
تقارير | بقش
في تصعيد أمريكي جديد ضد حكومة صنعاء، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عما وصفها “أكبر إجراء عقوبات تتخذه الوزارة حتى الآن ضد أنصار الله”، وهي إجراءات أمريكية ضمن نطاق وحدود الولايات المتحدة، تستهدف 32 فرداً وكياناً وأربع سفن ضمن شبكات مالية وتجارية ولوجستية مرتبطة بهم في اليمن والصين والإمارات وجزر مارشال.
وفق اطلاع “بقش” على بيان الخزانة الجديد، قالت الوزارة الأمريكية إن هذه الشبكات تمثل الدورة الكاملة لعمليات الحوثيين غير المشروعة من جمع الأموال والتهريب وغسل الأموال إلى شراء الأسلحة، وتشمل شركات وأفراداً أساسيين يدعمون الجماعة مالياً ولوجستياً وعسكرياً.
وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون ك. هيرلي، اعتبر أن الحوثيين “يواصلون تهديد الأفراد والأصول الأمريكية في البحر الأحمر، ومهاجمة حلفاء واشنطن في المنطقة، وتقويض الأمن البحري الدولي بالتنسيق مع النظام الإيراني”. وأضاف: “سنواصل ممارسة أقصى درجات الضغط على من يهددون أمن الولايات المتحدة والمنطقة”.
شخصيات وشركات وكيانات.. من هم المستهدفون؟
اتُّهم المستهدفون بالعقوبات الجديدة بتمويل الحوثيين بمكونات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة التي تُستخدم لمهاجمة القوات الأمريكية وحلفائها، فضلاً عن الشحن التجاري في “البحر الأحمر”، وهي الهجمات التي تعتبرها واشنطن مهددة للاقتصاد الأمريكي والتجارة العالمية والاستقرار في الشرق الأوسط.
بموجب العقوبات -وفق قراءة بقش لتقرير الخزانة الأمريكية- تم إدراج كل من: عبدالله الشاعر، صالح دبيش، إبراهيم محسن السويدي، خالد محمد خليل، محمد أحمد الدولة، شركة شبام القابضة، شركة يمن مدرع، شركة كمران للصناعة والاستثمار.
اتهمت الوزارة المعاقبين بالاستيلاء على أصول الدولة والقطاع الخاص، وتعيين شخصيات موالية لهم لإدارة هذه الممتلكات، ما ولّد مئات الملايين من الدولارات لصالح الجماعة.
وأول المعاقبين اليوم هو “عبدالله مسفر الشاعر”، لقيادته مجلس إدارة الشركة القابضة العامة للعقارات والاستثمار (شبام القابضة)، وكذلك شركة “يمن مدرع” للأمن الخاص. وقد وُجّهت أرباح هذه الشركات مباشرة لتمويل الأنشطة العسكرية للحوثيين. وقال التقرير إن الشاعر عوقب بصفته “الوصي القضائي” الذي أشرف على الاستحواذ على أصول عامة وخاصة تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار. ولاحقاً، تم تعيين “صالح دبيش” بديلاً عنه في هذا المنصب.
وتمت السيطرة على الشركات اليمنية وعلى رأسها “شركة شبام القابضة”، وأصولها تُقدر بـ500 مليون دولار، وتُستخدم لغسل الأموال وتمويل الجماعة عبر استثمارات في العقارات والصرافة والاتصالات. ويدير عملياتها “خالد محمد خليل”، رئيس الدائرة الاقتصادية في جهاز الأمن والمخابرات بصنعاء. وشارك أيضاً “إبراهيم محسن السويدي” في غسل الأموال عبر الشركة.
وفي العقوبات أُدرجت “شركة كمران للصناعة والاستثمار”، بتهمة تقديم ملايين الدولارات لتمويل الجماعة، ويديرها محمد الدولة.
شبكات تهريب النفط
اتهمت الخزانة الأمريكية الحوثيين بتحقيق إيرادات ضخمة من استيراد النفط عبر شبكات تهريب، وأشارت إلى أنه تم إدراج رئيس وفد صنعاء المفاوض والناطق الرسمي “محمد عبدالسلام” (أُدرج في مارس 2025): يُشرف على شبكة بقيمة “مليار دولار” من الشركات التي تستورد النفط الإيراني.
وكذلك “زيد علي يحيى الشرفي”: يُدير شركات نفطية عديدة أبرزها “سام للنفط”، “آزال”، ويمتلك “سلم رود للتجارة” و”أويل برايمر”.
و”صدام أحمد محمد الفقيه”: يمتلك شركات “الفقيه الدولية للتجارة والاستيراد”، “سام أويل”، و”رويال بلس”.
وتم إدراج الشرفي والفقيه مع شركاتهم المرتبطة بموجب الأمر التنفيذي 13224.
سفن الشحن البحري
من خلال شركات واجهة ووسطاء شحن خارج اليمن، سهل الحوثيون تفريغ منتجات بترولية في ميناء رأس عيسى وتهريب القمح الأوكراني، حسب قراءة بقش للتقرير، وتم إدراج عدد من الكيانات والأشخاص بهذا الخصوص.
