
تضرب غزة عاصفة من التجويع والتعطيش المتعمد بحق سكان القطاع المحاصر، في حين تدعم الولايات المتحدة الحظر الإسرائيلي على عمل وكالة “الأونروا” في القطاع وإدخال مساعداتها.
فقد قالت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء في جلسة استماع بمحكمة العدل الدولية في لاهاي إنه لا يمكن إجبار إسرائيل على السماح لوكالة الأونروا بالعمل في غزة، وأشار المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية “جوشوا سيمونز” إلى أن سلطة الاحتلال تحتفظ بهامش تقدير فيما يتعلق بخطط الإغاثة المسموح بها.
وأضاف حسب اطلاع بقش: “وحتى لو كانت المنظمة التي تقدم الإغاثة منظمةً إنسانيةً محايدة، وحتى لو كانت جهة فاعلة رئيسية، فإن قانون الاحتلال لا يجبر السلطة المهيمنة على السماح بعمليات الإغاثة التي تقوم بها تلك الجهة الفاعلة المحددة وتسهيلها”.
وتتحاشى الولايات المتحدة التحدث عن مأساة الجوع الطاحنة التي تجتاح قطاع غزة، فضلاً عن قصف المدنيين، مكتفيةً بالتبرير للمزاعم الإسرائيلية بشأن ضلوع الأونروا في عمليات عسكرية ضد إسرائيل. ويأتي ذلك في إطار المساعي الإسرائيلية والأمريكية لتصفية وجود وكالة “الأونروا” التي تغطي إغاثة الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني بغزة و الضفة الغربية و القدس، و الأردن و لبنان.
وكان ممثلو الأمم المتحدة والفلسطينيون قد اتهموا إسرائيل في افتتاح جلسات الاستماع يوم الإثنين بانتهاك القانون الدولي برفضها السماح بدخول المساعدات إلى غزة وفق متابعات بقش، في حين ترى واشنطن أن هناك مخاوف جدية تشعر بها إسرائيل بشأن “نزاهة الأونروا”.
وأمس الثلاثاء قال مفوض الأونروا “فيليب لازاريني” إن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من 50 موظفاً منذ بدء الحرب على غزة بينهم معلمون وأطباء، مؤكداً أن العديد منهم أُجبروا على تقديم اعترافات قسرية تحت الضغط، وداعياً إلى إجراء تحقيق دولي.
غزة تموت جوعاً
ثمة آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية جاهزة لدخول غزة، لكن إغلاق المعابر من قبل سلطات الاحتلال يمنع ذلك، مما تسبب في أضرار كبيرة في الإمدادات وسط أزمة الجوع المتفاقمة. وهناك نحو 3 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات تنتظر الدخول، في حين لم يعمل المجتمع الدولي على أي تحرك لإدخالها.
ولليوم الـ60 على التوالي، يستمر الاحتلال في حصاره وتجويعه الممنهج بحق سكان القطاع، بينهم أكثر من مليون طفل من مختلف الأعمار يعانون من الجوع يومياً، وهو انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية لا ينال حقه من أي تحرك دولي على أرض الواقع.
وفي أحدث المستجدات تصدّر وسم “غزة تموت جوعا” وسائل التواصل الاجتماعي، وتداول الناشطون صوراً ومقاطع فيديو تُظهر أطفالاً ونساء وكباراً وهم يتزاحمون على أبواب الجمعيات الخيرية بحثاً عن بقايا طعام تسد رمقهم، في حين تبقى هذه المعاناة مجرد أرقام وتقارير بالنسبة للعالم.
وبينما لم تدخل حبة قمح واحدة إلى غزة منذ ستين يوماً، نفد مخزون برنامج الأغذية العالمي من الغذاء ولم يعد لديه ما يوزعه في القطاع وفقاً لإعلان البرنامج نفسه. وهو ما يزيد الوضع سوءاً، بل ويحوّل الوضع إلى الأسوأ منذ أن بدأت الحرب قبل 18 شهراً.
وتم تداول صورتين لطفلة فلسطينية رضيعة ولدت خلال الحرب، هي “سوار عاشور” التي لم تكمل شهرها الخامس، والصورة الأولى تظهر فيها الطفلة طبيعية، في حين تظهر في الصورة الثانية وهي هيكل عظمي أكلت منها المجاعة وشربت.
وليس الأطفال فقط الذين يتضورون جوعاً، ويموتون من الجوع، بل إن الأزمة تشمل كل الفئات العمرية وفق متابعات بقش، إذ يسقط الرجل على الأرض متأثراً بجوعه، وتلد النساء دون تغذية، ويموت الشيوخ من الجوع أيضاً، وتظهر الأمارات الواضحة للجوع على وجوه الفلسطينيين وأجسادهم.
ويمثّل الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة صرخة مدوية لا تلقى صداها بالشكل المطلوب، إذ لا وجود لأية مؤشرات على دخول قريب للمساعدات الإنسانية إلى غزة، بسبب وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب إسرائيل في قرار منعها لدخول المساعدات منذ 02 مارس الماضي.