الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

مئات المليارات تُنهب وجبايات باهظة تستنزف جيوب المواطنين.. القاطرات تعاني في الضالع ولحج

الاقتصاد اليمني | بقش

تُفرض مبالغ طائلة في طريق “الضالع” الذي يشهد عبور مئات القواطر يومياً، بمنطقة “سناح”، وتصل الرسوم والجبايات المفروضة إلى 400 ألف ريال على القاطرة الواحدة، في الوقت الذي يُستغرب فيه فرض هذه المبالغ دون أي عوائد تحسن من وضع المحافظة وخدماتها العامة.

وفقاً لتتبُّع “بقش” لهذا الملف، يمثّل فرض جباية قدرها 400 ألف ريال على القاطرة خروجاً عن القانون يؤثر ليس فقط على السائقين، بل على الاقتصاد المحلي والمستخدم النهائي للسلع، ويطالب الناشطون حالياً بوضع ضوابط حقيقية لمنع الاستغلال، وضمان حقوق النقل والتجارة ضمن إطار قانوني واضح.

الصحفي فتحي بن لزرق، رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، قال إن هناك عشرات بل مئات النقاط المشابهة في محافظات كثيرة: عدن، لحج، وأبين، وقطاع كبير من المحافظات الأخرى.

وأورد بن لزرق حساباً لما تجنيه النقطة، وقال: “نقطة واحدة فقط من هذه النقاط تورد ما يفوق 38 مليون ريال يومياً، 100 نقطة جبايات تورد في اليوم الواحد 3 مليارات و800 مليون ريال، قرابة 4 مليارات ريال باليوم، وليس بالشهر”، وأضاف: “كل هذه المليارات والناس بلا رواتب، بلا خدمات، بلا أي شيء، وحينما تسأل: لماذا الناس بلا رواتب؟
تأتي الإجابة الأغرب على الإطلاق: ما فيش موارد. هناك موارد، وموارد ضخمة، لكنها لا تذهب للدولة بل تذهب للجيوب” وفقاً لمنشور بن لزرق الذي اطلع عليه بقش على فيسبوك.

وفي منشور آخر حسب إيرادات نقاط الجبايات في عموم المحافظات، على افتراض انقسام النقاط إلى نقاط كبيرة (49 نقطة تحصل 38 مليون يومياً) ونقاط صغيرة (49 تحصل 15 مليون يومياً)، وقال: “إيرادات نقاط الجبايات (98 نقطة بين كبيرة وصغيرة) باليوم 2 مليار و597 مليون ريال، أي 77 مليار و910 مليون ريال شهرياً، وفي السنة 947 مليار و905 مليون ريال”.

شدد على أن هذه الأموال إذا ذهبت إلى خزينة الدولة فإنه يمكن صرف الرواتب الشهرية على النحو الآتي: “الجيش: 16 مليار ريال، الأمن: 10 مليار ريال، الموظفون الحكوميون: 10 مليار ريال، بمجموع 36 مليار ريال فقط شهرياً”. ويتبقى شهرياً 41 مليار و910 مليون ريال فائض، وفي السنة يتبقى 515 مليار و905 مليون ريال فائض، وهذا يعني إن الفساد ما ينهب الرواتب فقط، بل ينهب مستقبل الناس وخدماتهم وحياتهم، حد تعبير بن لزرق.

ويعلق الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي لـ”بقش” بالقول إنه قد يُسوَّق لهذه الجبايات أنها لتسهيل المرور أو تأمين الطريق أو نظير خدمات أمنية وغيرها، بينما الواقع يختلف كلياً، مضيفاً: “تغيب الرقابة والشفافية عن المشهد، فلا توجد جهة رسمية واضحة لانتزاع هذه الجبايات من المواطنين”.

ويلفت إلى أن فرض الجبايات الباهظة ينعكس على سعر نقل البضائع وبالتالي على أسعار السلع في الأسواق المحلية، فضلاً عن إمكانية تكبُّد السائقين لخسائر مالية، مع احتجاز القواطر في حال عدم الدفع.

