الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

فساد “صندوق الترويج السياحي” وقطاع الإعلام.. وزير الإعلام بحكومة عدن يبرر والنشطاء يردون

الاقتصاد اليمني | بقش

تتسع دائرة الفساد الإداري والمالي في أوساط حكومة عدن، مع تفاقم العجز عن إدارة موارد الدولة وصرف مرتبات الموظفين وتقديم الخدمات الأساسية، وأخيراً وُجّهت انتقادات لاذعة للحكومة بسبب فساد وزارة الإعلام والسياحة والثقافة التي يتولاها معمر الإرياني.

إذ يواجه الإرياني تهم فساد وعبث بملايين الدولارات من صندوق الترويج السياحي، وكذلك ميزانية 20 مليار ريال لصحيفة الثورة الإلكترونية، لكن الإرياني حاول إرجاع الحملة التي شُنت ضده إلى أن من يقف وراءها هم الحوثيون.

لكن من يقودون الحملة، وهم ناشطون من أبناء المحافظات الجنوبية، أكدوا زيف ادعاء الإرياني، وقالوا إن الوزير يتقاضى عشرات آلاف الدولارات شهرياً من شركة طيران اليمنية، ويُفرض على كل تذكرة 10 دولارات باسم “صندوق الترويج السياحي”، وهو صندوق غير مفعل بالأساس.

ويقوم الإرياني بسحب المبالغ مباشرة دون رقابة وفق المعلومات التي رصدها “بقش” لدى الناشطين، إلى جانب استحواذه على مليار ريال يمني تم تحويلها كميزانية لصحيفة الثورة الإلكترونية التي يديرها الصحفي سام الغباري.

ومن جانب آخر يهدد موظفو قناة اليمن التابعة لحكومة عدن بالاستقالة نتيجة استحواذ الوزير على رواتبهم الشهرية، رغم صرف ملايين الدولارات باسم القناة.

انفلات مخجل

ناشطون تناولوا ملف فساد وزارة الإعلام، مثل الصحفي ماجد الداعري رئيس تحرير صحيفة مراقبون برس، الذي انتقد قيام صفحة رئاسة مجلس الوزراء بنشر تصريح للإرياني وصفه الداعري بـ”التهريجي” للدفاع عن الوزير ومحاولة تبرير أفعاله، محاولاً “تصوير الحوثيين بالوقوف خلف حملات تعرية عبثه بملايين الدولارات من صندوق الترويج السياحي وميزانية صحيفة الثورة الافتراضية”.

ورأى الداعري، وفق منشور اطلع عليه بقش، أن هذا السلوك يمثل “انفلاتاً مخجلاً” لإدارة إعلام مجلس الوزراء، ويكشف “انفصال رئيس الوزراء عن الواقع تماماً”، رغم علمه المسبق بفساد صندوق الترويج السياحي منذ أن كان سالم بن بريك وزيراً للمالية، حين أوقف عمليات الصرف منه أكثر من مرة وطالب الإرياني مراراً بتصفية المبالغ وإرسال الوثائق الخاصة بأولويات الصرف، دون أي تجاوب من الإرياني حتى اليوم.

وأضاف الداعري: “هذا يعني أن تمكن الإرياني من محاولة تطهير نفسه، عبر الوصول إلى نشر تصريحه بالإعلام الرسمي وصفحة مجلس الوزراء على وجه الخصوص، والتلاعب بحقيقة ما نشر حول فضائح الصندوق وميزانية الـ20 مليار ريال لصحيفة الثورة الإلكترونية، على حساب تحميل الحوثيين، كذباً وزوراً وبهتاناً، مسؤولية إخراجها للرأي العام، معتقداً أن ذلك قد يخفف من حدة الحقائق الموثقة المنشورة حول بعض شذرات فضائح فساده بالصندوق، وأما ما خفي من فساد الوزارات الثلاث التي يجمع بينها، وصناديقها، فذلك أمر يشيب منه الولدان” على حد تعبيره.

وأشار إلى أن هذه الفئة من المسؤولين تمثل “أكثر النماذج وقاحة في الكذب”، إذ تحاول تبرئة نفسها إعلامياً بينما تغرق في فضائح نهب المال العام “بمختلف الوسائل والأساليب المخجلة”.

وتعكس هذه التناولات حجم الفشل البنيوي الذي وصلت إليه الحكومة، وتفشي الفساد في مفاصلها، بما فيها وزارة الإعلام، فما يوصف بـ”العبث” يأتي في وقت يعاني فيه موظفو الإعلام الرسمي التابع لحكومة عدن من انقطاع رواتبهم منذ قرابة ثمانية أشهر وفق متابعات بقش، بينما يركز الوزير الإرياني في مختلف بياناته على تحميل الحوثيين مسؤولية كل شيء، مع تجاهل حالة الفساد المالي والإداري التي يؤكدها ناشطو الحكومة.

عجز حكومي شامل وفقدان للمسؤولية الوطنية

يحدث ذلك بينما يتهم ناشطون واقتصاديون حكومة عدن والمجلس الرئاسي بالعجز عن استعادة موارد الدولة وتدبير السيولة لصرف الرواتب، ويدعون إلى تقديم استقالات جماعية للمسؤولين.

ويُنظر إلى أن تهرب الحكومة من مسؤولياتها تجاه الموظفين والمواطنين لا يمكن تبريره، وأن عدم صرف الرواتب وتحسين الأجور وتدهور الخدمات يمثل خيانة للواجب الوطني الأساسي، حسب تعبير الداعري، في وقت يعيش فيه الشعب مسحوقاً بكل الأزمات والمعاناة.

وما يتم تناوله حالياً من ملفات فساد تشمل القطاع الإعلامي، يؤكد الوصول إلى مرحلة الشلل الإداري والمالي الكامل، في ظل غياب الشفافية والمساءلة، وتوسع دائرة الفساد حتى داخل المؤسسات الإعلامية الرسمية.

ويعلق الاقتصادي في عدن، سليم مبارك، في حديث لـ”بقش”، بقوله إن الوزارات تحولت إلى إقطاعيات شخصية، والصناديق العامة أصبحت مصدراً للثراء غير المشروع بدلاً من تمويل التنمية، فيما يعاني الموظفون من الجوع وانقطاع الرواتب منذ أشهر.

ويرى مبارك أن نشر تصريحات دفاعية لوزير متهم بالفساد في المنصات الرسمية لرئاسة الوزراء لا يعكس فقط خللاً مهنياً، بل تكريساً مؤسسياً للفساد وتواطؤاً على حساب المصلحة العامة.

ويشير إلى أن استمرار الحكومة في تبرير عجزها المالي والاقتصادي، دون تقديم أي حلول عملية، يوحي بانعدام الحس الوطني والمسؤولية السياسية، داعياً رئيس الوزراء سالم بن بريك إلى النظر في ملف الفساد الخاص بالوزير الإرياني والأزمات المالية المتفاقمة وسط القطاع الإعلامي.

هذا وبينما تغيب المساءلة والرقابة الفعلية، تتعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ويتآكل ما تبقى من ثقة المواطنين، وهو ما يفرض حلحلة كافة ملفات الفساد المرتبطة بالأداء الحكومي والموازنات والأوضاع المالية، في سياق الحديث الحكومي عن خطة الإصلاحات الاقتصادية.

زر الذهاب إلى الأعلى