شركة “تايبا” لإدارة السفن DMCC (الإمارات)، المملوكة لـ”محمد السنيدر” (أُدرج في يوليو 2025)، بالتنسيق مع “أركان مارس بتروليوم DMCC”. وتدير تايبا ناقلات فنّدها “بقش” كالآتي:
- ستار إم إم (STAR MM) – (بربادوس).
- نوبل إم (NOBEL M) – (أنتيغوا وبربودا).
- بلاك روك (BLACK ROCK) – (بنما).
- و(SHRIA) – (أنتيغوا وبربودا).
كما يملك السنيدار شركتي MT Tevel Inc (مالك NOBEL M) وStar MM Inc (مالكة STAR MM وSHRIA)، وكلها أُدرجت في العقوبات.
الموردون الدوليون
اتهمت الوزارة شركات صينية بتزويد الحوثيين بمواد ثنائية الاستخدام وكيماويات لتصنيع الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهي حسب اطلاع بقش:
- شركة هوبي تشيكا الصناعية المحدودة.
- شركة شنجن شينغنان للتجارة المحدودة.
- شركة شانشي شوتونغ للاستيراد والتصدير والتجارة المحدودة (بإدارة يينغ لي).
- شركة شاندونغ مينغمينغ (تابعة لشانشي شوتونغ).
جميع هذه الشركات تم إدراجها في العقوبات لدورها في تزويد الحوثيين بمواد عسكرية.
كما أن هناك عدة جهات تُستخدم كواجهة للمشتريات، وهي:
- شركة ييوو وان شون التجارية المحدودة (الصين): نفذت منذ 2021 عمليات شراء واسعة لمكونات الطائرات المسيّرة.
- معهد ارتقاء للتطوير والتأهيل الفني (صنعاء): يستخدمه الحوثيون لتجربة وتصنيع طائرات مسيّرة وأنظمة أسلحة جديدة.
وثمة ثلاث شركات تعمل كوسطاء الشحن للمكونات العسكرية، وتم إدراجها في العقوبات مع مالكيها، وهم:
- شركة قوانغتشو ياكاي للشحن الدولي المحدودة (الصين): سهلت شحنات أسلحة ومكونات عسكرية.
- شركة قوانغتشو نهاري للتجارة المحدودة (الصين): يمتلكها اليمنيان المقيمان في الصين محمد عبد الواسع هائل النهاري وهشام النهاري.
- شركة الحمادي للتجارة والشحن والتخليص المحدودة (الصين): مملوكة لنصر حسين الحمادي، وتُسهل شراء المكونات العسكرية.
الخزانة الأمريكية قالت إن هذه العقوبات تأتي في إطار حملة متصاعدة لإضعاف القدرات المالية والعسكرية للحوثيين، وقطع شبكات تمويلهم الممتدة عالمياً، ابتداءً من النفط وغسل الأموال، وصولًا إلى شركات الشحن والموردين في الصين والإمارات وجزر مارشال.
وذكرت أن عائدات الأنشطة غير المشروعة للحوثيين تُستخدم في سلسلة توريد عالمية للأسلحة تهدد الأمن الإقليمي والدولي، وتستهدف المدنيين والملاحة الدولية، وأن واشنطن ستواصل الضغط حتى وقف هذه الأنشطة.
آثار العقوبات
هذه العقوبات حصرية على حدود الولايات المتحدة فقط، ويترتب على العقوبات تجميد ممتلكات ومصالح الأشخاص المدرجين أو المحظورين المذكورين أعلاه، والموجودة في أمريكا أو في حيازة أو سيطرة أشخاص أمريكيين، ويجب الإبلاغ عنها إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC).
كما تُجمّد أي كيانات مملوكة، بشكل مباشر أو غير مباشر، فردياً أو مجتمعةً، بنسبة 50% أو أكثر لشخص محظور واحد أو أكثر، ما لم يُصرّح بذلك بموجب ترخيص عام أو خاص صادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، أو مُستثنى منه، فإن لوائح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية تحظر عموماً جميع المعاملات التي يقوم بها أشخاص أمريكيون أو داخل الولايات المتحدة (أو عابرة لها)، والتي تنطوي على أي ممتلكات أو مصالح في ممتلكات أشخاص محظورين.
هذا واتُّخذ الإجراء الأمريكي بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 الخاص بمكافحة الإرهاب، ويأتي امتداداً لسلسلة عقوبات سابقة تتبَّعها بقش في أعوام 2024 و2025. وقد صنفت وزارة الخارجية الأمريكية أنصار الله الحوثيين كمنظمة إرهابية عالمية في فبراير 2024، ثم كمنظمة إرهابية أجنبية في مارس 2025، وهي التصنيفات التي قابلتها حكومة صنعاء بالتقليل منها ومن تأثيراتها، مؤكدةً على مواصلتها في عملياتها العسكرية المناصرة لقطاع غزة الذي يواجه حرب إبادة جماعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي بدعم غير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية.