
شددت كندا لهجتها بشكل هجومي غير مسبوق ضد الولايات المتحدة الأمريكية، إلى حد التأكيد على أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” يريد “كسر” كندا وتمزيقها سعياً لامتلاكها، وهو ما ترفضه أوتاوا بردود حادة.
رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، قال إن الرسوم الجمركية غير المبررة وإجراءات ترامب التجارية تُسبب “أخطر أزمة في حياتنا”، ودعا إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في 28 أبريل المقبل (بدلاً من 20 أكتوبر 2025) وفق متابعات بقش، مطالباً الكنديين بتفويض قوي لمواجهة ترامب.
وأكد كارني -الذي أدى اليمين في 15 مارس الجاري- أن ترامب يريد تقويض الاقتصاد الكندي، مشدداً: “لقد وضع رسوم جمركية غير مبررة على منتجاتنا، الأمريكيون يريدون بلدنا ولا يمكننا السماح لترامب بالانتصار”.
هذه التصريحات تأتي في الوقت الذي تواجه فيه كندا توترات متزايدة مع جارتها الولايات المتحدة، وتعكس مخاوف الكنديين من السياسات الاقتصادية لترامب التي تشمل فرض رسوم جمركية على المنتجات الكندية، بما فيها الرسوم الشاملة بـ25% على الصلب والألمنيوم (بعد أن كانت 50% قبل أن يتراجع ترامب عن مضاعفتها قبل أسبوع) وتلك الرسوم الإضافية التي يهدد ترامب بفرضها في 02 أبريل المقبل.
الخارجية الكندية: نفوذنا قوي
كندا التي يعتبرها ترامب الولاية الأمريكية الحادية والخمسين ويحاول إلى ضمها بشتى سبل الضغط، أكدت أيضاً على قوة شراكتها الاقتصادية مع أمريكا بشكل يجعل كندا صاحبة نفوذ قوي في النزاع.
وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، قالت في تصريحات تابعها بقش، إن كندا قادرة على الفوز في هذه المواجهة التجارية مع أمريكا، وأشارت إلى أنّ كندا تُعتبر أكبر شريك تجاري لواشنطن، حيث تشتري من الولايات المتحدة أكثر مما تشتريه الصين و اليابان و بريطانيا و فرنسا مجتمعة.
أكدت جولي أيضاً على الترابط الوثيق بين الاقتصادين الأمريكي والكندي، معتبرةً ذلك يمنح يمنح كندا “نفوذاً قوياً” في هذا النزاع، وقالت: “الأمريكيون أنفسهم قد يكونون مفتاح الحل عبر الضغط على مشرّعيهم لإنهاء الحرب التجارية” بسبب تأثير الرسوم على الوظائف في كلا البلدين.
ويوم الجمعة 21 مارس، جدّد ترامب تصريحاته بأنه يصرّ على ضم كندا إلى الولايات المتحدة لتكون الولاية رقم 51، واعتبر أن “الحدود مع كندا خط مصطنع”، لكنه قال إن أمريكا ليست بحاجة إلى منتجات كندا “فدعمها يكلفنا 200 مليار دولار سنوياً”، وأضاف: “كندا استغلت بلدنا لمدة طويلة، وفرضت علينا رسوماً جمركية باهظة”.
مخاوف من الركود.. ماذا عن موقف الاقتصاد؟
يأتي تشديد التصريحات الكندية الهجومية في الوقت الذي يواجه فيه اقتصاد كندا اضطرابات متوالية منذ عودة ترامب إلى الرئاسة في يناير 2025، إذ تراجعت الثقة الاقتصادية في كندا بسبب التداعيات المحتملة للرسوم الجمركية على الكنديين، وهو ما أثار مخاوف من دخول الاقتصاد الكندي في حالة ركود.
وحسب مراجعات بقش لأحدث البيانات، فإن الصادرات الكندية تمثل قرابة 14% من إجمالي الواردات الأمريكية، لكن في الوقت نفسه تمثّل نحو 78% من صادرات كندا، وهو ما قد يشكل ضربة للاقتصاد الكندي المعتمد بشدة على الاقتصاد الأمريكي في تحريك العجلة التجارية.
وإضافة إلى ذلك، تصدّر كندا إلى أمريكا أكثر من إجمالي تجارتها الداخلية بين الولايات الكندية. وقد بلغت قيمة التجارة بين الولايات الكندية في العام 2023 وحده قرابة 532 مليار دولار كندي (ما يعادل 368.8 مليار دولار أمريكي) حسب اطلاع بقش. وبنفس الوقت وصلت قيمة الصادرات الكندية لأمريكا إلى نحو 700 مليار دولار كندي (أي قرابة 485.3 مليار دولار أمريكي).
وقد تراجع مؤشر ثقة الشركات الصغيرة في كندا بنحو 60% خلال أشهر، وتشير تقارير اقتصادية إلى أنه حتى أدنى مستويات الأزمة المالية عام 2008 شهدت ثقة المستهلك أعلى بعشر نقاط عما هو عليه الآن.
كما تسبب ترامب في تراجع ثقة الشركات الصغيرة في كندا حالياً بوتيرة أسرع مما كانت عليه خلال عمليات الإغلاق في مارس 2020. إلى جانب ذلك، انخفضت ثقة المستهلكين في كندا -منذ بدء النزاع التجاري مع أمريكا- إلى 25 نقطة، وهو أدنى مستوى مسجل على الإطلاق.