
الاقتصاد المحلي | بقش
في انهيار تاريخي مثير للقلق، تجاوز سعر الصرف في مناطق حكومة عدن مستوى 2700 ريال للدولار الواحد، والريال السعودي أكثر من 700 ريال يمني، لأول مرة في تاريخ اليمن، مع غياب دور الحكومة والبنك المركزي اليمني في عدن، وتجاهلهما المشهد كلياً، تاركين المواطنين يواجهون مصيراً مظلماً بمفردهم نتيجة للسياسات الكارثية التي أثبتت الفشل الحكومي على مدى سنوات.
ويثير هذا الانهيار للعملة المحلية مخاوف كبيرة لدى المواطنين من انعكاس ذلك على أسعار السلع الغذائية والأساسية وكذلك الخدمات المتدهورة بالأساس، وبينما يستمر انهيار العملة، وتتجاهل الحكومة المطالب الشعبية، يتم قمع المواطنين الذين يحتجون في الشوارع ويعبرون عن رفضهم الكامل لانهيار العملة وتدهور الخدمات، عوضاً عن تفهم الإرادة الشعبية في تغيير الأوضاع ووضع الحلول من قِبل الجهات المعنية.
ويعتبر الارتفاع صاروخياً مقارنة بأواخر العام الماضي، ففي نهاية نوفمبر 2025 وصل سعر الدولار الواحد إلى 2070 ريالاً وفق متابعات بقش، مما دفع الحكومة إلى تقديم دعوات للمانحين الدوليين من أجل الدعم المالي العاجل لوقف انهيار العملة. وفي 27 ديسمبر أعلنت السعودية تقديم دعم مالي جديد إلى اليمن بقيمة 500 مليون دولار، لكن الريال اليمني واصل التدهور حتى وصل في منتصف يناير 2025 إلى نحو 2200 ريال.
وفي أحدث التقارير، حللت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التدهور الكارثي الحاصل في مناطق حكومة عدن، وقالت إن 4.95 مليون شخص في هذه المناطق يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الفترة (مايو – أغسطس 2025). واعتبر التقرير الذي اطلع عليه بقش أن هذا الوضع يُعزى بشكل رئيسي إلى الآثار المشتركة للصراع والتدهور الاقتصادي المستمر وارتفاع تكاليف الغذاء والوقود والفيضانات المتوقعة وتأخر موسم الزراعة والانخفاض الحاد في مساعدات الغذاء الطارئة.
مسؤولية الحكومة والبنك المركزي
في بيان حصل عليه بقش اليوم الأربعاء، أكدت نقابة الصرافين الجنوبيين على فشل حكومة عدن وبنك عدن المركزي في إدارة الاقتصاد، حيث لم يظهر أي دور فعال في السيطرة على السوق المصرفي بينما يعاني الاقتصاد من انهيار كارثي ومستمر دون أي تحسن يُذكر، مضيفة أن المسؤولية المباشرة عن هذا الوضع تقع على الحكومة والبنك المركزي، وأن اللوم المباشر يوجَّه إلى الحكومة والمركزي اللذين يكتفيان بالصمت إزاء هذه الأوضاع.
وعبَّر اقتصاديون عن الوضع بأنه يترجم فشلاً كارثياً للحكومة. وفي حديث لـ”بقش”، قال المحلل الاقتصادي أحمد الحمادي إن هذا الانهيار هو الأعمق والأكثر فداحة وخطورة منذ قامت الحكومة بنقل عمليات البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن عام 2016، وأكد الحمادي على وجود مخاطر من تواصل هذه الوتيرة من التدهور الذي قد يؤدي إلى مزيد من التضخم الاقتصادي واندلاع أزمة معيشية خانقة أخطر من أي وقت مضى.
وقال المحلل الاقتصادي رشيد الحداد إن ذلك سقوط لكل معاني المسؤولية لحكومة تقدم نفسها أمام العالم أنها شرعية، ولن يشعر أحد من مسؤولي حكومة عدن بالأضرار والآثار والمعاناة التي يواجهها ضحايا الفساد والفشل الاقتصادي في المحافظات الجنوبية، لأنهم لا يعترفون بالعملة اليمنية ويتعاملون بالعملة السعودية والدولار الأمريكي، ويتقاضون مرتباتهم بالعملة الصعبة.
ويرى الصحفي عبدالرحمن أنيس أن الريال ينهار بسرعة، بينما الشارع ينهار بصمت، مضيفاً أن كل رقم يرتفع ليس مجرد رقم، بل وجبة تُحذف، ودواء يُلغى، وأب ينكسر أمام أطفاله.
العملة المحلية التي تنحدر نحو الأسوأ لا تلوّح بأي مؤشرات إيجابية قريبة أو بعيدة، وتترك المواطنين يواجهون واقعهم الأكثر مرارة على الإطلاق، في حين لا يُعرف للحكومة موقف من الأزمة المتفاقمة حتى الآن.