ويقول الحمادي إنه حتى إذا استُخدمت هذه الجبايات لأغراض مفيدة مثل تحسين الطرق والأمن، فإنه يجب الإعلان عن ذلك رسمياً لوضع الناقلين والمواطنين والمجتمع المحلي في الصورة، مشيراً إلى أنه يجب إصدار قرارات رسمية تحدد أي رسوم أو ضريبة معقولة من جهة قانونية.

وقارن ناشطون فرض الجبايات في الضالع بجبايات أخرى تذهب لتحسين خدمات في محافظات مجاورة، مثل شبوة التي يتم فيها تحصيل رسوم تعادل 10% من هذه المبالغ، وتحوَّل إلى صندوق تنمية الخدمات، لصرف مبالغ للوحدات الأمنية، وتمويل تشغيل معظم المرافق الحكومية، وتغطية الموازنات التشغيلية والرواتب التعاقدية لمكاتب الوزارات والهيئات في شبوة.

تحذير المستثمرين

ونهاية الأسبوع الماضي، رفع عدد من المستثمرين ورجال الأعمال المستوردين شكاوى إلى الغرفة التجارية والصناعية في عدن، أعربوا فيها عن قلقهم من استحداث نقطة جمركية غير قانونية في منطقة سناح بمحافظة الضالع، وطالبوا الغرفة بمخاطبة رئيس مجلس الوزراء للتدخل الفوري ووقف هذه الإجراءات.

وحذر المستثمرون من الأضرار المحتملة على الحركة التجارية وإيرادات ميناء عدن، نتيجة قيام النقطة الجديدة بالتدقيق في الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية ومواد البناء وغيرها من البضائع المتجهة إلى المحافظات الشمالية، وفتح الحاويات بهدف تحصيل رسوم غير قانونية، مع منح “سند” باسم رسوم صندوق تنمية وتطوير محافظة الضالع.

الغرفة التجارية أكدت أن هذه الإجراءات تمثل تصعيداً خطيراً مقارنة بالممارسات السابقة، وقالت إن استحداث نقاط جمركية غير قانونية يهدد بشكل مباشر نشاط “ميناء عدن” وإيراداته الجمركية والضريبية، ويعرقل الحركة التجارية في المدينة، خاصة مع بدء عودة الملاحة بعد توقف دام نحو ثلاث سنوات.

جبايات في القبيطة بلحج

من ناحية أخرى، استُحدثت جبايات أيضاً في منطقة القبيطة بمحافظة لحج، ولكن بدون سند تحصيل كما في الضالع.

سائقو الشاحنات في المنطقة يشكون من فرض جبايات مالية غير قانونية يومياً من قبل نقاط عسكرية منتشرة في الطرق، مما ضاعف معاناة السائقين وسط الظروف الاقتصادية المتدهورة.

وحسب معلومات “بقش”، يُجبر السائقون على دفع مبالغ مالية بشكل مستمر عند مرورهم بالنقاط العسكرية في القبيطة، دون أي سند رسمي أو إيصالات، معتبرين أن ما يحدث هو ابتزاز صريح يحوّل الطرق العامة إلى مصدر استنزاف للسائقين والتجار.

وتنعكس الجبايات مباشرة على أجور النقل وترفع أسعار السلع والبضائع في الأسواق، ويشير السائقون إلى أن المواطن البسيط هو من يدفع الثمن في نهاية المطاف مع كل رحلة نقل، مطالبين السلطات المحلية والأمنية والعسكرية في لحج بالتدخل السريع لوضع حد لهذه الممارسات غير القانونية التي تهدد حركة النقل والتجارة بين المحافظات.

بشكل عام تُعتبر الجبايات المفروضة على القواطر والنقل التجاري في المحافظات أحد أبرز مظاهر اقتصاد الحرب والفوضى الإدارية التي تنخر جسد الدولة وتعمّق أزماتها الاقتصادية والمعيشية، إذ لم تَعُد هذه الجبايات تقتصر على مناطق بعينها، بل تحولت إلى شبه ظاهرة تفرضها جهات متعددة متى ما أرادت، باسم “الرسوم” أو “الدعم” أو “الخدمات الأمنية”، بينما تمثّل في واقع الأمر استنزافاً مباشراً لجيوب المواطنين والتجار والسائقين.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش