش، تدخَّل القضاء الفيدرالي لمنع حجب استحقاقات SNAP لشهر نوفمبر، وأُلزمت الإدارة باستخدام حوالي 5 مليارات دولار من أموال الطوارئ لتغطية التكاليف، ما يوضح حجم الضغط المالي على الحكومة الفيدرالية والولايات، إلا أن استخدام أموال الطوارئ لا يزال أمراً غير مؤكد.

لذلك دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجلس الشيوخ إلى إلغاء قاعدة “التعطيل التشريعي” (Filibuster) لتمكين الأغلبية الجمهورية من تمرير تشريعات إنهاء الإغلاق دون الحاجة لدعم الديمقراطيين.

وللتغلب على هذه القاعدة يجب الحصول على 60 صوتاً في مجلس الشيوخ لإنهاء النقاش، في حين تمتلك الأغلبية الجمهورية 53 مقعداً فقط، مما يجعل دعم الديمقراطيين ضرورياً.

خسائر فادحة وجدل حزبي مستمر

ويستمر الجدل والتراشق بالاتهامات بين الجمهوريين والديمقراطيين مع مرور شهر كامل على الإغلاق الحكومي، إذ اتهمت وزارة الزراعة الأمريكية الديمقراطيين بتعطيل مشاريع التمويل، بينما انتقد الديمقراطيون الإدارة الأمريكية لعدم استخدام أموال الطوارئ لتغطية استحقاقات نوفمبر، في تبايُنٍ سياسي عَكَس الصراعات الداخلية في إدارة الموارد المالية والخدمات الحكومية.

كما يعكس الإغلاق الحكومي اضطراباً عميقاً في النظام المالي الأمريكي، خاصة مع تفاقم الديون الفيدرالية (أكثر من 37 تريليون دولار) والعجز في الموازنة.

ووفق رئيس مجلس النواب “مايك جونسون” (جمهوري)، فإن “هناك أشخاصاً وعائلات حقيقية وبينهم أطفال سيعانون الجوع”، متهماً المعارضة المتمثلة في الحزب الديمقراطي “بمواصلة ألاعيبها السياسية في واشنطن”.

هذا ورفعت 25 ولاية أمريكية ومعها العاصمة واشنطن دعوى قضائية على إدارة ترامب على خلفية وقف تمويل برنامج المساعدة الغذائية.

وحسب مكتب الميزانية في الكونغرس، يمكن أن يكلف الإغلاق الاقتصاد الأمريكي نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من العام، مع تقديرات بخسائر تتراوح بين 7 و14 مليار دولار أسبوعياً وفق قراءة بقش نتيجة توقف برامج الإعانات الغذائية وتأخر صرف رواتب الموظفين الفيدراليين.

تكاليف جديدة للتأمين الصحي

مع انتهاء الدعم الحكومي لبرنامج “أوباما كير” الفيدرالي في نهاية العام، من المرجح أن يُعلن قريباً عن تكاليف التأمين الصحي الجديدة لأكثر من 24 مليون أمريكي تشملهم التغطية الصحية في هذا البرنامج.

وتمثّل مسألة الدعم لبرنامج “أوباما كير” محور المواجهة في الكونجرس بين الجمهوريين والديمقراطيين الذين لم يتوصلوا إلى الاتفاق على موازنة جديدة.

ويقترح الحزب الجمهوري تمديد الميزانية الحالية، كما يسعى الديمقراطيون إلى تمديد دعم برامج تأمين صحي للأسر ذات الدخل المنخفض، ورغم أن الجمهوريين يتمتعون بالغالبية في مجلس الشيوخ، إلا أن إنهاء الإغلاق الحكومي وإقرار الموازنة يتطلبان الحصول على بعض الأصوات من الديمقراطيين.

ضربة هائلة لقطاع الطيران الأمريكي

شهدت مطارات كبرى مثل لوس أنجلوس، ريجان في واشنطن، أوهير في شيكاغو، ونيويورك الثلاثة، ومطار بوسطن، تأخيرات وإلغاءات بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية وموظفي إدارة أمن النقل الذين يعملون دون أجر.

نائب الرئيس الأمريكي “جي دي فانس” قال إن هناك قلقاً من توقف بعض الموظفين احتجاجاً على عدم تلقي رواتبهم، ما قد يؤدي إلى “كارثة” في النظام الجوي الأمريكي.

ويعمل نحو 700 ألف موظف فيدرالي “أساسي” دون أجر، بينهم 13 ألف مراقب حركة جوية و50 ألف مسؤول أمن النقل.

وحذّر وزير النقل “شون دافي” من أن نقص حوالي 3 آلاف مراقب جوية عن العدد المطلوب يجعل النظام الجوي “هشاً”، وتوقّع شون المزيد من التأخيرات في الأيام المقبلة حسب اطلاع بقش على رويترز.

وتشير التقديرات المنشورة إلى أن توقف الرحلات والإجراءات الوقائية التي اتخذتها شركات الطيران لتقليل المخاطر يمكن أن تؤدي إلى خسائر إضافية في الإيرادات مع استمرار الإغلاق، خاصةً إذا تصاعدت نسبة الإلغاءات وتأخيرات الرحلات.

وهذه الأزمة تُضاف إلى أزمات الحياة اليومية للمواطنين الأمريكيين المتمثلة في تأخير صرف الرواتب، وتوقف برامج الإعانات الغذائية، وزيادة الضغوط على الأسر ذات الدخل المحدود، مما يعكس هشاشة شبكة الحماية الاجتماعية في مواجهة الإغلاق السياسي الأطول.

ولعل الإغلاق الحكومي الأمريكي هذا العام أصبح مثالاً على كيفية تصاعد الأزمات السياسية إلى أزمات اجتماعية واقتصادية ملموسة، تؤثر على ملايين المواطنين والقطاعات الحيوية مثل الغذاء والطيران، ويكشف أيضاً عن هشاشة التمويل الفيدرالي وتعقيد العمليات التشغيلية في الولايات الأمريكية، إلى جانب تداعيات سياسية واقتصادية طويلة الأمد على الاستقرار المالي والاجتماعي.

هذا ولحق الضرر بنحو 1.9 مليون موظف مدني فيدرالي باتوا معطلين مؤقتاً أو يعملون بدون أجر، ويعيش 80% منهم في منطقة واشنطن، ويؤدي تعليق عمل الموظفين الاتحاديين إلى تكلفة يومية قدرها 400 مليون دولار.

زر الذهاب إلى الأعلى