من “سيجنال” إلى صنع القرار: الكونغرس يستجوب الأساس القانوني للضربات الأمريكية في اليمن

في تطور لافت يمزج بين تساؤلات حول الشفافية الأمنية وقلق متزايد إزاء تصاعد العمليات العسكرية، يواجه البيت الأبيض ضغوطاً متزايدة من أعضاء الكونغرس التقدميين بشأن الأساس القانوني للضربات التي تنفذها القوات الأمريكية في اليمن.
هذه المطالبات تأتي في أعقاب كشف مجلة “بوليتيكو” عن تفاصيل مثيرة للجدل حول محادثات جرت عبر تطبيق “سيجنال” بين مسؤولين في الإدارة الأمريكية تتعلق بالتخطيط لهذه الضربات، الأمر الذي أثار انتقادات حادة بشأن أمن المعلومات الحساسة المتداولة.
تجاوز فضيحة “سيجنال” نحو مساءلة حول شرعية العمليات العسكرية
لم يعد انتقاد التقدميين في الكونغرس مقتصراً على الجدل الدائر حول استخدام تطبيق “سيجنال” في مناقشة خطط عسكرية حساسة. ففي خطوة تصعيدية، طالب هؤلاء المشرعون إدارة الرئيس ترامب بتقديم تبرير قانوني واضح للغارات التي أسفرت عن سقوط ضحايا في اليمن.
وقد عقد رئيس التجمع التقدمي في الكونغرس، النائب “جريج كاسار”، إلى جانب النائبين خيسوس “تشوي” غارسيا وبراميلا جايابال، مؤتمراً صحفياً أكدوا فيه على ضرورة امتثال الإدارة لقانون سلطات الحرب لعام 1973، الذي يهدف إلى وضع قيود على سلطة الرئيس في إرسال قوات عسكرية إلى الخارج دون موافقة الكونغرس.
رسالة حازمة تتحدى سلطة الرئيس وتستدعي الدستور
في رسالة وجهت إلى البيت الأبيض، نشرها موقع “The Intercept” واطلع عليها مرصد بقش، أعرب التقدميون عن قلقهم العميق إزاء العمليات العسكرية الجارية في اليمن، مؤكدين على أن مجرد المخاوف بشأن الأمن البحري في البحر الأحمر لا يمكن أن يبرر استخدام القوة العسكرية دون تفويض واضح من الكونغرس.
وقد جاء في نص الرسالة التي قادتها النائبة براميلا جايابال ووقع عليها ثلاثون عضواً آخر: “بينما نشارك المخاوف بشأن الأمن البحري في البحر الأحمر، فإننا ندعو إدارتكم إلى التوقف الفوري عن الاستخدام غير المصرح به للقوة العسكرية، وبدلاً من ذلك السعي للحصول على تفويض قانوني محدد من الكونغرس قبل إشراك الولايات المتحدة في صراع غير دستوري في الشرق الأوسط، مما يهدد بتعريض الأفراد العسكريين الأمريكيين للخطر في المنطقة والتصعيد إلى حرب لتغيير النظام”.
تساؤلات حول الشفافية الأمنية تتصاعد مع الكشف عن محادثات “سيجنال”
في سياق متصل، ألقت فضيحة استخدام تطبيق “سيجنال” الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن تعامل الإدارة مع المعلومات الحساسة المتعلقة بالعمليات العسكرية.
فبينما لم يتم الكشف عن طبيعة المعلومات التي تم تبادلها عبر التطبيق بشكل كامل، إلا أن حقيقة مناقشة خطط لضربات في بلد يعاني من أزمة إنسانية حادة عبر قناة اتصال غير رسمية أثارت تساؤلات حول مدى الالتزام بالإجراءات الأمنية المناسبة في مثل هذه القرارات الحساسة.
وقد تجاوز التقدميون في انتقاداتهم مجرد الإشارة إلى هذه الفضيحة، ليطالبوا بمساءلة حقيقية حول الأساس القانوني والأخلاقي لهذه العمليات.
تحديات سياسية وقانونية في ظل انقسام الكونغرس
يواجه الديمقراطيون صعوبات جمة في مساعيهم للحد من سلطة الرئيس في شن عمليات عسكرية في اليمن، خاصة في ظل سيطرة الجمهوريين على الكونغرس.
فاحتمالات تفعيل قانون سلطات الحرب لعام 1973 تبدو ضئيلة ما لم يحدث تحول كبير في المواقف داخل الحزب الجمهوري. ومع ذلك، فإن إصرار التقدميين على طرح هذه القضية للنقاش العام يمثل محاولة لتغيير النهج المتبع تجاه التدخلات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وربما يضع الأساس لتحركات مستقبلية تهدف إلى إعادة تأكيد سلطة الكونغرس في قضايا الحرب والسلام.
مطالبة أعضاء الكونغرس التقدميين بإجابات واضحة حول الأساس القانوني للضربات في اليمن، والتي تتزامن مع الكشف عن تفاصيل محادثات “سيجنال” المثيرة للجدل، تعكس قلقاً متزايداً داخل المؤسسة التشريعية إزاء التوسع المستمر في العمليات العسكرية الأمريكية في الخارج دون تفويض واضح.