
تجري شركات عالمية كبرى حملة فصلٍ شاملة لموظفيها، تشمل شركات تقنية ونفطية ومالية وصناعية وحتى إعلامية، مما يثير القلق بشأن “المستقبل الوظيفي” للملايين الذين بات “الذكاء الاصطناعي” يهددهم بشكل فعلي، بسبب تبني الشركات والحكومات سياسة تطوير الذكاء الاصطناعي، في ما يشبه حملة إبادة وظيفية تجاه البشر.
ووفق بيانات اطلع عليها “بقش” للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن 41% من الشركات العالمية تتوقع تقليل عدد موظفيها بشكل بالغ خلال السنوات الخمس المقبلة، بسبب توسع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
أبرز الشركات
ربما يطول إحصاء الشركات التي تتخلى عن موظفيها بغض النظر عن سنوات خدمتهم وخبراتهم التي قد تكون سنوات طويلة وممتدة لدى الشركات. ويُنظر إلى ذلك بأنه يفرض سياسة تعسفية لا تأخذ بعين الاعتبار التداعيات الاقتصادية التي يفرضها فصل الموظفين مستقبلاً.
من هذه الشركات التي راجع بقش بياناتها وتصريحاتها، شركة ميتا (Meta) المالكة لفيسبوك، التي أمر مديرها مارك زوكربيرغ في يناير بتخفيض 5% من القوى العاملة اعتماداً على الأداء، وقد بدأت التأثيرات في أقسام “فيسبوك” و”هورايزون” وغيرهما، ويضاف ذلك إلى حملة تسريح للموظفين في “ميتا” بواقع 21 ألف موظف منذ عام 2022.
كذلك الشركة الأمريكية “مايكروتشيب تكنولوجي” (Microchip Technology) المصنعة لأشباه الموصلات، فهي بصدد تقليص 2000 وظيفة، وتتوقع تكاليف فصلٍ تتراوح بين 30 و40 مليون دولار، وسط تراجع الطلب.
مايكروسوفت (Microsoft) أيضاً باشرت بفصل عدد غير معلن من الموظفين في يناير الماضي، وطالت التسريحات فِرَقاً في المبيعات، دون أرقام دقيقة.
كما ستتخلى شركة “سترايب” (Stripe) الأمريكية للخدمات المالية عن 300 موظف معظمهم من الأقسام الهندسية والعمليات.
وتنوي شركة “شيفرون” النفطية الأمريكية التخلي عن 15% إلى 20% من قوتها العالمية البالغة 45,600 موظف، بحلول نهاية 2026، لتكتفي بـ9 آلاف وظيفة فقط، لتوفير ما بين 2 و3 مليارات دولار بنهاية ذلك العام. إضافة إلى شركة “بي. بي” البريطانية النفطية التي قالت في يناير إنها ستفصل 4,700 موظف و3 آلاف مقاول، ما يعادل 5% من قوتها العالمية.
وأبلغت شركة “بلاك روك” الأمريكية -وهي أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم- الموظفين بأنها ستفصل 200 موظف من أصل 21 ألف موظف.
كما قالت شركة ألاي (Ally) للخدمات المالية الرقمية (ومقرها ولاية يوتا الأمريكية) إنها ستفصل 500 موظف من أصل 11 ألفاً. وتعتزم شركة “أديداس” الألمانية فصلَ نفس العدد.
وفي مارس الجاري أعلنت شركة “إتش بي إي” (HPE) المتخصصة في الحوسبة، عن فصل متوقع لـ2500 موظف، أي 5% من قوتها العاملة، لتوفير 350 مليون دولار بحلول 2027. وفي فبراير الماضي، قالت شركة “وورك داي” (Workday) الأمريكية المتخصصة في الإدارة المالية، إنها ستفصل 8.5% من موظفيها (1,750 وظيفة)، حرصاً على “تعزيز اعتماد الذكاء الاصطناعي”.
ولم يستثنِ الذكاء الاصطناعي العاملين في الإعلام، مثل صحيفة واشنطن بوست التي قالت إنها ستستغني عن 4% من موظفيها خارج غرف الأخبار.
لا عزاء للموظفين
هذه القرارات تأتي ضمن مشهد تقني يتطور بوتيرة عالية، ويثير قلق أسواق العمل، فالاقتصاديون يحذرون من تأثيرات الفصل الجماعي على العمالة التقليدية وتزايُد عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
وبينما يتم تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا يتم إيلاء الاهتمام بحماية العاملين في عصر الذكاء، ولا تُقدَّم دراسات جادة حول التأثيرات المدمرة على العمل والمهن والوظائف. أو أية مقترحات من قَبيل التوفيق بين الأداء البشري والذكاء الاصطناعي.
وتخفّض الأتمتةُ الطلبَ على الأشخاص الذين يتحلون بكفاءات ومهارات عالية، وسط مخاوف من تأثير ذلك على الإنتاجية ذاتها.
وفي المقابل، يرى فريق آخر أن للذكاء الاصطناعي دوراً محتملاً في تحسين الأداء، بما يحمله من قدرات على تحليل البيانات واستخلاص النتائج بدقة وسرعة، بل يذهب البعض إلى القول بأن الذكاء الاصطناعي يساهم في تحسين وتطوير الموظفين أنفسهم، من حيث تطوير مهاراتهم وقدراتهم على الابتكار وتعزيز الأعمال.
وبين هذا وذاك، يبقى الذكاء الاصطناعي محط توتُّر الموظفين قبل أي أحد، خاصة وسط البيانات التي تؤكد تأثير الذكاء الاصطناعي على أكثر من 40% من الوظائف حول العالم.