مجلس الذهب العالمي: المعدن النفيس يتجه لتحقيق مكاسب تاريخية بنسبة 40% بنهاية 2025

الاقتصاد العالمي | بقش
يتوقع مجلس الذهب العالمي أن يواصل الذهب أداءه الاستثنائي خلال النصف الثاني من عام 2025، وسط تفاقم التوترات الاقتصادية العالمية وتصاعد حالة عدم اليقين في الأسواق المالية.
ووفقاً لتقرير صدر عن المجلس في يوليو الجاري واطلع عليه بقش فإن تدهور النمو الاقتصادي وارتفاع مستويات المخاطر قد يدفعان أسعار الذهب إلى تسجيل ارتفاعات إضافية تصل إلى 15% خلال الأشهر المتبقية من العام، ما يرفع إجمالي مكاسبه السنوية إلى حدود 40%.
وقد أنهى الذهب النصف الأول من عام 2025 على مكاسب قوية بلغت 26% مقابل الدولار الأمريكي، متفوقاً بذلك على جميع فئات الأصول الرئيسية، بما في ذلك الأسهم والسندات والعقارات والسلع الأخرى.
وسجّل المعدن النفيس خلال تلك الفترة 26 قمة سعرية تاريخية جديدة، في ظل تنامي الطلب الاستثماري عليه من قبل الأفراد والمؤسسات، مع توجه المستثمرين للبحث عن أدوات تحوط فعالة تحميهم من اضطرابات الأسواق.
وبحسب متابعات بقش، يعزو التقرير هذا الأداء اللافت إلى عدة عوامل، من أبرزها ضعف الدولار الأمريكي واستقرار العوائد الحقيقية على أدوات الدين، بالإضافة إلى تنامي المخاطر الجيوسياسية، خصوصاً في ظل حالة عدم الاستقرار المرتبطة بالتجارة العالمية والسياسات النقدية الكبرى.
ارتفاع في استثمارات الذهب وتوسع في الأصول المدارة
شهدت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب تدفقات قوية خلال النصف الأول من العام، ما رفع إجمالي الأصول المُدارة لديها إلى نحو 383 مليار دولار، بزيادة تبلغ 41% منذ بداية 2025.
كما ارتفعت حيازات الذهب لدى هذه الصناديق إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2022، في وقت يبحث فيه المستثمرون المؤسسيون عن بدائل آمنة لأصولهم وسط مشهد مالي مضطرب.
ثلاثة سيناريوهات تقود النصف الثاني
يرى مجلس الذهب العالمي أن مستقبل أسعار الذهب في النصف الثاني من العام مرتبط بثلاثة سيناريوهات رئيسية: الأول، وهو السيناريو المرجّح، يشير إلى أن الاقتصاد العالمي سيواصل النمو دون المستويات الطبيعية، في ظل تضخم يتجاوز حاجز 5% عالمياً، مع استمرار تأثير الرسوم الجمركية.
ويتوقع في هذا الإطار أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس قبل نهاية العام، مما قد يساهم في زيادة طفيفة بأسعار الذهب تتراوح بين 0% و5%، لترتفع العوائد السنوية إلى ما بين 25% و30%.
الثاني، وهو السيناريو التصعيدي، يفترض دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود، أو تعرضه لحالة من الركود التضخمي الحاد. ووفقاً للتقرير، فإن مثل هذه الظروف قد تدفع الذهب إلى تحقيق قفزة كبيرة تصل إلى 15% في النصف الثاني وحده.
ويستند هذا التقدير إلى احتمال تراجع الدولار بشكل حاد، وخفض الفائدة بشكل أعمق، بالإضافة إلى استمرار مشتريات البنوك المركزية للذهب على نطاق واسع، لا سيما مع سعيها لتنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار الأمريكي.
أما السيناريو الثالث، فيستعرض احتمالاً معاكساً يتمثل في تراجع أسعار الذهب بشكل ملحوظ، إذا ما حدثت انفراجات غير متوقعة على صعيد النزاعات التجارية والجيوسياسية، مع عودة شهية المخاطرة للأسواق.
وإذا تحقق مثل هذا السيناريو، فإن الذهب قد يفقد بين 12% و17% من قيمته في النصف الثاني، مدفوعاً بتخارج المستثمرين من صناديق الذهب، وتحسن عوائد السندات، وتوجه الأموال إلى الأصول عالية المخاطر.
ورغم احتمالات التراجع الموضحة أعلاه، يشير التقرير إلى أن الذهب لا يزال يحظى بدعم هيكلي طويل الأجل، بفضل دخول مستثمرين مؤسسيين جدد إلى السوق، من بينهم شركات تأمين كبرى في الصين.
كما يعزز هذا الدعم التراجع المتواصل في الثقة بأدوات الدين الأمريكية طويلة الأجل، ما يدفع المزيد من المؤسسات إلى إعادة هيكلة محافظها الاستثمارية لصالح الذهب.
ويتوقع أن تواصل البنوك المركزية حول العالم شراء الذهب خلال الفترة المقبلة، وإن كانت الوتيرة قد تكون أبطأ مقارنة بعام 2024، وفقاً لتحليل المجلس.
يختتم التقرير بالتأكيد على أن الذهب، بفضل خصائصه كمخزن للقيمة وملاذ استثماري، يُعد من الأصول القليلة القادرة على الجمع بين الاستخدام الاستراتيجي والتحرك التكتيكي ضمن المحافظ الاستثمارية، لا سيما في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي.
كما يشير إلى أن المسار الدقيق للذهب حتى نهاية 2025 سيبقى مرهوناً بتطورات السياسة النقدية الأمريكية، والتوازنات الجيوسياسية، فضلاً عن الأداء الاقتصادي للولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى.