الاقتصاد العالميمنوعات
أخر الأخبار

فضيحة رقمية تهز الأرجنتين: الرئيس متورط في عملية احتيال بقيمة 4.4 مليار دولار بعملة رقمية

في تطور مزلزل للأسواق الرقمية، وجد الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي – الذي يُعرف بخطته الصارمة لإنقاذ اقتصاد بلاده من التضخم – نفسه في قلب فضيحة مالية كبرى تتعلق بعملة رقمية وهمية تُدعى $LIBRA، تسببت في خسائر فادحة بلغت 4.4 مليار دولار لمستثمرين صغار خلال ساعات قليلة.

هذه الحادثة، التي تُعتبر أكبر عملية احتيال في تاريخ “عملات الميم” (Meme Coins)، أثارت تساؤلات حول دور ميلي في الترويج للمشروع، وتركت آلاف الأسر الأرجنتينية في حالة صدمة بعد فقدان مدخراتهم.

بداية الفضيحة: تغريدة تحولت إلى كابوس مالي

في ليلة مصيرية، نشر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي عبر حسابه على منصة إكس (X) إعلانًا عن إطلاق عملة رقمية جديدة تُسمى $LIBRA، واصفاً إياها بأنها “مشروع وطني يهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأرجنتيني” وفق إطلاع بقش على التغريدة.

وعلى الرغم من التشكيك الأولي في صحة المنشور، أسرع عدد من السياسيين الأرجنتينيين لتأكيد المبادرة، مما دفع آلاف المتداولين الصغار إلى ضخ أموالهم في العملة الجديدة.

خلال دقائق، قفزت القيمة السوقية لعملة $LIBRA إلى 4.6 مليار دولار، حيث وصل سعر العملة إلى 4.6 دولار، وهو أعلى مستوى لها، لكن هذه القفزة كانت مجرد فقاعة مالية سرعان ما انفجرت، تاركة وراءها دماراً مالياً واسع النطاق.

كشفت تحليلات منصات متخصصة مثل Bubblemaps أن العملة الرقمية $LIBRA كانت مجرد فخ سيولة مُعدّ مسبقاً، فالعملة، التي لم تكن تمتلك أي ورقة بيضاء أو نموذج اقتصادي واضح، اعتمدت على موقع إلكتروني بسيط تم تصميمه قبل ساعات فقط من الإطلاق، وقد تضمن الموقع عبارات فضفاضة مثل “هذه العملة لتمويل المشاريع الصغيرة وتعزيز الاقتصاد الأرجنتيني”، لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً.

كشفت البيانات أن 82% من العرض الكلي للعملة كان متمركزاً في مجموعة واحدة من المحافظ المجهولة، مما مكّن “المُطلعين” من سحب 87.4 مليون دولار قبل أن يبدأ الانهيار، وبحلول الساعة 10:40 مساءً بالتوقيت العالمي، كانت القيمة السوقية للعملة قد انخفضت إلى أقل من 600,000 دولار، مما يعني أن 4.59 مليار دولار قد تبخرت في غضون ساعات.

رد فعل الرئيس الأرجنتيني: الإنكار والهجوم

بعد تصاعد الضغوط، قام ميلي بحذف التغريدة التي أعلن فيها عن إطلاق العملة، ونفى أي علاقة له بالمشروع في منشور لاحق على منصة “إكس”. قال ميلي باللغة الإسبانية: “قبل بضع ساعات، نشرت تغريدة، كما فعلت مرات عديدة من قبل، لدعم مشروع خاص مزعوم والذي بالطبع ليس لدي أي علاقة به على الإطلاق. لم أكن على علم بتفاصيل المشروع، وبعد أن أصبحت على علم به، قررت عدم الاستمرار في الترويج له (ولهذا السبب قمت بحذف التغريدة).

مضيفاً: “إلى جرذان الطبقة السياسية القذرة الذين يرغبون في استغلال هذا الموقف لإلحاق الأذى، أريد أن أقول أنهم يؤكدون كل يوم مدى دناءة السياسيين، ويزيدون من قناعتنا بركلهم في المؤخرة”.

لكن تصريحات ميلي لم تُقنع كثيرين، خاصة في ظل سجله المتناقض؛ فبينما يتباهى بخفض التضخم عبر إجراءات تقشفية قاسية، يبدو أن “تقشف الجماهير” وصل إلى سرقة مدخراتهم عبر مشاريع وهمية.

تداعيات كارثية: ثقة المستثمرين تهتز

لم تقتصر الخسائر على عملة $LIBRA، بل امتدت لتهز سوق “عملات الميم” ككل، فعملة TRUMP، التي تحمل اسم الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، خسرت 500 مليون دولار من قيمتها السوقية بين عشية وضحاها، كما خسر سوق عملات الميم بأكمله أكثر من 6 مليارات دولار في أعقاب الفضيحة.

قبل الانهيار، كانت أكثر من 50,000 محفظة رقمية تحتوي على عملة $LIBRA، معظمها أصبحت الآن عديمة القيمة، وهذه الخسائر الفادحة تركت آلاف الأسر الأرجنتينية في حالة صدمة، خاصة في بلد يعاني من تضخم تاريخي واقتصاد هش.

ورغم إنكار ميلي أي علاقة له بالمشروع، تُثير الفضيحة أسئلة محرجة حول دوره في الترويج للعملة الوهمية، مثل:

  • كيف تُطلق “عملة وطنية” دون آلية واضحة أو حماية للمستثمرين؟
  • هل تم استخدام النفوذ السياسي لخلق ثقة زائفة في مشروع احتيالي؟
  • ما مصير آلاف الأسر الأرجنتينية التي فقدت مدخراتها في ساعات؟

الفضيحة ليست مجرد صدمة للمتداولين، بل ضربة لمصداقية العملات الرقمية كأداة تنموية، وتعريض لثقافة الاستثمار السريع في عالمٍ تتحكم فيه “حيتان” مجهولة بمصائر الأموال.

وفي الأرجنتين – حيث يعاني المواطنون من تضخم تاريخي واقتصاد هش – قد تكون هذه الحادثة القشة التي تُعيد تعريف الثقة بين الحاكم والمحكوم.

في الوقت الذي يحاول فيه ميلي إنقاذ سمعته، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: من يقف وراء هذه العملية؟ وهل ستكون هذه الفضيحة بداية النهاية لـ”عملات الميم” السياسية؟ أم أنها مجرد فصل جديد في قصة الفساد المالي الذي يطال حتى أكثر القطاعات ابتكارًا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى